تحقيق/ حاشد مزقر
تمسك المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ من خلال احاطته التي قدمها لمجلس الامن بمقترحه السابق الذي يطالب الشعب اليمني بتسليم الحديدة ومينائها مقابل صرف مرتبات موظفي الدولة غير انه في هذه المرة وضع خياراً وحيدا إما تسليم الحديدة أو استمرار الحرب وهو بهذا الموقف يكرر انحيازه الكامل للعدوان السعودي حيث وضع خيار تسليم الحديدة أو استمرار الحرب مجددا للمرة الرابعة في إحاطته عندما قال ..”من الضروري ان يشارك انصار الله والمؤتمر الشعبي العام معي بشكل بناء وبحسن نية بشأن هذه المقترحات اذا كانوا يريدون حقا انهاء الحرب.. ولتقييم هذه الإحاطة وفهم ابعاد ودلالات انحياز ولد الشيخ لطرف العدوان السعودي وضعنا هذه القضية على طاولة عدد من الباحثين السياسيين وخرجنا بهذه الحصيلة.. نتابع.
الدكتور محمد الفقية استاذ الاتصال السياسي بكلية الإعلام جامعة صنعاء قال في مستهل حديثه : اعتقد ان الإصرار على تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة كما ورد في الاحاطة التي قدمها ولد الشيخ (هذا الرجل الذي اقل ما يوصف به انه غير محايد) الإصرار على تسليم ميناء الحديدة لجهة ثالثة محايدة وهي مثلا الأمم المتحدة وهي آخر ورقة ضغط على اليمن وهي دعوة سياسية مغلفة بشكل انساني فقد تم السيطرة على جميع المنافذ اليمنية وتم إغلاق مطار صنعاء لذا فميناء الحديدة هو المنفذ الأخير ولو تم تسليمه سيتم خنق اليمنيين جميعا كآخر ورقة ضغط من أجل ان تسقط سلطة الداخل ويتم استسلامها بشكل أو بآخر..
ويتساءل الفقيه قائلا : هل الأمم المتحدة محايدة حتى نقبل ان نسلمها ميناء الحديدة ؟ أليست هي نفس الأمم المتحدة التي باركت خطوات سابقة كنقل البنك المركزي بحجة توفير رواتب الموظفين وأين هي رواتب الموظفين لم يتم تسليمها حتى اليوم وأين العملات التي طبعت والتي تقدر بـ 600 مليار تم طباعتها في روسيا وسلمت لحكومة هادي هل يلدغ المؤمن من جحر مرتين هل نسلمهم الحديدة آخر منفذ ومتنفس لبقاء اليمنيين أحياء وبصحيح العبارة هيئة الأمم المتحدة منحازة وغير محايدة ولاتقف في وجه التحالف الذي يرتكب الجرائم البشعة بحق اليمنيين .
ويراها الدكتور الفقيه انها محاولة اخيرة مغلفة بشكل انساني تتحدث عن صرف الرواتب وفي حقيقة الأمر هي محاولة لتحقيق هدف تحالف السعودية الذي يريد ان تستسلم البلاد للإرادة الخليجية والتي من خلفها الإرادة الامريكية والغربية الهادفة إلى تقسيم اليمن وتجزئته وجعله مثل العراق وسوريا وليبيا وغيرها من الدول العربية التي نفذ فيها مشروع الشرق الأوسط الجديد بأيدي عربية وبأسلحة غربية.
اشتراط غير مقبول
ويطرح نصر الدين عامر مسؤول العلاقات الإعلامية لأنصار الله رؤيته بالقول :بالنسبة لولد الشيخ هو شخص غير محايد على الإطلاق وموقفنا واضح وهو ما أعلنه الرئيس صالح الصماد والناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبدالسلام رئيس وفد انصار الله في المفاوضات وهذه قضية محسومة ولاتراجع عنها أبدا ولذلك ولد الشيخ منذ البداية ليس محايدا وهو يحرص على استسلام الشعب اليمني من خلال ماجاء به في هذه الاحاطة وموقفنا واضح قبل هذه الاحاطة وبعدها ولد الشيخ دائما يظهر الانحياز للطرف السعودي ويدل على ذلك انه حتى الآن لا يعترف بأن هناك تدخلاً وعدواناً سعودياً بل يشيد بالدور السعودي في كل إحاطة يقدمها لمجلس الأمن بينما في الحقيقة الشعب اليمني يتعرض للإبادة بالطيران وتتعرض اراضيه لزحوفات المرتزقة التي تدعمها السعودية في جميع الجبهات .
