الصفقات.. العنوان الأبرز لزيارة ترامب للسعودية

متابعة / قاسم الشاوش / وكالات
تثير الزيارة التي من المقرر أن يبدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية اليوم الكثير من الجدل والشكوك حول هذه الزيارة من قبل العديد من السياسيين الأمريكيين والدوليين خاصة أنها الزيارة الخارجية الأولى لترامب منذ توليه مقاليد الحكم والذي أكد مراراً خلال حملاته الانتخابية وأيضاً بعد توليه الرئاسة بأن السعودية هي الدولة التي تدر ذهباً ودولارات وعليها أن تدفع ثمن الحماية الأمريكية من ثروتها بمعنى أنها البقرة الحلوب وشبهها بتلك العروس القبيحة وفي نفس الوقت الغنية التي تغازلها بسبب مالها فقط.
هذه الزيارة تبلغ تكاليف مراسيم الاستقبال فيها مائتين وستة وخمسين مليون ريال سعودي دون الهدايا الجانبية والتي ستمنح لترامب وكبار المسؤولين الأمريكيين فهي زيارة باهظة الثمن تدفعها السعودية من أموال الشعب السعودي، حيث تشهد قمماً بحضور عدد من حكام العرب والمسلمين ورفض ترامب وجود الرئيس السوداني عمر البشير وغياب الرئيس اللبناني ميشال عون كونه مسيحي الديانة.
وكانت شبكة “سي إن إن” عقدت الأربعاء اجتماعا حضره الكثير من المحللين السياسيين والمنتقدين لسياسة ترامب، حيث دار في هذا الاجتماع مناقشة آخر المستجدات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أثارت جدلا كبيرا في الساحة السياسية وخرج هذا الاجتماع بتقرير يفيد بأن جميع الأشخاص الذين شاركوا في هذه الجلسة وجهوا أصابع الاتهام لترامب وطالبوا بمساءلته.
هذه المستجدات قد تصبح تمهيداً لإنهاء حكم الرئيس المثير للجدل، قبل أن يتم عامه الأول خصوصاً إذا تدخل القضاء في التحقيق، فيما طالب العضو الجمهوري بالكونجرس جايسون شافتيز مكتب التحقيقات الفيدرالي بتقديم كافة التسجيلات والمذكرات والملخصات التي يملكها والتي توثق لمحادثات ترامب مع كومي، الذي تمت إقالته قبل أيام.
وستشهد زيارة دونالد ترامب المرتقبة إلى المملكة توقيع عدة اتفاقات استثمارية ضخمة تبلغ قيمتها 270 مليار دولار أمريكي أي ما يقرب من تريليون ريال سعودي بين البلدين، إذ يعملان على رفع مستوى التعاون الاقتصادي والأمني من خلال صفقة أسلحة واستثمارات مالية بعد أن شهدت العلاقات توتراً فيما سبق بسبب العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران.
وتتضمن صفقات الأسلحة المحتملة، نظاماً للدفاع الصاروخي، وأسلحة ثقيلة تشجيعاً من الولايات المتحدة لحليفها في الشرق الأوسط من أجل تولي زمام المبادرة في مجال الأمن الإقليمي، وسط سعي من ترامب إلى خلق تعاون جديد لمكافحة التنظيم الإرهابي “داعش” والتصدي لنفوذ إيران في المنطقة، وإليكم برنامج زيارة ترامب للسعودية .
برنامج زيارة الرئيس الأمريكي ترامب
يأتي في بداية الزيارة للمملكة انعقاد سلسلة من الاجتماعات الثنائية بين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب، وتهدف إلى إعادة تأكيد الصداقة العريقة ولتعزيز الروابط السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية بين البلدين، وتوافق القمة اليوم .
هذه القمة ستجمع قادة مجلس التعاون الخليجي مع الرئيس الأمريكي، بهدف مناقشة كافة التهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهدف أيضاً إلى خلق علاقات تجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، في اليوم الثاني من زيارة ترامب للسعودية وتوافق يوم الأحد 21 مايو 2017، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات.
وفي هذه القمة سيجتمع ترامب مع قادة ورؤساء الدول الإسلامية من مختلف دول العالم، من أجل معالجة سبل بناء شراكات أمنية أكثر قوة وفعالية، بهدف مواجهة ومكافحة التهديدات للإرهاب والتطرف عبر تعزيز قيم التسامح والاعتدال، وتوافق يوم الأحد 21 مايو 2017، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات.
