الوقف والتنمية والتكافل الاجتماعي

 - تطلق التنمية في‮ ‬المفهوم الإقتصادي‮ ‬على الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية لغرض تحقيق زيادة مستمرة في‮ ‬الدخل تفوق معدلات النمو السكاني‮(‬1‮)‬‮ ‬وبما‮ ‬يكفل رفع المستوى المعيشي‮ ‬لمجموع هؤلاء السكان‮.‬
علي‮ ‬بن محمد الفران –
تطلق التنمية في‮ ‬المفهوم الإقتصادي‮ ‬على الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية لغرض تحقيق زيادة مستمرة في‮ ‬الدخل تفوق معدلات النمو السكاني‮(‬1‮)‬‮ ‬وبما‮ ‬يكفل رفع المستوى المعيشي‮ ‬لمجموع هؤلاء السكان‮.‬
ويعتبر الإنسان بحاجاته المادية وغيرها وبقيمه الروحية والأخلاقية المحدد الأساس الذي‮ ‬تدور عليه عملية التنمية‮ ‬من أجل تحقيق تلك الحاجات وتلبية متطلبات حياته‮.‬
فإذا كانت التنمية الاقتصادية‮ ‬يراد بها توجيه الثروات المادية توجيهاٍ‮ ‬من شأنه أن تكون هذه الثروات في‮ ‬خدمة المصلحة العامة‮ ‬بحيث‮ ‬ينمو الإنتاج ويزيد الدخل القومي‮(‬2‮)‬‮ ‬فإن الإسلام‮ ‬يدعو إلى هذه التنمية‮ ‬ويحض عليها حتى‮ ‬يتحقق للمجتمع كل أسباب التقدم والقوة لينهض برسالته في‮ ‬الحياة‮.‬
وإذا كانت التنمية الاقتصادية في‮ ‬مفهومها الشامل لا تعني‮ ‬فقط النمو المادي‮ ‬وإنما تعني‮ ‬أيضاٍ‮ ‬النمو الاجتماعي‮ ‬ويستحيل الفصل بينهما‮ ‬فإن الإسلام‮ ‬يجعل التنمية الاجتماعية‮ ‬هي‮ ‬منطلق كل تنمية في‮ ‬الأمة‮ ‬فالثروات إذا حازها من لا‮ ‬يؤمن بحق الجماعة فيها‮ ‬فإن كل تنمية اقتصادية لايمكن أن تكفل للمجتمع رخاءٍ‮ ‬واستقرارا‮ ‬وإنما تزيد الأغنياء‮ ‬غنى والفقراء فقراٍ‮ ‬وتؤدي‮ ‬إلى الفساد الإجتماعي‮ ‬بصوره المختلفة‮.‬
إن نظرة الإسلام إلى المال‮ ‬ومفهوم التكافل في‮ ‬هذا الدين‮ ‬يبينان أن الإسلام‮ ‬يهتم بالتنمية الاقتصادية في‮ ‬إطار المفهوم الصحيح لها اهتماما خاصاٍ‮ ‬لأنه دين الإخاء والتناصر والتعاون ودين العمل والإنتاج‮ ‬ودين‮ ‬يجعل علاقة المسلم بأخيه المسلم علاقة محبة تفرض على من كان عنده فضل زاد أن‮ ‬يعود به على من لا زاد له‮.‬
كما‮ ‬يحذر الإسلام من الإشباع المفرط لحاجات الجسد‮ ‬ولذا‮ ‬يحرم الترف والإسراف‮ ‬كما‮ ‬يحذر من الشح والبخل وكنز المال حتى لا تحبس الثروات عن حركة التداول والاستثمار‮ ‬فتعوق النمو وزيادة الإنتاج‮ ‬وفضلاٍ‮ ‬عن ذلك تأتي‮ ‬دعوة الإسلام المتكررة في‮ ‬الكتاب والسنة للإنفاق والبذل وتفرض حقوقاٍ‮ ‬على المال‮ ‬وبهذا‮ ‬يتوفر للتنمية الاقتصادية كل عوامل الازدهار‮ ‬ويحقق بها للمجتمع كل أسباب الحياة الآمنة الكريمة‮(‬3‮).‬
على أن أهم معيار للتنمية الاقتصادية في‮ ‬الإسلام‮ ‬هو تحقيق حد الكفاية لا الكفاف لكل فرد في‮ ‬المجتمع الإسلامي‮.‬
