مواساة وطن ..!!
محمد أحمد الحاكم
أكثر من عامين والعدوان يتلذذ بشهواته الإجرامية في طحن اليمن طحن الرحى , عدوان لم يبق على بساط الأرض داراً يستجار إليها إلا و نثر في الأرجاء حُطامها , ولا زرعاً يستزاد به ليسد بطوناً أضناها الألمُ إلا وأهلك عود غصونها , ولا جوف بئر تروي ظمأ بدناً أنهكه الجفاف و التعبُ إلا وطمرها بطين ترابها , ولا غيماً في فضاء السماوات العلى منتشراً إلا وشتت سِماكهُ تمزيقاً إرباً إربا , ولا أغوار بحر لُجيةً أمواجهُ إلا وقد نزعت من أحشائه مكنون الدرر.
عدوان أستوطن في الوجود أهلاً بدلاً من أهلها , فلا روح استودعها الإله حفظاً في الأبدان لعظيم شأنها , إلا و بعثر حُرمتها , ولا بدن أبدع الإله في صنعته ليتجلى روعةً و كمالا , إلا وطالتهُ مخالب وأنياب اللؤم لتنهش لحمهُ وتسحق عظامه دون تمهل أو تورع , حتى أسكن في فضاءات الوجود وحشةً ضاقت لها القلوب ذرعا , ولا جمال يعد يُرى في الوجود كي يبعث للقلوب سكينةً وسرورا , و لا ضحكةً تعالت أصداؤها طالما اطنبت مسامع المحبين طرباً وعشقا , إلا سماع أنين جراحات أضنتها الأسقام .
وطني …. قد يكون العدو أفرط في إشعال حقده الدفين عليك دهرا , حينما أطلق عنان جرمه ليشمل كل ما فيك شبراً شبرا , وهو يصب عليك جام غضبه حمماً حمماً , لعل وعسى يستقيم له من أمرك ما صبر من أجله صبراً صبراً , لكن الحق ومشيئة إرادتهُ تأبى الخنوع و الإذعان لسطوة فعاله , حتى وإن ساق صنوف العذاب عليك زمراً زمرا .
و أعلم يا وطني بأن أمر العدوان لا يُستدام له , طال الزمن عليه أو قصر عمرا , ولا تخف من تطاول بغي فعاله , فإن نعال الأقدم لم تصنع إلا لتلجم أفواهاً كي تفنيها فناءً لا يؤسى عليها أبدا , و قر عيناً … فكما سجل التاريخ أمجاد رجال سطروا بتضحياتهم صورة لا يشبه لها في العالمين رسما , سيوثق من جديد حكاية عشق أبطالها أرض و رجالٌ سيقهرون العدو قهراً قهرا , الى أن يفنوه من الوجود ميتاً لا يدفن في معبد أو قبر .