الجنوب اليمني يرزح تحت الاحتلال ويتحول إلى حلبة صراع بين دول العدوان

تقرير : محمد الروحاني
يحتفل الشعب اليمني هذه الأيام بذكرى عيد الوحدة اليمنية بين شمال اليمن وجنوبه الوحدة التي طالما سعى لها الجنوبيون قبل الشماليون إلى أن كتب الله لها النجاح وتم إعلانها في الثاني والعشرين من مايو 1990م.
تحل علينا هذه الذكرى واليمن يرزح تحت عدوان ظالم ثلاثة أعوام من القتل والدمار والحصار والجوع حرب ظالمة يشنها تحالف متغطرس يدعي الأخوة في العروبة وفي الدين تجرد من كل معاني الإنسانية فقتل الأطفال والنساء واهلك الحرث والنسل ودمر كل شيء جميل في اليمن مزق الوطن واحتل جزءاً منه واليوم لم يكتف باحتلال جنوب اليمن وانما حول هذا الجزء من اليمن الى حلبة صراع بين قوى العدوان السعودية والأمارات بعد أن زرع لكل طرف مرتزقته فلم يكتف العدوان بتفخيخ الجنوب بتنظيم القاعدة وداعش والإرهابيين وإنما يعمل جاهدا إلى تحويل أبناء الجنوب إلى مليشيات وتوابع تتناحر فيما بينها من اجل تحقيق مصالح هذه الدول ومحاولة كل دولة بسط نفوذها على الجنوب اليمني .
وهكذا هو حال الغازي المحتل دائما وعلى مر العصور لايجلب إلا الشر والتفرقة بين الإخوة والقتل والتشريد للإنسان والخراب والدمار للأرض .
يعيش الجنوب اليمني بأكمله وخصوصا مدينة عدن صراع بين طرفي العدوان الإمارات ومرتزقتها ممثلاً بالمحافظ المقال عيدروس الزبيدي والمجلس الانتقالي الجنوبي والسعودية ومن ومرتزقتها ممثلاً بالفار هادي ومرتزقته مؤشرات التصعيد بين الطرفين بدت واضحة من المواقف التي علت على السطح بين الطرفين الإماراتي والسعودي في الأيام القليلة الماضية بعد الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا .
المجلس الانتقالي الجنوبي وتمزيق اليمن
في الحادي عشر من الشهر الجاري أعلن محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي عن تشكيل مجلس انتقالي جنوبي أعلى لإدارة المحافظات الجنوبية داخليا وخارجيا برئاسته ونائبه الوزير السلفي المقال هاني بن بريك وعضوية 24 من المشائخ والمحافظين الجنوبيين يتصدرهم محافظ حضرموت احمد بن بريك ووزير النقل مراد الحالمي ومحافظ شبوة احمد حامد الملس ومحافظ لحج ناصر الخبجي ومحافظ سقطرى صلاح السقطري ومحافظ الضالع فضل الجعدي وبعض ممثلي الكيانات السياسية القديمة وفي مقدمتهم علي شائف أمير الضالع وعبدالله آل عفرار سلطان المهرة .
بعد الإعلان عن المجلس الانتقالي الجنوبي سارع ضاحي خلفان رئيس شرطة دبي إلى القول (ان من يقف ضد إرادة الجنوب سيجد نفسه في الشمال بالإشارة إلى الفار هادي والمرتزقة التابعين للسعودية.
وبهذا القرار تلقى الطرف السعودي ضربة موجعة من غريمه الإماراتي فهذه الخطوة تعتبر إسقاطاً للشرعية المزعومة.
المجلس الانتقالي الجنوبي حدد أربع مواد في الإعلان كمهام للمجلس الانتقالي الجنوبي أولها العمل على استكمال إجراءات تأسيس هيئات للمجلس وإدارة تمثل الجنوب داخليا وخارجيا وأية مهام أخرى يصدر بها قرار من رئاسة المجلس والتأكيد على الاستمرار في التحالف مع التحالف العربي ضد ما أسموه المد الإيراني بالمنطقة والشراكة مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب والعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره .
محللون سياسيون يرون أن هناك أسباباً كثيرة دعت الحاكم الانقلابي الإماراتي لدعم تشكيل مجلس انتقالي جنوبي وفي مقدمتها عجزه أمام نفوذ السعودية ممثلاً بالفار هادي وفقدانه لمراكز قوى ونفوذ أمام خصمه السعودي ومحاولة لايجاد موطئ قدم للإمارات في الجنوب اليمني يضمن لها التأثير في القرار السياسي الجنوبي .
