اسطنبول ..نجاحات سياحية وتطور في العمران

استطلاع\ عبدالباسط النوعة –

تتجلى مدينة اسطنبول عاصمة السياحة التركية في مثل هذه الأيام من كل عام بأبهى صور الجمال الذي أودعه الخالق سبحانه لهذه المدينة وقد استطاعت الحكومة التركية أن توفر لهذا الجمال ما يجعله يزداد رونقا وبهاء وهذا ما عجزت عنه حكوماتنا المتعاقبة في اليمن فنحن نملك مقومات الجمال في الطبيعة والتنوع كما في تركيا ولكننا لازلنا عاجزين عن الاهتمام بهذا الجمال وإبرازه وهو ما أبدعت به حكومة رجب طيب اردوغان والنتيجة أسراب مليونية من الباحثين عن المتعة والسياحة من مختلف بلدان العالم تتقاطر سنويا إلى تركيا معظمهم إلى اسطنبول ويتزاحمون أمام معالمها التاريخية في طوابير طويلة جدا أمام أيا صوفيا والتوب قابيه ومسجد السلطان احمد والكثيرون يعجزون عن اختراق هذه الطوابير ويكتفون بالنظر عن قرب كما حصل لنا ومجموعة من الزملاء في حضرة مسجد السلطان احمد ولولا تصرف المرشدة التركية التي رافقتنا وهي تعمل في مكتب رئيس وزراء تركيا باسطنبول لما استطعنا دخول متحف أيا صوفيا الجميل ومتحف التوب قابيه البديع فالطوابير طويلة جدا .

في كل زيارة إلى هذه المدينة نكتشف المزيد سواء ما يتعلق بالمواقع والأماكن التاريخية أو مواقع الجمال الأسر في أيا صوفيا وجدنا ما يبهر الناظر ويدهشه زخارف ونقوش إسلامية مسيحية تتعايش بسلام منذ مئات السنين ذلك المتحف الذي كان يوما من الأيام كنيسة قبل الفتح الإسلامي الذي حولها إلى مسجد في زمن السلطان محمد الفاتح حضارتان نقشتاٍ على جدران هذا المتحف الجميل أبدع ما تفنن به فنانوها لم تطمس الحضارة الإسلامية في هذا المتحف ما كان من حضارة البيزنطيين بل عملت على الإضافة لما هو موجود ولعل تحويل هذه الكنيسة أو المسجد إلى متحف كان قراراٍ صائبا يحسبه الكثير من الأتراك إلى مصطفى كمال أتاتورك , عندما تكون في هذا المتحف الحي لا تفارق وجهك ملامح الاندهاش والتأملات العميقة إلى كافة التفاصيل على الجدران والقباب والأرضية وهنا وهناك عبارات وآيات ونقوش إسلامية رائعة الإتقان وفائقة التفنن وإشكال ورسوم مسيحية مثيرة وألوان متعددة موزعة بأسلوب فني فريد وما كان يعكر صفو هذا المشهد وهذه اللوحة الجميلة هي تلك الأعمال من الترميمات التي تتم في المتحف والتي أخذت جزءا كبيرا منه وأفقدت اللوحة بعضا من جمالياتها , وحقيقة وجدنا في اسطنبول أن أعمال الترميمات هذه ليست فقط لمتحف أيا صوفيا ولكن لمساجد عديدة في اسطنبول وخاصة القديمة منها , وهذه المشاريع من الترميمات جيدة ولكن ربما يكون توقيتها غير مناسب فهي تتم الآن بالتزامن مع الموسم السياحي في المدينة وكان الأحرى أن تتم قبلها وتكون هذه المعالم جاهزة مع دخول الوسم السياحي .