ويراد بحد الكفاية المستوى اللائق للمعيشة بحسب الزمان والمكان‮ ‬لا مجرد المستوى الأدنى اللازم للمعيشة‮ (‬4‮ ).‬
وما دام تحقيق حد الكفاية هو أهم معيار للتنمية الاقتصادية في‮ ‬الإسلام‮ ‬أو هدفها الأول فإنها تفرض ما‮ ‬يلي‮:-‬
1‮- ‬تحقيق الحياة الطيبة‮ – ‬أي‮ ‬الرفاهية‮ – ‬وفق المفهوم الإسلامي‮ ‬لها‮ ‬وتحقيق هذه الحياة‮ ‬يستلزم بالضرورة زيادة الإنتاج وعدالة التوزيع‮.‬
2‮- ‬تحقيق التوازن النفسي‮ ‬لأفراد المجتمع نتيجة للإشباع المادي‮ ‬لحاجاتهم من ناحية‮ ‬والشعور بالرضا والسعادة للقيام بواجب ديني‮ ‬يرتد على صاحبه بالحياة الطيبة في‮ ‬الدنيا‮ ‬والفوز برضوان الله في‮ ‬الآخرة‮ ‬من ناحية أخرى‮ (‬5‮).‬
3‮- ‬عدم تعطيل الموارد الإنتاجية أو سوء استغلالها‮ ‬مع العمل على توفير هذه الموارد واستثمارها بما لا‮ ‬يتعارض مع القواعد الشرعية‮.‬
وتعتمد الأسس التنموية في‮ ‬كل فكر ومدرسة على القواعد الفكرية والأطر الإيديولوجية التي‮ ‬تدعو إليها وتؤمن بها‮ ‬ومع ذلك فإن هناك مؤشرات تنموية‮ ‬يتم من خلالها قياس مستوى النمو في‮ ‬مجتمع معين‮ ‬وهذه المؤشرات منها ما هو اقتصادي‮ ‬ومنها ما هو إجتماعي‮ ‬نظراٍ‮ ‬للترابط الدقيق بين النمو الإقتصادي‮ ‬والإجتماعي‮ ‬للأمة‮ ‬وأبرز تلك المؤشرات هي‮:‬
‮- ‬مدى المساهمة في‮ ‬تكوين رأس المال وسد النقص في‮ ‬الاستثمارات‮.‬
‮- ‬مدى المساهمة في‮ ‬تقليص البطالة‮.‬
‮- ‬مدى المساهمة في‮ ‬توفير العملة الأجنبية للبلد‮.‬
ومن خلال تلك المؤشرات التنموية‮ ‬يمكن قياس مستوى النمو لأي‮ ‬مجتمع‮ ‬كما‮ ‬يتبين من خلالها دور المؤسسة الوقفية في‮ ‬تحقيق التنمية داخل المجتمع‮ (‬6‮).‬
ومما لاشك فيه أن التطور الذي‮ ‬مرت به المؤسسة الوقفية في‮ ‬اليمن قد جعلها تسهم إسهاماٍ‮ ‬كبيراٍ‮ ‬ومتميزاٍ‮ ‬في‮ ‬التنمية الاقتصادية والاجتماعية‮.‬
وقد انبثقت عن الأوقاف أعداد من المؤسسات العامة‮ ‬دينية وتعليمية واجتماعية‮ ‬على مدى التاريخ الإسلامي‮ ‬الطويل‮.‬
هوامش‮:‬
‮(‬1‮) ‬الدكتور عبدالستار إبراهيم الهيتي‮ ‬الجامعة الوقفية الإسلامية‮ ‬بحث منشور في‮ ‬مجلة أوقاف الكويتية‮ ‬العدد‮ (‬2‮) ‬مايو‮ ‬2002م‮: ‬ص‮ ‬89‮ ‬القاموس السياسي‮: ‬ص‮ ‬333‮ .‬
‮(‬2‮) ‬دراسات في‮ ‬التنمية الإجتماعية والاقتصادية للدكتور فاروق محمد العادلي‮ ‬ص‮ ‬309‮ .‬
‮(‬3‮) ‬دور الوقف في‮ ‬التنمية الاقتصادية للدكتور محمد الدسوقي‮ ‬مجلة منار الإسلام شوال‮ ‬1422هـ ص‮ ‬40‮ .‬
‮(‬4‮) ‬المصدر السابق‮.‬
‮(‬5‮) ‬المصدر السابق‮ ‬وتنمية المال في‮ ‬الاقتصاد الإسلامي‮ ‬للدكتورة أميرة عبد اللطيف‮ ‬ص‮ ‬28‮ .‬
‮(‬6‮) ‬الدكتور الهيتي‮ ‬مصدر سابق‮: ‬ص‮ ‬112‮ .‬

قد يعجبك ايضا