وتابع عامر :وهذا شيء يستفز كل عاقل ولايهمنا هذه الإحاطة ولن نعلق عليها كون ولد الشيخ شخصاً غير مرغوب فيه وليس محايداً..وبالنسبة لاشتراط تسليم الرواتب مقابل تسليم ميناء الحديدة هذه النقطة يحاول أن يفرضها النظام السعودي منذ بداية العدوان الغاشم على اليمن وهو أمر مرفوض تماما فالمبعوث الأممي يتبنى مواقف سعودية أكثر مما يتبناها وزير الخارجية السعودي يتبنى مواقف لاتدل إلا على الحماقة والاستخفاف فالنظام السعودي وناطق العدوان لم يتجرأ على ان يعرض هذين الخيارين علنا بينما ولد الشيخ يعرضها للمرة الثانية وهذا يدل على أن من يقف خلف قطع رواتب الموظفين وتدمير الاقتصاد اليمني هي قوى العدوان وهي بهذا تساوم الشعب اليمني في حريته وكرامته مقابل تسليم حقوقه التي قام بمصادرتها ونهبها.
خطوات خبيثة
عبدالله صبري رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين وصف مايقوم به ولد الشيخ بالصفقة التي يقابلها الحل الإنساني حيث حاول ولد الشيخ هذه المرة أن يدغدغ المشاعر اليمنية من خلال طرح الملفات الإنسانية وفي المقدمة رواتب موظفي الدولة ورفع الحظر الجوي عن مطار صنعاء لكنه أراد أن تكون هذه المطالب أداة ضغط باتجاه الموافقة على تسليم ميناء الحديدة لطرف محايد مع علمه أن الأمم المتحدة هي بالنسبة لليمنيين طرف معتدي ولا يمكن الوثوق فيه ومما لا شك أن ولد الشيخ جاء إلى صنعاء في المرة السابقة في إطار جولة استطلاعية عله يقيس مدى أثر الخطوات الخبيثة التي أقدم عليها تحالف العدوان منذ أشهر بشأن نقل البنك المركزي إلى عدن وما نجم عنه من توقف صرف الرواتب، ولعله أراد أن يستطلع أيضاً أثر الحملة الإعلامية بشأن التهديد باحتلال ميناء الحديدة كونه آخر شرايين الحياة بالنسبة للملايين من اليمنيين ولا يستبعد أن ولد الشيخ كان بوده أن يفهم ويعرف ردة فعل الجانب اليمني إزاء نتائج زيارة ترامب للرياض وانعقاد أكثر من قمة سياسية حظر فيها الملف اليمني وإن بعناوين مخادعة.
ويضيف صبري : لقد ظن ولد الشيخ أن الأطراف الوطنية بصنعاء تعيش مأزقاً كبيراً وأن زيارته ستكون بالنسبة لها بمثابة الانفراج الذي لا يجب التفريط فيه وحينها كان ولد الشيخ على استعداد للخوض كممثل للعدوان وليس كوسيط محايد والدخول في تفاصيل الصفقة التي يحملها ! ولم يتوقع حينها ولد الشيخ أن تعزف القوى الوطنية عن مقابلته فلملم أوراقه وغادر صنعاء بخفي حنين ولم نجد للدموع التي ذرفها باسم الأمم المتحدة وتحت عنوان الوضع الإنساني أثراً على الواقع..
وتابع بالقول :ليس وحده ولد الشيخ من سقط في امتحان اليمن فقد سقطت قبله دول ومنظمات ومكونات كنا حتى وقت قريب نحسبها في قائمة الأصدقاء فإذا بها تلتحق بطابور العداء والارتزاق أما اليمن فستبقى وشعبها عصية على الانكسار مهما تكاثرت الخطوب وتكالبت قوى العدوان والاجرام.
احاطة استمرارالحرب
وفي قراءته تحدث الدكتور ربيع شاكر المهدي رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط الجديد بالقول : بعد ثلاث سنوات من حرب التحالف السعودي على اليمن وقتل عشرات الآلاف من أبنائه أغلبهم من النساء والأطفال وتدمير بنيته وحتى آثاره ومدنه التاريخية ،وبعد إصابة ما يقارب من نصف مليون يمني بالكوليرا، يأتي المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ ليقول بكل أسف في إحاطته لمجلس الأمن شكرا للسعودية لقتلها اليمنيين وشكراً للسعودية لتدميرها اليمن وسط تصفيق أعضاء مجلس الأمن كل هذا بعد تدمير 14 ميناء وتدمير 15 مطاراً وبعد تدمير أكثر من نصف مليون منزل وبعد تدميير اكثر من 500 مستشفى ووحدة صحية وبعد تدمير أكثر من 200 معلم أثري وأكثر من 115 منشأة رياضية وبعد تدمير 676 مخزن غذاء و162 محطة ومولداً كهربائياً وبعد تدمير 353 شبكة ومحطة اتصالات وبعد تدمير مئات المزارع والمنشآت الحكومية بالإضافة لتدمير أكثر من 6000 منشأة تجارية وبعد تدمير آلاف المصانع والمعامل وتوقف مرتبات مليون ونصف مليون موظف مدني وعسكري منذ ما يقارب العام .
