زهور السعيدي
شجار وعراك بالأيدي والألسن يعقبه ضحك ومزاح كل ذلك من اجل “سيجارة” يجود بها احدهم إلى أصدقائه الذين لم يتفقوا على من يدخنها أولا.. وفي الوقت الذي يحاول الكثير من المدخنين الإقلاع عن التدخين يشرع العديد من الأطفال للانخراط في السجائر والدخول إلى عالم المدخنين حيث يعتبر تدخين الأطفال الخطوة الأولى للاندفاع نحو طريق المخدرات كما شوهدت العديد من العواقب الصحية الضارة قصيرة الأمد للتدخين على الأطفال ولم تعد هذه المشكلة مقتصرة على البالغين فقط بل إن هناك الكثير من الأطفال أصبحوا مدمني تدخين التبغ … آثار التدخين وأسباب التحاق الشباب به وغيرها من التفاصيل تجدونها في السياق التالي:
يقول الطفل “مراد” 11سنة انه يدخن السجائر منذ حوالي سنتين تقريبا ويقول انه يشعر عندما يدخنها بأنه رجل وانه يشبه أبطال المسلسلات.
أما عبدالقادر 13 سنة فيقول : كنت دائما أتضايق من رائحة السجائر عندما اجلس بالقرب من أبي وإخوتي وهم يدخنون ولكن شيئا فشيئا أصبح شم رائحتها يعجبني وأدمنت على رائحتها وكنت اسرق بين الحين والآخر سيجارة من والدي وأجربها إلى أن أصبحت الآن مدمناً عليها ولا استطيع تركها.
كذلك يقول الطفل جمال: انه كان يجرب شرب السجائر فقط للفضول وحب الاستكشاف.
أما عبدالله البالغ 12عاما فيقول : لقد كانت أمي شديدة الحرص علينا وكانت تحذرنا دوما من السجائر والقات ولكن عندما بدأت بالعمل في المحوات “مكان بيع السمك بالحديدة” تعرفت على أصدقاء جميعهم يدخنون وكانوا جميعا يجلسون بعد العمل صباحا ويدخنون السجائر وقد جربت مرات معهم إلى أن أدمنت عليها ولا استطيع العمل الآن إلا بعد أن أدخن سيجارتين على الأقل وجميع من حولي هنا يدخنون صغاراً وكباراً وكثيرا ما تجد هنا العديد من الأطفال دون سن الثامنة يدخنون أمام الجميع بل انه من المظاهر المألوفة هنا .
بعيدا عن الأهل
أكدت العديد من الأمهات أنهن لا يعلمن متى بدأ أطفالهن بالتدخين بل قد تصطدم بعض الأمهات بأن طفلها يمسك بسيجارة وعندها تبرحه ضربا ويحلف لها بأن لا يعاود التدخين …
تقول شيماء حسين: انها نظرت ذات مرة من نافذة غرفتها المطلة على أحد الاحواش المهجورة فوجدت ابناءها الثلاثة والذين يبلغ أكبرهم الحادية عشرة من العمر يدخنون حيث يمسك الكبير بسيجارة والصغار معهم أخرى يتبادلونها بينهم.
وتضيف شيماء : هوت بي الدنيا عندما رأيت ذلك المنظر وضربتهم ضربا مبرحا وعندها اعترفوا لي بأن أخوهم الأكبر أعطاهم السيجارة عندما اكتشفوا بأنه يدخن حتى لا يفضحوا أمره .
سميرة عبدالله مدرسة تقول: ان تدخين الأهل في المنزل يعتبر السبب الرئيسي لتدخين الصغار حيث يحاول الطفل تقليد والديه وبالذات عندما تصبح السجائر جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للأسرة، كما أن الأطفال الذين يتوجهون للمدارس يحصلون على مصروف من أهاليهم وهكذا ينفق الأطفال المدخنون مصروفهم على شراء السجائر ويظلون بدون مأكل أو مشرب وتصيبهم العديد من الاوبئة جراء ذلك .
التدخين وادمانه
تشير الدراسات الحديثة إلى أن معظم الأطفال المدخنين ينتمون إلى اسر مدخنة أو آباء مدخنين حيث ان تعايش الأطفال مع “ المدخنين “ يؤدي إلى إدمانهم وحبهم لتجريب التدخين وادمانه.