تجاور تاريخي
لعل وجود كل من متحف التوب قابيه ومتحف أيا صوفيا وكذا مسجد السلطان احمد وأيضا الصهاريج البيزنطية التي تقع تحت الأرض يوجد فيها أعمدة يبلغ عددها (360) عموداٍ وكانت تزود اسطنبول بالماء في زمن البيزنطيين كل تلك المعالم التاريخية الهامة موجودة في نطاق جغرافي واحد يسهل التنقل بينها مشيا على الأقدام, أيا صوفيا ترنوا إلى مسجد السلطان احمد ذلك الجار الذي يعيش في محاذاتها منذ عشرات السنين تعاقبت الأحداث وتعددت وتسارعت السنين إلى الأفولوهذان الجاران لم يفارق احدهما الآخر والبوسفور خير شاهد على هذه العلاقة الحميمة بينهما وهاهما مع غيرهما من معالم اسطنبول يساهمان في دعم الاقتصاد التركي ذلك الاقتصاد الذي أوشك على الانهيار قبل سنوات ليست بالبعيدة وها هو اليوم من أوائل اقتصاديات أوروبا إزهاراٍ ويصنف في المرتبة السابعة عشرة على مستوى العالم , ولعل السياحة كان لها بالغ الأثر في هذه النقلة النوعية لتركيا التي أذهلت أوروبا والعالم أجمع وفي زمن قياسي , ياترى متى يعي المسئولون في بلادنا أهمية السياحة في دعم الاقتصاد الوطني وأهمية التراث في دعم السياحة , سؤال يبحث عن إجابة منذ سنين طويلة ¿¿¿

مهرجان سياحي للتسوق
لم يقم الأتراك بالارتكان على ما لديهم من معالم حضارية وطبيعة فاتنة باسطنبول والاكتفاء بها لجلب السياح إلى مدينتهم بل عملوا على ابتكار أساليب وفعاليات تعزز هذا الجانب فقد وفروا كل ما يلزم لمواجهة اي تدفق سياحي سواء من خلال البنية التحتية اللازمة للسياحة او التهيئة العامة للمجتمع المحلي سياحيا , ولهذا عملوا على اقتباس تجربة دبي ونظموا مهرجانا للتسوق كل عام يستمر قرابة شهر حددوا لذلك أهدافا بعيدة المدى يسعون إلى تحقيقها بأرقام تزداد وبشكل تدريجي كل عام هذا المهرجان انطلقت فعالياته السبت الماضي وعمت وسائله الدعائية شوارع المدينة وصفحات الصحف العالمية , وهذا المهرجان برعاية وزارة السياحة ووزارة الثقافة وبمشاركة جهات متعددة حكومية وخاصة والناقل الرسمي طبعا لتركيا الخطوط الجوية التركية التي نظمت لعدد من الصحفيين اليمنيين والعرب وكذا من أوروبا ودول أخرى رحلة سياحية إلى اسطنبول وكان تنظيمها رائعاٍ وتعرف الصحفيون من خلال هذه الرحلة على معلومات كافية حول هذا المهرجان الذي يهدف إلى جذب مليون سائح إلى تركيا هذا العام وتحقيق عائدات تقدر ب(4,7) مليار دولار , وتشارك في هذا المهرجان معظم مولات المدينة التي تقدم عروضاٍ وتخفيضات وسحوبات على جوائز قيمة.