وقال :بعد كل ما جرى ولا زال يجري وبعد لقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان أحاط ولد الشيخ لمجلس الأمن بأن اليمنيين يهددون حركة الملاحة في باب المندب ويعيقون وصول المساعدات أي منطق وأي عاقل يصدق بأن 25 مليون يمني جائع ومحاصر يقومون بذلك رغم أن المئات من طائرات التحالف السعودي الحربية الحديثة تحوم في أجواء اليمن وتقصف ليل نهار وتراقب وتحاصر وتمنع وبوراجه وسفنه الحربية ترسو على مياه اليمن تحاصره فمن الذي يهدد ومن الذي يمنع وصول المساعدات هل المُحاصِر أم المُحاصَر ؟! .
ويضيف المهدي : الأمم المتحدة هي من تمنع صرف مرتبات الموظفين المتوقفة منذ ما يقارب العام بسلوكها الذي يرسخ الإنقسام بين اليمنيين ويجعل المنظمة الأممية مرتهنة للرغبة السعودية وأموالها وبكل أسف خرج المبعوث الأممي بإحاطته عن القيم والإنسانية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإتفاقيات الدولية ذات الصلة بل والأدبيات التي بُنيت عليها الأمم المتحدة لتصبح أداة للعدوان على اليمن بل وشعوب المنطقة ولقد بات الشعب اليمني يعي ما يحدث بتقليل المساعدات تدريجياً وزيادة الحصار لخنق اليمنيين جوعاً وحصاراً لكسر إرادتهم فعندما يطلب ولد الشيخ من دولة ذات سيادة هي اليمن بتسليم مدينة الحديدة للعدوان فهل يمكن أن تطلب اليمن تسليم مدينة جدة مثلاً مقابل هذا الطلب الغير منطقي والتلويح بعدم تسليم رواتب الموظفين المنقطعة منذ ما يقارب العام إلا بتسليم مدينة الحديدة في إحاطة تبعث القلق من مستقبل المنظمة الأممية ومصداقيتها .
ويستطرد رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط الجديد :كان الأولى أخلاقياً وإنسانياً وبعد ثلاث سنوات من الحرب الظالمة على اليمن أن يدعو ولد الشيخ الى وقف الحرب على اليمن ووقف الحصار الجوي والبري والبحري وصرف المرتبات بدلاً من طلبه تسليم مدينة الحديدة وحوافز للقطاع الصحي كما قال.
وزاد بالقول : لقد اثبت ولد الشيخ انحيازه للسعودية التي تقصف اليمن منذ ثلاث سنوات وتقتل أبناءه وتحويلها من معتد إلى وسيط محاولة بائسة لا تسقط بالتقادم لأنها دماء ولن تفلت إلا بالعقاب وجبر الضرر والرسالة التي لابد ان يفهمها العدوان وحلفاؤه هي ان الشعب اليمني يرضى بالموت بكرامته ولا يرضى بالعيش ذلاً وهذه هي عزيمة اليمنيين وليس حسن النية التي قالها ولد الشيخ مهدداً بأنه يجب أن يتعامل الشعب اليمني مع مسرحيته إذا أرادوا إنهاء الحرب على اليمن في جملة واضحة تؤكد بأنهم لا يريدون إنهاء الحرب على اليمن وفعلاً كما ختم ولد الشيخ بعبارة أن محكمة التاريخ لا ترحم من يستغل الشعب اليمني ونذكر الجميع بأن هناك محكمة ربانية ستقصم ظهور الظالمين.
ابتزاز وتدليس
الدكتور بشار الزمزمي باحث وكاتب وطبيب طالعنا برأيه من مقر عمله في الولايات المتحدة الأمريكية حيث قال : احاطة ولد الشيخ التي قدمها لمجلس الأمن لم تأتي بجديد نفس الابتزاز والتدليس والانحياز الفاضح ابتزاز للشعب اليمني يطالبهم بتسليم ميناء الحديدة مقابل الرواتب والتسليم لمن ؟ للأمم المتحدة التي عجزت عن فتح مطار صنعاء رغم انها تعهدت بذلك مراراً وتكراراً.
وبين صور التدليس التي استخدمها ولد الشيخ والتي قال إن منها :تصويره العدوان السعودي على الشعب اليمني وكأنه صراع داخلي بين أطراف يمنية تتقاتل فيما بينها وأغفل ايضاً حتى الاشارة للحصار البري والبحري والجوي لأكثر من 26 شهراً لقد اثبت ولد الشيخ انحيازه الفاضح لدول العدوان وتباكى على استهداف سفن العدوان في المخا وصواريخ استهدفت أهداف عسكرية داخل جيزان ونجران ولم ينسى النفاق في شكر السعودية لانها قدمت مبلغ لمكافحة الكوليرا كما يُزعم وتغافل عن اجرام الكيان السعودي الذي دمر القطاع الصحي بأكمله ولم يقدم ولد الشيخ نفسه كوسيط اممي بل قدم نفسه كناطق رسمي باسم دول العدوان وفي احسن حالاته كسمسار حرب يبرر استمرار هذه الحرب الظالمة على 25 مليون انسان لذلك فإن استمراره كمبعوث دولي للسلام لليمن هو عبث واستخفاف وأرى أن يصر وفد صنعاء على استبداله أو قطع التواصل معه نهائياً.
قد يعجبك ايضا