إلى ذلك كشف الصحفي البريطاني الشهير روبرت فيسك في مقال تناولته صحيفة الاندبندنت البريطانية أمس تناول الأسباب الحقيقية والكامنة وراء زيارة ترامب إلى السعودية.
حيث قال: ينطلق دونالد ترامب لتأسيس ما يسمى بـ ” الناتو العربي” حيث سيكون هناك دكتاتوريون كثيرون لتحيته في الرياض، من الفاسدين المستبدين والبلطجية، غير أن الهدف من هذه الزيارة هو بسيط وهو “إعداد المسلمين السنة في الشرق الأوسط للحرب ضد المسلمين الشيعة، وبالتأكيد بمساعدة إسرائيل”، وحتى بالنسبة لأولئك الذين يستخدمون جنون القيادة العربية فإن القمة العربية الإسلامية (السنية) في السعودية هي أبعد من الفهم، فمن باكستان والأردن وتركيا ومصر والمغرب ، سيأتون حتى يتمكن السعوديون المغامرون والطموحون من قيادة حملتهم الإسلامية ضد البعض الآخر، فحقيقة أن معظم “الإرهابيين” في الشرق الأوسط من تنظيم “داعش” الإرهابي وتنظيم القاعدة، ومن يعرفون أيضا باسم جبهة النصرة هم لهم قاعدة أساسية في الدولة التي يسافر فيها ترامب، يتم التغاضي عنها وهي الحقيقة التي يتم تجاهلها، ففي واقع الأمر لم يحدث من قبل في تاريخ الشرق الأوسط مثل هذه “الكوميديا “.
وتابع فيسك: وعلى رأس هذا كله، يجب أن يستمعوا إلى ثورات ترامب التي تتحدث عن السلام والتطرف الإسلامي، ومن المؤكد أن هذا هو الخطاب الأكثر توسعاً الذي ينطق به رئيس أمريكي لأنه سيتعين عليه أن يدعي بأن إيران متطرفة، وسيتناسى الوهابية التي أسست تنظيم “داعش” الإرهابي والتي تدمر سمعة الإسلام في جميع أنحاء العالم، أي إن ترامب في كل هذا يشجع على الحرب.
واستطرد الكاتب الشهير فيسك بالقول: يريد نائب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (من الآن فصاعدا) أن يقود قبائله السنية – بالإضافة إلى العراق إن أمكن- وهذا هو السبب في دعوة رئيس الوزراء العبادي من بغداد، بغية تأسيس تحالف ضد إيران وسوريا وحزب الله اللبناني واليمن، فبعد كل شيء، هذا ما فعله السعوديون للزعيم الشيخ نمر النمر العام الماضي، قطعوا رأسه من جسده، على غرار ما يقوم به تنظيم “داعش” الإرهابي وهو الشكل الكلاسيكي من قطع الرأس الوهابي، ناهيك عما حدث لأبناء البحرين عندما انتقل الجيش السعودي إلى احتلال الجزيرة في عام 2011 بناء على طلب من حاكمها.
وتابع الكاتب في مقاله: يمكنك أن ترى أن تنظيم “داعش” الإرهابي – عدو ترامب القاتل والعدو الاستراتيجي له – هو مخلوق من نفس الطائفة السلفية السعودية، حيث يمتلك السعوديون وملوك الخليج وأمراؤه ثروة هائلة، وهي الدين الوحيد الذي يحترمه ترامب حقا، وهم يريدون تدمير إيران وسوريا وحزب الله واليمن – وهي قصة بسيطة “مناهضة للإرهاب” وهذا يعني أن ترامب يمكن أن يعطيهم الصواريخ الأمريكية والطائرات والسفن والذخيرة للحرب في المستقبل، ففي واقع الأمر إن أمريكا ستكون سعيدة. وستكون إسرائيل سعيدة، أكثر من أمريكا.
وقال فيسك: أعتقد أن ولي العهد السعودي يعتقد أنه قادر على تأسيس تحالف عربي على الرغم من أن الإسرائيليين أنفسهم سيكونون سعداء تماما لمشاهدة هذا، كما فعلوا خلال الحرب بين إيران والعراق 1980 – 1988م عندما دعمت أمريكا الرئيس العراقي صدام حسين وحينها وفر الإسرائيليون الصواريخ الأمريكية وبالطبع هي نفسها اسرائيل التي قصفت الجيش السوري وحزب الله في الحرب في سوريا، مع ترك تنظيم “داعش” الإرهابي بدون أي أذى لا بل إنهم قدموا المساعدة الطبية لتنظيم القاعدة في الجولان.
