على الهامش
سارة المقطري
انعقدت مؤخرا أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تأسست بموجب ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945م ومن شأنها اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وإنسانية وأخرى اجتماعية , لما لها من اثر على حياة البشر في جميع انحاء العالم أو (هكذا يرد في ديباجتها).
أيضا هذه المرة 72 للانعقاد و سبقتها 71 دورة منذ تأسيسها أي ما يعادل مرة كل عامهما يفترض أن تكون قد أسهمت في إيجاد حلول لبعض القضايا والصراعات الدائرة في المنطقة وفقا لمبادئها لكن بين المفترض والواقع فارقاً كبيراً.
المميز وربما المختلف في دورة هذا العام بعض التفاصيل نوجزها في الأسطر التالية :
– حضور الأمين العام للأمم المتحد انطونيو جوتيرس الذي نكاد نلاحظ قلة نشاطه, منذ تعيينه في الأول من يناير , حيث تخلو الساحة الأممية من حضوره عدا بعض الصريحات العامة التي لا ترقى لمستوى تلك المؤسسة الأممية , على الرغم من اكتظاظ القضايا العالمية واستمرار الصراعات سواء عربيا أو عالميا , وهذا يضعنا أمام احتمالين: إما أن السيد جوتيرس اختصر الطريق على المؤسسة الأممية (وهو الذي عمل معها سابق الفترة طويلة )ويدرك حقيقة هذه المنظمة وعجزها عن القيام بدور مؤثر في إنهاء الصراعات ( وهذا ما نرجحه ) .والاحتمال الآخر انه ينتظر أن تنضج الملفات وتستوي على نار هادئة , ويتابع بصمت لعبة ( عض الأصابع ) ليقف مع من سيحتفظ بأصابعه في نهابة المطاف , خاصة أن الولايات المتحدة اليوم (المتحكمة بالقرار الاممي ) تترنح في ظل وجود ترامب وحضوره السطحي والاستعراضي والذي وصفه الرئيس روحاني سابقا بالسياسي المبتدئ.
– فيما يتعلق بتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني والتي كانت شديدة اللهجة تجاه الاتفاق النووي فهي العلامة الفارقة التي أثارت ضجة واسعة , وربما ستتمحور حولها الأحداث حتى بعد انتهاء أعمال الجمعية, وما تهديدات ترامب إلا شكل جديد من أشكال ( المراهقة) التي يمارسها الأخير مع إيران وهي التي تملك برنامجاً نووياً متكاملاً يشمل مناجم يورانيوم ومفاعلات أبحاث ومرافق معالجة اليورانيوم وغيرها .
– اللافت في هذه الدورة ما يحدث على هامشها فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وفي (غزل) واضح مع الكيان الصهيون سواء في الكلمة التي القها أمام الجمعية أو على هامشها واللقاء المليء بالود الذي جمعه بنتنياهو ,هذا التناغم لا يبعث إلا على التأكيد أن الحضور الصهيوني سيكون حاضرا وبقوة وكما قال احد المغردين المصريين على موقع توتير( كلام السيسي حسسنا أن الفلسطينيين هم اللي احتلوا إسرائيل مش العكس ). كما أن تصريحات ملك البحرين حمد بن خليفة الثاني واستنكاره لمقاطعة العرب إسرائيل وإعلان نيته التطبيع مع العدو الغاصب علامة أخرى على ذلك .
وهنا نقول فيما يتعلق بالقضايا الأكثر إلحاحا وأهمية مما سبق مثل سوريا واليمن والعراق وليبيا أو حتى بورما فهي هامشية على الأقل من وجهة نظر زعماء العالم، بالكاد يتذكرونها وبطبيعة الحال هي قضايا لا تهم كثيرا الأمم المتحدة فاليمن مثلا تولى رئيس منتهية ولايته ويعيش في الرياض وليس لديه حضور شعبي ولا يملك حتى من امره سوى الملابس التي يرتديها, تولى الحديث عن خلافات السعودية مع إيران وعظيم شكرة وامتنانه للدول التي اعتدت على اليمن وفتحت له فنادقها ليعيش فيها وتتولي هي القتل والتدمير.
أما الـ26 مليون يمني الذين يعيشون تحت أزيز طائرات معتدية فلا يعرف عنهم شيئاً , ولم يذكرهم أصلا , والـ700 ألف شخص ضحايا الكوليرا وحالات المجاعة فليسوا من أولوياته.
سوريا التي زج بها في أتون الإرهاب من قبل أمريكا وحلفائها فليست بحاجة إلى الأمم المتحدة لأن لها أسداً يحميها .
أما العراق فاعتقد أن فتح موضوع انفصال الأكراد هو الورقة الجديدة التي سيتم استخدامها بعد القضاء على داعش في معظم المدن العراقية .
الرئيس بوتن غاب عن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وهذا دليل آخر على أن الأمم المتحدة أصبحت هامشية ولم تعد علامة فارقة في اتخاذ أي إجراءات سياسيه أو حتى إنسانية , وباتت المصالح هي من تحركها وتحرك الحكام …. إلا من رحم الله .