قرار العفو العام بين حقيقة القرار .. وموقف المرتزقة منه ..!!

 

 

محمد أحمد الحاكم

مضت عشرة أشهر تقريباً على صدور قرار العفو العام حتى اليوم , ونظراً إلى أن مكنون هذا القرار قد عني بالدرجة الأولى بكيفية معالجة حال إحدى الشرائح الشعبية اليمنية والتي تمثلت على وجه الخصوص في من باعت نفسها وضمائرها بثمن بخس لقوى العدوان وأذياله , معالجة لم يكن لها مجال آخر سوى أن تفتح أمام مثل هؤلاء المغفلين أبواب التوبة والإستغفار والإنابة , بعد ان منحتهم الفرصة التي قلما نجد عظماء من هذا الزمن ليقدموها لمثل هؤلاء الخونة والمرتزقة.
فرصة لم تكن لتأتي لولا جمالية ما يمتلكه هذا الشعب اليمني المعطاء من روحية لا نظير لها في الود والحب والتسامح مع بعضهم البعض , ولتؤكد من جديد بأن حقيقة الإرادة التي يؤمن بها هذا الشعب وينشد بها في حاضره ومستقبله تكمن في حقيقة واحدة فقط وهي تحقيق وحدة الصف والترابط والتلاحم فيما بين أبناء هذا الشعب اليمني مهما اختلفت انتماءاتهم ومكوناتهم , وبأن مصداقية تلك الإرادة تكمن في التسامح والتآخي بعد أن يتم استعادة كل من غرر به من أبناء هذه الأمة الجليلة إلى حضن هذا الوطن , محققين بذلك الأمان والسلام بين أبناء ربوع هذا الوطن الكبير , وبما يتيح لكل هؤلاء الأبناء حق المشاركة بصورة جماعية لا نظير لها في إعادة صياغة وبناء هذا الوطن أرضاً وإنسانا .
لقد حمل الشرفاء من أبناء هذا الوطن من خلال مضمون هذا القرار الكثير من القيم والمعاني الإنسانية والأخلاقية التي يصعب على أي امرئ آخر في هذا الزمن من أن يحدثها على أرض الواقع خاصة إذا كان عانى الكثير والكثير من صنوف الظلم والقهر والاستبداد , لذا نجدهم وقد تعالت أنفسهم على نسيان كل الجراحات التي مازالت تدمى بالدماء الزكية لأبناء هذا الوطن الكبير بذاته وكيانه , لعل وعسى أن يحقق هذا التعالي والنسيان منتهى آمالهم وتطلعاتهم في إعادة توحيد الصف والوحدة بين أبناء هذه الأمة من جديد دونما قيد أو شرط , فكان من تلك القيم والمعاني ما يلي :
* إن هذا القرار أتى في غضون شهر ونصف تقريباً من تاريخ قيام المجلس السياسي الأعلى , وبالتالي اعتبر هذا القرار من أهم وأبرز القرارات التي أتخذها هذا المجلس منذ قيامه , إذ أنه أتى ليجسد مستوى الانسجام الروحي والفكري المختلجة حقيقتها في وجدان وعقول قيادات المكونات والأحزاب المناهضة للعدوان وعلى رأسها قيادة مكون أنصار الله , وكذا قيادة المؤتمر الشعبي العام , بالإضافة إلى كل الأحزاب والمكونات الأخرى الواقفة إلى جانبهما.
* إن هذا القرار قد عكس مستوى الرغبة الجامحة التي تمتلكها السلطة الرسمية ممثلة في المجلس السياسي الأعلى وكل اللجان الرسمية والفرعية المعنية بتنفيذ قرار العفو العام وذلك في إنفاذ وإنجاح هذا القرار بشتى الوسائل والسبل , رغبة عكست مستوى ما يملكونه من روحية وطنية عظيمة وإستشعار منقطع النظير بكنه حقيقة ما سيحققه هذا القرار عند تنفيذه من أثر إيجابي لا حدود له , يصب في مصلحة كل الأطراف المستفيدة من هذا القرار وإلى جانبهم السلطة الرسمية في هذه الدولة ومعها الشعب بأكمله , وما يؤكد على حقيقة تلك الرغبة أنها قد تجلت في فترة التمديد التي تم إقرارها من قبل المجلس السياسي الأعلى للمشمولين في هذا القرار ولمدة شهرين إضافيين من بعد انتهاء الفترة الأصلية الأولى .
