*أخصائيون: تبعات الحرب العدوانية تأخذ أشكالاً متعددة ودرجات مختلفة من الشدة
الأسرة / زهور السعيدي
تتضمن ثقافة الأطفال في مجتمعنا اليمني كل ما يتلقاه الطفل من معارف ومعلومات من حوله وتشكل له العقيدة والمعرفة والعادات والتقاليد والسلوك والاتجاهات الفكرية والاجتماعية والتربوية، فمن خلال كل ما يشاهده من مناظر الدم والعنف والمشاهد الأليمة التي يسببها العدوان أمامه أو على شاشات التلفاز تتشكل له العديد من الاضطرابات السلوكية التي تشمل على العنف والانتقام ويدفع المجتمع في المستقبل ثمنا باهظاً من أمنه واستقراره .
يؤكد الأخصائيون الاجتماعيون على ضرورة منع الأطفال من مشاهدة مناظر العنف والدماء التي تبث على شاشات التلفاز وإبعاده فورا عن المكان التي تحدث فيه الجريمة لما لها من آثار سلوكية ونفسية وخيمة على الطفل وعلى الأسرة والمجتمع ككل.
وقد أثببت الدراسات أن الطفل الذي عاش في حرب أو حدثت أمامه مشاهد عنيفة، مثل سفك الدماء يعيش حالة نفسية غير سوية ومنها الاكتئاب والرهاب والخوف وضيق في التنفس وعدم رغبته في الدراسة أو التحصيل العلمي، وكثير من المشاكل الخطيرة التي تظل حبيسة نفس الطفل وتسبب له العديد من المشاكل مستقبلا إذا لم تتم معالجتها بشكل مبكر، حيث أن الأطفال يكتمون مشاعرهم ومخاوفهم عن الحرب، إلا أن الآثار قد تبدو جلية في سلوك هؤلاء الأطفال مثل القلق والكوابيس المستمرة وحالات العصبية الدائمة بالإضافة إلى تغير في شخصيته مع الأيام والإصابة بالعديد من الأمراض العضوية بالإضافة إلى النفسية.
أكثر الفئات تأثراً
كما أن الآثار الناجمة عن الحرب والعدوان تأخذ أشكالاً متعددة ودرجات مختلفة من الشدة، وبحسب أخصائيين فإن تلك الآثار تبدأ من الإحساس بالإحباط والقلق إلى الاكتئاب وأشكال أخرى من الأعصاب، وقد يصاب بعض الأشخاص بخلل في الوظائف العقلية كالذاكرة أو ضعف التركيز أو الإدراك.
ويؤكد المتخصصون أن الأطفال يظلون أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بما تخلفه الحروب من آثارٍ نفسية.. وتظهر هذه الآثار في عدة صور منها على سبيل المثال لا الحصر: الفزع الليلي ومعاناة القلق والشعور بعدم الراحة.
فوبيا أو الخوف
الإصابة بحالة الفوبيا أو الخوف المرضي من الأصوات والظلام وكذلك الانتكاسة في بعض المهارات التي تم اكتسابها، فيظهر التبول اللاإرادي أو زيادة في التبول إلى جانب ظهور بعض الاضطرابات السلوكية مثل قضم الأظافر والكذب، وظهور مشكلات في الكلام، كالتلعثم أو الفقدان الوظيفي للكلام وكذا حدوث اضطرابات الأكل.
وغير ذلك من الآثار التي يسعى العدوان بتعمده استهداف الأطفال اليمنيين كما يقول سياسيون وأكاديميون من أجل خلق جيل مضطرب غير قادر على القيام بدوره في حياة البلد السياسية والاجتماعية.
ويشير أخصائيو الطب النفسي إلى أن هذه الآثار قد تتحول إلى مشاكل نفسية عميقة خاصة إذا لم يتمكن الأهل أو البيئة المحيطة بهم من احتواء هذه الحالات ومساعدة الطفل على تجاوزها.
حلول ومعالجات
وتقول الأخصائية عبير الصنعائي رئيسة قسم الطب النفسي بمستشفى 48: إن مشاهد العنف سواء القريبة أو البعيدة التي يراها الأطفال لها آثار نفسية خطيرة جدا، أولها الرُهاب وقد يشعر الطفل بتعب دائم ورعشة في داخل جسده وتنمل في يديه وضيق في التنفس وهي أعراض طبيعية للقلق النفسي أو بسبب تأثر الطفل بالحرب أو المشاهد المؤلمة، ومن هنا على الأسرة تطمين الطفل والتحدث إليه وإبعاده عن المشاهد التي تبث في الأخبار سواء مشاهد العنف أو مشاهد سفك الدماء وبث الاطمئنان والاستقرار والسكينة في نفسه وتوعية الطفل وتثقيفه بالقراءة معه والخروج إلى أماكن للاستراحة والتنزه ومن المهم التحدث إليه والاستماع عندما يتكلم لإخراج كل ما بنفسه من قلق وخوف قد يقضي على مستقبله وحياته في قادم الأيام.