واختتم فيسك مقاله: وفي الوقت نفسه بالنسبة لترامب يجب نسيان العدالة، والحقوق المدنية، والمرض والموت، والكوليرا التي تسيطر على اليمن الآن، وهذا من باب المجاملة للهجمات الإجرامية بالقنابل التي قام بها السعوديون – بمساعدة حلفائهم الأمريكيين قبل تولي ترامب – ولا يكاد يوجد أي من القادة المسلمين الذين يلتقيهم ترامب في الرياض لا يعذبون مواطنيهم الذين باتوا يرغبون لو أنهم لم يولدوا قط، بينما روسيا وفلاديمير بوتين يفهمون جيدا ما يجري في الرياض، وسوف يشاهد بوتين الناتو العربي ينهار بالرغم من محاولات ترامب لدعمه.
تسعى السعودية لتعزيز نفوذها العربي والإسلامي والاقليمي على حساب جارتها إيران، خصمها اللدود في الشرق الأوسط، باستضافتها 3 قمم تجمع رئيس أمريكا دونالد ترامب بقادة وحكام عرب ومسلمين.
وقال تقرير لوكالة “أ ف ب”إن الرياض تجهد من خلال تنظيمها “قمم ترامب” واستضافتها على أراضيها، ليس فقط لترميم العلاقة المتراخية مع الحليف التاريخي، بل تسعى لجذب واشنطن مجددا للانخراط في صراعات المنطقة، والوقوف بحزم إلى جانبها في وجه إيران، التي تنافسها على الريادة في العالمين الاسلامي والعربي وتحاول فرض نفسها قطبا شيعيا ندا يدعي حق الدفاع عن حقوق أتباع المذهب الشيعي المنتشرين في بعض الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط من المملكة نفسها.
وقال الباحث في معهد “المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية” آدم بارون لوكالة فرانس برس، إن استضافة القمة العربية الاسلامية الأمريكية “مؤشر على الريادة الاقليمية للسعودية” والغرض منه إظهار مدى قدرة المملكة السنية على جمع قادة مسلمين تحت سقف واحد، مع ترامب.
وقال مستشار الأمن القومي إتش.أر. مكماستر، إن البيت الأبيض حدد ثلاثة أهداف لجولة ترامب وقممه في السعودية، وهي إعادة التأكيد على دور الولايات المتحدة القيادي على الساحة الدولية، وبناء علاقات مع زعماء عالميين وتوجيه “رسالة وحدة لأصدقاء أمريكا وأتباع ثلاث من أكبر الديانات في العالم”.
وأضاف للصحفيين “الرئيس ترامب يسعى لتوحيد الناس من جميع العقائد وراء رؤية أمريكية مشتركة للسلام والتقدم والرخاء”.
وذكر مكماستر أن ترامب سيلقى كلمة في السعودية يعبّر فيها عن أمله في أن يلقى الإسلام الوسطي المعتدل صدى في العالم.
ويعول مكماستر نفسه، الذي دافع علنا عن ترامب هذا الأسبوع، بوجه مزاعم بأنه كشف معلومات بشكل غير لائق خلال اجتماع مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالبيت الأبيض، على الجولة.
ويرى إندرياس كريغ، الباحث في مجال الدفاع في كلية كينغز بلندن، أن الملك سلمان من جانبه يسعى إلى الاستعانة بالولايات المتحدة لتشكيل “تحالف إسلامي بقيادة سعودية ضد الفكر المتطرف، وضد إيران”في نفس الوقت!.
والقمة جزء من استراتيجية أمريكية لدفع العالم الإسلامي إلى التحرك ضد المتطرفين السنة في تنظيم “داعش”، وضد الجماعات المسلحة الشيعية المدعومة من إيران وعلى رأسها حزب الله في لبنان، بحسب ما نقلت “أ ف ب” عن مصطفى العاني من مركز الخليج للأبحاث.
ويوضح المحلل قائلا “إنها استراتيجية مهمة لأنها قد تترجم بإجراءات على الارض وبمساهمات مالية سخية من الدول النفطية مقابل مشاركات عسكرية وتبادل للمعلومات الاستخباراتية”.
ومن المؤكد أن ترامب سيلقى استقبالا حارا منقطع النظير من الزعماء والحكام في السعودية وإسرائيل، لكن التساؤلات بشأن وجهات نظره من اتفاق إيران النووي والتزامه تجاه أمن حلف شمال الأطلسي والتشكيك في اتفاق باريس للمناخ قد تؤجج التوتر خلال اجتماعات مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل وصقلية المشمولتين بجولته الخارجية الأولى.

قد يعجبك ايضا