وحسب تقارير اليونيسف فإن هناك 150 مليون من اليافعين يدخنون فيما أكد التقرير الاممي أن الاستعداد للمخاطرة التي ترتبط باحتياج نفسي لاكتشاف الحدود كجزء من تطوير الهوية الفردية يقود العديد من اليافعين لتجربة التبغ والكحول وعقاقير أخرى تسبب الإدمان دون فهم كاف للأضرار المحتملة على الصحة أو العواقب الأخرى بعيدة المدى للإدمان مثل الانخراط في الجريمة لدفع ثمن هذه العادة وأشارت إلى ان أكثر أنواع الإدمان شيوعا هو تدخين السجائر.
وتشير التقارير إلى أن نصف اليافعين المدخنين البالغ عددهم 150 مليوناً الذين يستمرون في التدخين سيموتون في نهاية المطاف بأحد الأسباب المتعلقة بالتبغ وسلوكيات المخاطر غالبا ما تكون متداخلة .
أسباب التدخين
الأخصائية النفسية الدكتورة وردة وهيب تقول : ان هناك العديد من الأسباب وراء انجرار الطفل نحو التدخين يأتي أولها “ عدم التوعية من الأسرة ومن الأم بمخاطر التدخين “ وأيضا عدم متابعة الطفل من قبل الوالدين كما أن في البيئة اليمنية نوعا من جفاف المشاعر بين الابن ووالديه حيث تجد علاقة التأزم والتفاعل في أوجها بينهم وخاصة في مرحلة المراهقة فيعتقد المراهق أن التدخين يعطيه نوعا من الاستقلالية والرجولة خاصة من كانوا يعيشون ضغوطات نفسية ومشاكل اجتماعية.
وتضيف وهيب : أحيانا يتجه الطفل إلى التدخين نتيجة لضغوط الأهل وحزمهم وعدم وجود علاقة ألفة ومحبة وصداقة بينهم كما ان لوسائل الإعلام دوراً مهماً في التوعية بمخاطرها وأيضا لها دور سلبي عندما تروج لها في الإعلانات أيضا فإن للأصدقاء دوراً كبيراً في الترويج للسجائر بين أقرانهم وعادة ما يدخنون مع بعضهم خارج المنازل كما أن الأطفال في الشوارع يختلطون بالجميع بما فيهم قرناء السوء ويكتسبون العديد من الممارسات السلبية وخاصة عندما لا تكون هناك رقابة من الأهل.
المعالجات والحلول
الدكتورة ليلى احمد العوامي أخصائية طب الأطفال تقول : ان التدخين خطير جدا على الكبار وعلى الصغار تشتد خطورته حيث ان الطفل في هذه المرحلة يكون في طور النمو فتتداخل المواد الكيميائية السامة التي تحتويها السيجارة إلى جسم الصغير وتلوث له الدم وكثيرا ما يصاب بالسرطان أو يموت في مرحلة مبكرة ويقع على المسؤولين عن الطفل أو الأم ان تراقب تصرفات ابنها ورائحة فمه فإذا لاحظت تهيجاً في الحلق وكثرة في السعال وصفرة في الأسنان فستجد في هذه الحالة ان طفلها يدخن حيث أن للتدخين العديد من الآثار الظاهرة على الطفل فيبدو الطفل شاحبا كسلا شديد التعب والإرهاق كثير المرض والسعال.
وتضيف العوامي : لا بد من أعطاء الطفل معلومات عن جميع الأشياء السلبية من حوله وبالذات عن التدخين وتعريف الطفل بأن التدخين يؤدي إلى الوفاة وهناك بعض الأمهات اللواتي يقلن إنهن يثقن بأطفالهن ولا يمكن أن يمارسوا هذه العادة ولكن تكتشف الأم فيما بعد بأن طفلها قد أدمن التدخين وقد يرجع ذلك إلى قلة الوعي بمخاطر التدخين وعلى الأم في هذه الحالة أن لا تقسو على ابنها وتبالغ في ضربه فإن ذلك لا يجدي نفعا بل عليها مراقبة تصرفاته ويجب عليها أن تزرع في أطفالها الوازع الديني والسلوكيات الحسنة وتنبيههم بمخاطر التدخين ومضاره الصحية وزرع ثقة الطفل بنفسه وإبداء النصح له في كل وقت .