مراقبون يرون ان ورقة المجلس الانتقالي الجنوبي تعتبر آخر ورقة في يد الإمارات في الجنوب والمراد به هو الحد من نفوذ هادي ومحاصرته ومنعه من إصدار القرارات والتعيينات في المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال.
السعودية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يقوم به بن زايد حيث دعت إلى اجتماع ضم الفار هادي ومستشاريه وخلص إلى قرارات ترفض الإطار الذي أعلن فيه المجلس الانتقالي كممثل للجنوب داخليا وخارجيا والتعاطي معه بوصفه فاعلية سياسية سلمية لها الحق في ممارسة نشاطه في إطار ما اسماه بالشرعية ولوح الاجتماع باستخدام القوة العسكرية بالتأكيد على ما اسماه بوحدة الهدف الذي لأجله قامت عمليات التحالف بإنهاء ما اسماه بالانقلاب واستعادة الدولة وبسط نفوذ الدولة على كامل التراب اليمني.
ووصف الاجتماع المجلس الانتقالي الجنوبي بالكيان المناطقي ودعوة كل المسئولين الذين وردت أسماؤهم في تشكيلة المجلس الانتقالي إلى تحديد موقف واضح وجلي في صورة بدت أشبه بالتحذير النهائي.
الإماراتيون بدورهم ارسلوا عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك إلى الرياض لتطمين الحليف السعودي بوظائف المجلس الانتقالي الجنوبي في محاولة لامتصاص الغضب السعودي.
مصادر متعددة كشفت عن تقديم الفار هادي طلبا إلى لجنة التنسيق الثلاثي المكونة من عضويته وعضو إماراتي وعضو سعودي طالب فيه بإصدار قرار يعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي كيانا انقلابيا على الشرعية المزعومة مشيرة الى ان الطلب جاء ضمن خطوات أخرى طالب الفار هادي فيها بتسوية الأزمة المتفاقمة منذ دعم الإمارات لفصائل الحراك وتشكيل مجلس انتقالي جنوبي.
المجلس الانتقالي الجنوبي تجاهل الموقف السعودي وعقد أول اجتماعاته في الثالث عشر من مايو الجاري برئاسة الدكتور ناصر الخبجي الذي صرح ان الاجتماع جاء بتكليف من رئيس المجلس عيدروس الزبيدي واكد البيان الصادر عن الاجتماع التزام الهيئة الرئاسية للمجلس باستكمال التحرير وتحقيق الاستقلال وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة على الأراضي الجنوبية كما أكدوا في بيانهم عن اسفهم حيال ما أسموها محاولة بعض القوى ممارسة ضغوط ومحاولاتها النيل من المجلس الانتقالي وشن حملات التضليل والتحريف والتشكيك التي يراد من خلالها ضرب الشراكة مع دول التحالف العربي .
في ليلة الجمعة الثالث عشر من مايو الجاري أذاعت وكالة ( واس ) السعودية بياناً رسمياً نسبته للزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي دعت فيه إلى إعادة الأمور إلى نصابها وإلغاء الترتيبات التي باشرتها الإمارات بتشكيل مجلس انتقالي جنوبي مشددا أن معالجة القضية الجنوبية وفقا لمقررات الحوار للوطني وفي إطار ما اسماه البيان الشرعية.
دوائر سياسية عزت امتناع النظام السعودي عن إعلان مواقف منفردة حيال الخطوة التي قامت بها الإمارات وإعلان الموقف عبر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي إلى مساعي الرياض إلى فرض مزيد من العزلة عليها.
مؤتمر حضرموت الجامع ودعوى الانفصال
في 20ابريل 2017م عقد ما يسمى بمؤتمر حضرموت الجامع الذي دعا إلى إعلان إقليم حضرموت المستقل بجغرافيته في قراءة اعتبرها مراقبون إعلاناً للانفصال ولكن بشكل غير مباشر واشترط المجتمعون في البيان الصادر عن الاجتماع ان يكون لحضرموت تمثيل في الحكومات الاتحادية والهيئات والقطاعات والمجالس الاتحادية والمجلس البرلماني وبما يتوافق مع مساحتها الجغرافية وتعداد سكانها.
