د/ رنا عبدالملك السلال
الكوليرا أحد الأوبئة التي تجتاح الدول والشعوب من دون حواجز، والتي تنتشر بسرعة كبيرة وتحصد الملايين، وتعتبر الهند الموطن الأصلي لهذا الوباء، ومنها انتشرت إلى باقي أرجاء العالم عن طريق الحركة التجارية.
تعيش بكتيريا الكوليرا في بيئة الأنهار المالحة قليلا، والمياه الساحلية، ومن ثم يمكن أن ينتشر المرض في المناطق التي لا تعالج فيها مياه المجاري وإمدادات مياه الشرب معالجة صحية مناسبة.
ما هو ميكروب الكوليرا؟
الكوليرا مرض بكتيري معد قصير الأمد، يسببه نوع من البكتيريا تسمى (فايبريو كوليرا)، يصيب الجهاز الهضمي وخاصة الأمعاء الدقيقة، حيث يتكاثر وسطها ويفرز سموما تؤثر على عملها فيجعلها تفرز السوائل والأملاح بكميات كبيرة جدا، بعد الإصابة بإسهال واستفراغ حادين ومتكررين، مما يؤدي إلى جفاف في الجسم.
ولهذه البكتيريا فترة حضانة قصيرة تتراوح ما بين8 ساعات إلى 5 أيام، وإذا حصلت الإصابة ولم يتلق المصاب العلاج المناسب فهو عرضة للموت بعد مرور ساعات قليلة.
كيف تعمل بكتيريا الكوليرا داخل الجسم؟
لدى دخول جرثومة البكتيريا إلى جوف الإنسان فإن أعدادها تتضاعف وبشكل كبير في الأمعاء الدقيقة ولكنها لا تخترق جدار الأمعاء، لكنها وفي نفس الوقت تفرز مواد شديدة السمية، هذه المواد تحفز مواد بايو ـ كيماوية معقدة التركيب في النسيج المخاطي للأمعاء، هذا التحفيز يؤدي إلى تدفق سوائل الأمعاء الدقيقة، وكذلك يؤدي إلى تعطيل آلية امتصاص السوائل، وبناء على كل ما سبق ينتج جفاف شديد وبالنتيجة ستحصل حالة التحمض أي(ارتفاع حموضة الدم) وهي من الحالات الخطرة جدا، إضافة إلى نضوب الصوديوم والبوتاسيوم وهذا يؤدي إلى خلل تام في السلسلة المتوازنة لكيماوية الجسم تنتهي بعجز الكليتين.
أهم أعراض وعلامات الإصابة بالكوليرا
يستمر ظهور الأعراض لمدة تتراوح بين ست ساعات وخمسة أيام من إصابة الفرد بالبكتيريا، وتختلف شدة هذه الأعراض من مصاب إلى آخر، ففي بعض الحالات تكون الأعراض بسيطة وفي البعض الآخر تكون شديدة وتهدد حياة الإنسان، وتؤدي إلى فقدان كبير لسوائل الجسم، وقد يتعرض المريض للجفاف، ثم الوفاة خلال ساعات إذا لم يعط العلاج الفعال فورا.
وقد تظهر على مرضى الكوليرا الأعراض السريرية التالية:
• الإصابة بالإسهال المائي الشديد؛ غير المصحوب بمغص أو آلام في البطن، وهذا الإسهال يكون مفاجئا وغزيرا ويشبه كثيرا ماء الأرز المطبوخ، وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من سوائل الجسم في مدة قصيرة مقارنةً بالأمراض الأخرى التي تسبب الإسهال، ونتيجة لفقدان (10 سسسسسس%) أو أكثر من سوائل الجسم يحصل الجفاف.
تجدر الإشارة أنه ليست كل إصابة بالكوليرا تؤدي لحدوث إسهال شديد لدى كل فرد فمن بين المصابين هناك 75 % منهم لا تظهر عليهم الأعراض، و20 % يعانون من إسهال خفيف أو متوسط، وإن 5 % فقط يعانون من عدوى سريرية شديدة (كوليرا سريرية).
• تقيؤ شديد ومستمر بعد الإسهال ولا يكون القيء مصحوبا بالغثيان.
• يشكو المريض من تقلصات وتشنجات مؤلمة في الأطراف (عضلات الأرجل) أو البطن أو الصدر مع مغص في البطن، وسبب هذه التشنجات والتقلصات يعود إلى فقدان الجسم لأملاح الصوديوم والكلورايد والبوتاسيوم نتيجة الإسهال.
• الشعور بالعطش الشديد نتيجة الإسهال والقيء المستمرين.
• فقدان الجسم لكميات كبيرة من الماء والأملاح،وهذا يؤدي إلى خلل في وظيفة الكلى والفشل الكلوي.
• الإصابة بالجفاف الحاد وانخفاض في درجة الحرارة نتيجة للفقدان السريع لسوائل الجسم بعد الإسهال والقيء وهذا يؤدي إلى هبوط في الدورة الدموية.
• انخفاض في ضغط الدم مع عدم انتظام دقات القلب
(arrhythmia)، في بعض الحالات التي لم تعالج بسرعة، وقد تتطور الإصابة مؤدية إلى حدوث صدمة عصبية أو سكتة دماغية(shock) وذلك نتيجة لنقص حجم الدم، وانخفاض ضغط الدم ونقص كميات الأوكسجين الذي يصل إلى الأنسجة،وبما يؤدي إلى الموت.
• قد يشكو بعض كبار السن من ضيق شديد في منطقة الصدر ويحدث ذلك نتيجة لزيادة لزوجة الدم، مما يؤدي إلى حدوث التصاق الصفائح الدموية ينتج عنه قصور في الدورة التاجية للقلب.
• قد يحدث نقص في البول نتيجة الجفاف، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى توقف إدرار البول.
• وقد يتعرض المصاب للصدمة وهذا يؤدي إلى الوفاة خلال24ساعة إذا لم يتلق العلاج المناسب.
طرق انتشار العدوى
• مياه الشرب الملوثة بالفضلات الآدمية التي تحتوي على الميكروب.
• دخول الميكروب عبر الفم عن طريق استعمال أدوات طعام ملوثة بالميكروب.
• يساهم الذباب أيضا في نقل العدوى خاصة أثناء انتشار الوباء.