* استطاع هذا القرار أن يعكس مستوى التفاعل الإيجابي الذي تحقق بين مختلف الأطراف السياسية والحزبية والمجتمعية والأمنية المعنية على المستويين الرئيسي والفرعي في تنفيذ هذا القرار .
* استطاعت اللجنة الرئيسية المعنية بتنفيذ هذا القرار وإلى جانبها اللجان الفرعية المشكلة في كل المحافظات اليمنية ووفق الآلية التنفيذية الخاصة بهذا القرار , استطاعت أن تثبت لمن شملهم قرار العفو حسب مضمون مادته الأولى مصداقية ورؤية هذا القرار الذي أصدر من أجلهم , والذي عكس بجلاء حُسن النوايا التي تمتلكها القيادة السياسية في الدولة وإلى جانبها كل القيادات الوطنية الحرة , ذلك من خلال ما قامت به اللجنة وفي فترة وجيزة من استقطاب وإطلاق سراح العديد من المسجونين والذي بلغ أكثر من ألف شخص تقريباً الى حد هذه الفترة , والتي لم يتبق أمام من عناهم هذا القرار سوى التفاعل الإيجابي مع هذا القرار وبصورة تجنبهم تفويت الفرصة وعدم الاستفادة من هذا القرار , حتى ولو ظهرت هناك العديد من العراقيل والصعوبات والتهديدات التي يواجهونها سواءً كان من قبل قوى العدوان السعودي أو مرتزقته .
ورغم كل تلك التوجهات التي سار عليها أولئك الشرفاء من أبناء هذا الوطن بغية أن يحققوا بعض أو كل تطلعاتهم وآمالهم , نجد بأن مثل اولئك الخونة والمرتزقة يرفضون كل مساعي الخير والسلام , ذلك أنهم ما زالوا يعمدون إلى ما يلي :-
– تجاهل الكثير ممن انضموا في صفوف العدوان من الخونة والمرتزقة , لهذا القرار بصورة أكثر مما يتخيله أي شخص , وعدم الإكتراث لحقيقة ما سيشكله هذا القرار بالنسبة لهم من طوق نجاة مؤكدة في أن تنجيهم من كوارث محدقة بهم , ستستهدفهم لاحقاً بصورة مباشرة دون غيرهم , رغم كل ما قدم في هذا القرار من تطمينات وضمانات وعهود ومواثيق تكف عنهم الخطاب وعدم التعرض لهم مستقبلاً .
– رغم ما يمر به الكثيرون ممن هربوا إلى أحضان أسيادهم الأعداء بعد أن امتهنوا الخيانة والارتزاق , من ظروف معيشية ونفسية صعبة جداً , كنتيجة ما فرضه عليهم أسيادهم من قيود مالية وأمنية وإرهاب نفسي وجسدي وصل إلى حد التهديد والوعيد بالتصفية الجسدية والمادية , إلا أننا نجد بأنه مازال هناك الكثيرين من المغفلين حديثي العهد بالخيانة والإسترزاق ممن تم استقطابهم مؤخراً , نجدهم يرتحلون على دفعات متجهين نحو مختلف جبهات القتال في الداخل اليمني أو على جبهات الحدود , وذلك للقتال في صفوف قوى العمالة والإرتزاق , وإرهان مصائر حياتهم دون قيد أو شرط بأيدي أسيادهم السفهاء الأنذال السعوديين أو الإماراتيين , ومن قبلهم أسيادهم الصهاينة والأمريكيين , .

 

قد يعجبك ايضا