بالمختصر المفيد.. الجنوب بين التحرير والاحتلال

عبدالفتاح البنوس
عندما انسحب أبطال الجيش واللجان الشعبية من محافظة عدن حفاظا على الأنفس والممتلكات وخصوصا عقب دخول الطائرات الحربية خط المواجهة وقيامها بقصف بعض المنازل والمنشآت الحيوية بما في ذلك قصر المعاشيق ، كان بإمكانهم المقاومة والقتال بشراسة والصمود والثبات ،ولكنهم فضلوا الانسحاب والتراجع للوراء كي لا تتحول عدن إلى حلب ثانية وهذا ما يحسب لقيادة الثورة ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي ، وغير صحيح ما تروج له مطابخ قوى العدوان والغزو والاحتلال ، بأنه تم تحرير مدينة عدن من الحوثيين ومليشيات عفاش بالقوة، وتتحدث عن ملاحم وبطولات خارقة للمقاومة الجنوبية على حد زعمها وغيرها من الشطحات التي لا يصدقها أي عاقل ، فكل ما حصل من أعمال وممارسات عنصرية ومناطقية عقب انسحاب الجيش واللجان الشعبية هو ما يراه الغازي الإماراتي والسعودي تحريرا، ولا أعلم من ماذا تحررت عدن ؟!! أيعقل أن نجعل من حملات التهجير والترحيل ذات النفس الشطري المناطقي التي قام بها بعض الصعاليك من المحسوبين على الجنوب عمليات تحرير لعدن من الإنقلابيين الحوافيش كما يروق لهؤلاء الصعاليك وصفهم له ؟! وهل يدرك هؤلاء الحمقى أن الحوثي وعفاش وأنصارهما مواطنون يمنيون وليسوا من (ملالي إيران ) ولا من مجوس (فارس ) ولم يهبطوا على عدن من كوكب آخر ولا توجد أية موانع تحول دون تواجدهم في عدن أو في أي محافظة يمنية في جنوب الوطن أوفي شماله حتى نعتبر انسحابهم منها أو تهجير البسطاء من أبناء المحافظات الشمالية بمثابة التحرير.
بالله عليكم عن أي تحرير يتحدثون ؟! التحرير دائما ما يكون مرتبطا بوجود الغزاة والمحتلين ،حيث يولد ذلك الزخم الثوري والمقاومة الشعبية التي ترفع وتحمل لواء التحرير منهم ، ولكن ما حصل وما هو حاصل أن هناك من الجنوبيين من باعوا أنفسهم للسعودية والإمارات وتحولوا إلى أدوات تعمل تحت إدارتهم وتنفذ مخططاتهم وتدافع عن جرائمهم وانتهاكاتهم الصارخة لكافة الأعراف والقوانين الدولية ، والكارثة أن هؤلاء العملاء جلبوا الغزاة والمحتلين إلى الجنوب وسلطوهم على رقاب المواطنين وحولوا المحافظات الجنوبية إلى معسكرات تدريب وإيواء للجماعات والتنظيمات الإرهابية التي تعمل على التمدد والتوغل في المحافظات الجنوبية والشرقية ، من أجل أن تتحول إلى ذريعة لتدمير الجنوب تحت يافطة محاربة الإرهاب ، وهم من صنعوهم ودعموهم ووفروا لهم كل سبل الحماية والدفاع المستميت عنهم ، وفوق ذلك يطلقون على أنفسهم إسم المقاومة ، وهذه من الأمور التي تبعث على السخرية والاستغراب، فالمقاوم لا يكون عميلا ، والمقاوم لا يكون خائنا ، والمقاوم لا يكون حليفا ومساندا ومقاتلا في صف الغزاة والمحتلين ، فإذا كان انسحاب الجيش واللجان من عدن تحريرا ؟! فماذا نسمي جلب الغزاة والمحتلين وتسليمهم الجنوب وتحالفهم معهم ؟!
بالمختصر المفيد، الجنوب تحت الاحتلال وهو اليوم بحاجة إلى صحوة جنوبية تثمر عن عملية تحرير وطنية واسعة تطهره من رجس الغزاة والمحتلين ومرتزقتهم، ولعل الصراع القائم بين أطراف العمالة والخيانة الموالين للسعودية والإمارات يؤكد أن ما ينشده الجنوب هو التحرير الحقيقي الذي يلمسه المواطن الجنوبي وتنعكس ثماره على حياته وأمنه واستقراره، التحرير الذي يبدأ بالإطاحة بالزبيدي وزمرته الإماراتية الهوى والولاء، ومن هادي وبن دغر وزمرتهما السعودية الهوى والولاء ، ومن ثم تشكيل قيادة وطنية للمقاومة اشعبية تقوم بمحاربة ودحر الغزاة والمحتلين الذين دنسوا الأرض اليمنية في المحافظات الجنوبية ، ومن ثم الانطلاق نحو ترميم الجسد اليمني وتطبيب جراحه الغائرة وعلاج أوجاعه المؤلمة وفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن الحديث بإذن الله وتوفيقه .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا