عظمة رمضان
ابراهيم محمد علي الحمزي
الصوم هو المدرسة الروحية والخلقية التي يتدرب فيها المسلم على سرعة! لامتثال لأمر ربه وتوثيق الصلة بينه وبين خالقه.. وقد أشار إلى هذا المعنى الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين حيث يقول: المقصود من الصوم، التخلق بخلق من أخلاق الله عز وجل وهذا الخلق هو الصمد نية والصمد هو الذي يصمد اليه في النوازل والحوائج، وقيل: هو الكامل الذي لا عيب فيه. وفي الصوم اقتداء بالملائكة في الكف عن الشهوات فإن الملائكة منزهون عن الشهوات.. والإنسان فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل على كسر شهواته.. وكونه مبتلى بمجاهدتها فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل السافلين والتحق بمصاف البهائم.. وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة.. فهل: أدركنا الحكمة من الصوم؟ فعرفنا ان الصوم يصلنا بالملأ الاعلى.. ويعدنا اعداد قويا لتقوى الله عز وجل، واننا عن طريق الصوم نستطيع التخلص من شرور النفس وعلل القلب وصدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اذ يقول: الصوم جنة.. أي وقاية فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث، أي يفحش في القول ولا يفسق وان سابه احد او قاتله فليقل اني صائم، والذي نفسي بيده لخلوق فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك.. وذلك لأن الصائم يدرك تماما حقيقة الصوم ويعلم تمام العلم حقيقة الصوم ويعلم تمام العلم ان الصوم معناه ضبط النفس عن الشهوات وان الصوم يعود المسلم الحياء من ربه والمراقبة له في امره وهو قريب الرجوع الى الله بالتوبة الصحيحة كما قال الله تعالى: (ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون).. وفي الحديث الشريف (من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) .. وفي الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وانا اجزي به). اجل فإن الصوم يعود المسلم دوام الحذر ومراقبة الله عز وجل ومراجعة النفس في كل احوالها وذلك هو معنى التقوى في قوله سبحانه وتعالى (لعلكم تتقون) فإذا حصل الفرد منا على التقوى وأدركها فقد ادرك الخير كله وظفر بالسعادة كلها.. واذا فاتك ذلك فقد اضعت عملك كله سدى» وكنت ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم : «كم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش وكم من قائم ليس له من قيامه إلا التعب والمتقون هم الذين نزع الله عن قلوبهم حب الشهوات فإذا نزع قناع الشهوة عن المرء صار عمله لله وقوله لله وكل امره لله ووصل عن طريق التقوى الى درجة الكمال. هذا هو الصوم كما فهمه الرسول الكريم وكما جاء به القرآن الكريم وكما يحب ويرضى، فما احرانا ان نغتنم هذه الفرصة فنجعل الصوم رياضة روحية تكبح جماح نفوسنا وتعدنا اعداد طيبا للانتصار على الباطل والوقوف مع الحق.. وتنزع من قلوبنا كل هيمنة لمن عدا الله وما عداه.. وتملأ جوانحنا امنا وإيمانا وتوجد حلاوته في قلوبنا وتظهر آثاره على جوارحنا وتطبعنا بطابع الايمان في سلوكنا العام والخاص ان الصيام على عظمته مدخل الى تحقيق ما يريد الله عز وجل منا في هذا الشهر، لقد اراد الله سبحانه ان يكون شهر رمضان مدرسة للمسلمين لتقوية ارادتهم ورفع مستواهم في التعامل مع السنن الالهية والروحية الاسلامية والسلو ك الاسلامي ليكون ذلك زخما لهم طيلة العام.. ولذلك كان دور شهر رمضان في بناء الإرادة مهما لانه ممارسة عملية حسية ونفسية في اختبار الإرادة وتقويتها ونصيحة للجميع حكاما ومحكومين ان يغتنموا فضائل هذا الشهر الكريم والاستفادة من دروسه لمراجعة النفس وحسابها وتقوى الله في الرعية والسير بما يصلح شؤون الأمة ويحمي ويحفظ. كرامتهم وحقوقهم .والله من وراء القصد هو حسبنا واليه المصير.. وهو المستعان.