كما اشترطوا وجود ممثلي حضرموت في السلطات الثلاث بما في ذلك الهيئات المعنية والهيئات المعنية بصياغة الدستور وان لايقل تمثيل أبناء حضرموت عن 40% بما يتناسب مع مساحتها وإسهاماتها في الموازنة العامة وان تكون لحضرموت منطقة عسكرية خاصة بها كما أكدوا انه يحق لابناء محافظة حضرموت ترك الاتحاد متى شاءوا.
ويرى محللون سياسيون ان مؤتمر حضرموت الذي قسم حضرموت وقسم الحضارم جاء بقرارات لاتخدم الحضارم ولا وحدتهم لا في الوطن ولا في المهجر، فحضرموت كانت في مختلف المراحل توحد الحضارم وتجمع شتاتهم في مهاجرهم, وبهذا المؤتمر أصبحت تفرقهم, لأن ما يجري بداخلها وما يخطط لها لا يمثيل الهوية الحضرمية, وإنما يمثل هوية أحد مهاجرهم.. ويمثل رغبة وهوس سياسة مندفعة ومراهقة في الإمارات والسعودية على حد سواء.
تمزيق حضرموت بدأ منذ الصمت المطبق على انتهاك سيادة سوقطرى, والذي كان مقدمة لتمزيق اليمن وتوزيعه حصصا صغيرة لسماسرة وتجار طامحين.
وتعتبر قرارات مؤتمر حضرموت الجامع محطات اختبار جديدة في مسار مخطط تجزئة وتقسيم اليمن وستصيب الوحدة بمقتل إذا ما تحقق لها النجاح وذلك لأنها ركزت على ثلاث نقاط جوهرية وهامة وخطيرة وهي أن يكون حضرموت إقليما مستقلا ويتمتع بسادة مستقلة النقطة الثانية ان يكون لحضرموت منطقة عسكرية مستقلة النقطة الثالثة أن يحق لأبناء حضرموت ترك الاتحاد الفيدرالي متى رأوا انه لم يعد على النحو الذي اتفق عليه وذلك يعني فصل حضرموت عن السيادة الوطنية اليمنية فقرارات مؤتمر حضرموت الجامع تعتبر خارج مخرجات الحوار الوطني وخارج إطار ما يسمى بالشرعية ورئيسها الذي لم يعد أكثر من قفاز يمررون به وعبره أقذر مخطاطاتهم ضد اليمن وأمنه وسيادته .
الجنوب مسرح للقاعدة وداعش
يعتبر النظام السعودي اكبر داعم للارهاب والقاعدة والتنظيمات التكفيرية تمويلا وتسليحا وفكرا فمنذ بداية العدوان تحولت المناطق الجنوبية وخصوصا مدينة عدن إلى اكبر مسرح لجرائم تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين والسبب الرئيسي هو التجميع الكبير للإرهابيين الذي قامت به دول تحالف العدوان وتصدير الإرهابيين إلى الجنوب اليمني بدعوى قتال الروافض والحوثيين .
ويرى النظام السعودي في تنظيم القاعدة حليفاً رغم انه يدعي محاربته فوجود المسلحين الإرهابيين حول الجنوب اليمني المحتل وخصوصا مدينة عدن إلى اكبر مسرح لجرائم تنظيمي القاعدة وداعش .
فبحسب مصادر قام تنظيم القاعدة وداعش بأكثر من عشر عمليات انتحارية في عدن ومناطق الجنوب الخاضعة للاحتلال قتلت الكثير من أبناء الجنوب خلال العام المنصرم ناهيك عن عمليات الذبح والتي كان آخرها ذبح الناشط الحقوقي امجد عبد الرحمن داخل مقهى انترنت في في مدينة عدن.
وبحسب تقريرفرانس برس فان التنظيمات التكفيرية التابعة لتحالف العدوان نفذت ما يقارب من 25 عملية اغتيال لقيادات وناشطين وشخصيات اجتماعية جنوبية خلال العام المنصرم.
وبحسب تقارير دولية فان تنظيم القاعدة ينتشر ويتواجد في كل من حضرموت وأبين ولحج وبصورة خلايا في عدن والضالع وزنجبار والحوطة .
وتعتبر المناطق الواقعة بين بلحاف في شبوة وحتى أبين المحاذية لعدن أماكن آمنة للتنظيم سواء أعلن تواجده من خلال رفع الرايات السوداء ونقاط التفتيش أو لم يعلن ذلك.

قد يعجبك ايضا