مصلك والمركز المالي العالمي
جميلة هي تلك الرحلة التي نظمتها السفارة التركية بصنعاء لعدد من كبار رجالات الصحافة والإعلام في بلادنا والذين انخرطوا مع صحفيين يمثلون صحفاٍ عربية وخليجية في برنامج سياحي نظمته إحدى كبريات شركات المقاولات في تركيا مجموعة (اغا اوغلوا) والتي بدأت العمل لإقامة واحد من اكبر التجمعات السكانية في اسطنبول وتحديدا في منطقة (مصلك) ويسمى هذا المشروع الذي يضم (4800) وحدة سكنية (مصلك 1453 ) ويقع على منطقة راقية جدا مطلة على غابات وأشجار كثيفة وعلى مساحة 3000متر مربع , والمشروع عبارة عن أبراج عالية ومتوسطة الارتفاع يقع على هضبة مرتفعة وسوف يتوفر في هذا التجمع الذي يقارب المدينة كافة الخدمات حيث سيستفيد منه (50) ألف شخص , وحسب القائمون على المشروع فانه سينفذ على مرحلتين الأولى (2700 )وحدة وقد بيعت معظمها حيث اشترى احد المستثمرين السعوديين برجين من هذا المشروع , كذلك زرنا موقع مشروع المركز المالي العالمي في اسطنبول والذي سينقل إليه البنك المركزي التركي من موقعه الحالي بأنقرة كذلك سيحتوي على فروع لكل البنوك الموجودة في تركيا وتنفذه مجموعة اغا اوغلوا ومشاريع معمارية أخرى زرناها نفذتها هذه الشركة وكل المشاريع كانت فعلا عملاقة أبراج ومبانُ ضخمة جدا تدل على عراقة هذه الشركة التي نشكرها على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والرعاية العالية التي قدمتها لكل الزملاء المشاركين في البرنامج سواء من اليمن الحبيب أو من الدول العربية الأخرى , وهنا يقول رئيس الشركة السيد علي أغا اوغلو أن سر نجاح مجموعته هو العمل الجماعي وان مشروع مصلك يعد من ابرز المشاريع التي نفذتها شركته مرحبا بالشراكة العربية المتمثلة برجل الأعمال السعودي لافتا إلى أن تركيا ولسنوات طويلة ظلت تلهث في سياستها الخارجية وراء الغرب وعندما أيقنت أن الشرق أيضا مهم خاصة في عهد اردوغان ولهذا اتجهت إلى الشرق وخاصة البلدان العربية التي تجمها وتركيا العديد من الروابط أبرزها التاريخ والعلاقات القديمة المشتركة وكذا الدين (الإسلام ) الذي يمثل أقوى الروابط , هذه السياسة كان لها بالغ الأثر في المكانة التي وصلت إليها تركيا الآن .
ويرى اوغلو أن تركيا في العام 2023م ستكون من أفضل الاقتصاديات العشرة على مستوى العالم , ولعل موقعها الفريد كملتقى لثلاث قارات جعلها على تواصل مع أهم بورصات العالم أبرزها طوكيو ونيويورك سيخدمها مستقبلا وبشكل كبير .

من يقف وراء المظاهرات
التقى الفريق الصحفي بوزير السياحة التركي السيد عمر تشليك وفي اللقاء أكد الوزير التركي ان اليمن موجودة في الأغاني التركية وتربطها بتركيا علاقات قديمة جدا والأتراك يكنون للشعب اليمني الكثير من التقدير وكذلك لسائر الدول العربية ولهذا تتجه تركيا الآن إلى الشرق بحكم تلك العلاقات القديمة التي تربطها بالدول العربية وتاريخ تركيا وحضارتها وثقافتها مرتبطة مع العرب وبالتالي يجب استرجاع هذا التاريخ .
وحول المظاهرات الموجودة حاليا في تركيا ومدى تأثيرها على النشاط السياحي يقول وزير السياحة ان السياحة في تركيا لم تتأثر مطلقا بل تشهد هذا العام إقبالا أكثر من الأعوام الماضية , مشيرا إلى أن هناك منافسين لتركيا يقفون وراء تأجيج هذه المظاهرات فمثلا من ناحية السياحة نشطت تركيا بشكل كبير جدا واستطاعت أن تجذب نسبة كبيرة من السياحة العالمية وهناك دول منزعجة من هذا وتريد الإضرار بهذه المكانة لتركيا فعملت على الإسهام في تأجيج هذه المظاهرات كذلك استطاعت تركيا أن تجذب نسبة كبيرة من الاستثمارات لاسيما العربية وكذلك المنافسين لتركيا في الأولمبياد , وقال : يختلف ما يحث في تركيا عنما حدث في بعض الدول العربية التي خرج شبابها ضد الديكتاتورية وقد وقفت تركيا ورئيس وزراءها مع هذه الثورات أما في تركيا ما يحدث جزءا من الديمقراطية الموجودة لدينا حيث خرج البعض في تظاهرة ضد انتهاك البيئة وجمالها ودخلت بينها مجموعات غير مصرح لها أو غير قانونية وحركتها باتجاه مدمر ودمرت وأحرقت عدد من المباني والسيارات وما ينبغي الإشارة له هو أن بعض القنوات الإخبارية العالمية تنشر معلومات وأخبار غير سليمة عن تركيا من اجل تخويف السياح والمستثمرين ولكننا سوف نتعامل مع هذه المظاهرات بطريقة مناسبة ولن نسمح لأحد المساس بأمن واستقرار تركيا ومكانتها التي وصلت إليها ومكاسبها التي تحققت طوال سنوات من العمل والمثابرة ..

قد يعجبك ايضا