الرباعية العدوانية الدولية!

صلاح القرشي
منذ قيام السعودية وتحالفها الإقليمي والدولي بشن الحرب العسكرية العدوانية على اليمن والعالم يشاهد تحولاً بالقواعد المنظمة للحروب بل وتم إدخال قواعد جديدة غير أخلاقية أو إنسانية وغير منطقية أو واقعية وتخالف كل القيم والأعراف ومصطلحات جديدة واعتماد سياسات عسكرية واقتصادية وإعلامية جديدة في هذه الحرب لم تستخدم في أي وقت سابق في الحروب التي حدثت بتاريخ العلاقات الدولية بين الدول بعد الحرب العالمية الثانية. بل إن السياسات والأساليب والطرق في البحث عن حل للأزمة والحرب في اليمن كانت مختلفة وبمفاهيم جديدة أيضا ومتناقضة.
**فلم يحدث في السابق أن تم اعتبار الدول المعتدية هي نفسها من ترعى الحل كما في حال الدول التي شنت الحرب وشكلت رأس حربه في هذا العدوان ودمرت اليمن وقتلت الشعب اليمني ودمرت الاقتصاد اليمني وبشكل ممنهج والتي دعمت المجموعات المسلحة للقاعدة وأخواتها وساعدتها في الانتشار في اليمن وتمارس دوراً احتلالياً موصوفاً للأراضي في المدن والجزر اليمنية هي نفسها التي ترعى ملف حل الأزمة في اليمن وفرض التسوية السياسية في اليمن وكدول وسيطة لفرض الحلول لهذه الأزمة، تحت ما يسمى دول (الرباعية الدولية) المشكلة من أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات، وكأن الحرب في اليمن بين الأطراف اليمنية فقط وليست هذه الدول التي شنت الحرب على اليمن. هي الطرف الرئيسي في الحرب والقتل والتدمير.
وللأسف تتعاطى معها دول العالم على هذا الأساس وتحضى بدعم من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بل أن التعاطي الإعلامي من جميع الأطراف الداخلية اليمنية والخارجية كدول (رباعية دولية) تعنى في مناقشة ووضع الحلول للازمة في اليمن وتقوم بعقد اجتماعات لها في عواصم البلدان الإقليمية والدولية في مدينة جدة السعودية وفي مدينة برلين الألمانية وفي مدينة لندن العاصمة الانجليزية وذلك في ما يسمى مناقشة الأزمة في اليمن واعتماد الحلول لها وطبعا بمشاركة المبعوث الدولي الخاص للأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن كشرعنة لما تقوم به، وهذا التعاطي يعتبر خطأ فادحاً بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
لم نر مغالطة غير مسبوقة ستسجل في تاريخ العلاقات الدولية مثل هذه المغالطة، بأن تكون الدول التي تعتدي عسكريا على اليمن هي نفسها الدول التي يجب أن تضع الحل والتسوية لوقف هذه الحرب إلا في حالتين.
الحالة الأولى هي الحالة اليمنية، والحالة الثانية هي القضية العربية الفلسطينية عندما سحب ملف قضية فلسطين من مجلس الأمن وتم اعتماد أمريكا كحكم وراعية للمفاوضات بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني مع ما تمثل أمريكا من داعم وحليف استراتيجي للكيان بل إنها هي من تتبع سياسة استراتيجية في حماية. أمن إسرائيل وتتعهد ببقاء التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة بل أنها تعتبر حماية إسرائيل جزءاً لايتجزأ من الأمن القومي الأمريكي، وهي من تدعم إسرائيل بالأموال والسلاح وتؤيد كل ما يقوم به هذا الكيان الصهيوني من أعمال وحشية بحق الفلسطينيين ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات وكل ما يقوم الكيان الصهيوني من احتلال بشع لفلسطين والقدس الشريف وتجاوز كل حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، ورفض تطبيق القرارات الدولية وغيرها، وأمريكا نفسها هي من تقوم باستخدام قرار حق النقض،الفيتو ضد أي قرار دولي ضد إسرائيلي تتخذه الأمم المتحدة ومجلس الأمن وقد أسقطت عشرات القرارات التي كانت ستصدر ضد إسرائيل في مجلس الأمن، وبذلك حمت إسرائيل من المساءلة الدولية أو أي عقاب دولي لما تفعله من جرائم في حق الشعب الفلسطيني طوال عشرات السنين، وفي النهاية مطلوب من الفلسطينيين أن ينتظروا الحكم والحل والإنصاف لقضيتهم يأتي من أمريكا، وهذه هي المغالطة التاريخية التي انطلت على العرب بقصد أو بدون قصد .
وبالمثل مطلوب من اليمنيين تسول الحل وانتظار ما تقرره دول الرباعية العدوانية. السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا ووقف هذا العدوان الغاشم الإجرامي والتدميري والحصار الظالم في اليمن .
الإعلام اليمني الحر. مطالب وقبل القيادات السياسية اليمنية أن لايمرر هذا المصطلح الإجرامي بما يسمى (الرباعية الدولية) وإنما يتعاطى معه بمصطلح الرباعية العدوانية الإجرامية الدولية، ورفض هذا الدجل والتحايل المفضوح والخديعة الكبرى.
وعلى كل يمني حر أن لا ينتظر أن تأتيه هذه الدول بالعدالة للأزمة اليمنية وأن تنصف الشعب اليمني المظلوم ضد هذا العدوان والإجرام الذي وقع علية، أو أن تقوم هذه الدول بفرض حلول تكفل لشعب اليمني الحرية والكرامة وتحافظ على استقلال الدولة اليمنية وأن تضمن وحدة الوطن وسلامة أراضية، هذا لا يمكن أن يحدث فلا أحد منا يمنّي نفسه في هذا الاتجاه غير الواقعي، وهاهي إسرائيل لم تعد عدوة لمعظم دول (عرب روتانا) بل أصبحت حليفاً وصديقاً لمعظمهم وعلى رأسهم أسرة بني سعود وأسرة آل نهيان.
فلا تقعوا أيها اليمنيون في نفس فخ الرباعية الإجرامية العدوانية الدولية ولا تتعاطوا معها إعلاميا وكأنها دول وسيطة وحمامة سلام وأنها ستخرجكم من جحيم الحرب وتقدم لكم العدالة والإنصاف وستمكنكم من حقوقكم ،
-فهذه الدول هي من قامت بالعدوان على اليمن بدون أي مسوغ قانوني أو قرار دولي بالتدخل عسكريا قبل أن يصدر مجلس الأمن الدولي لقراره المشؤوم 2216 بأكثر من أربعين يوماً، ونصبت نفسها كدول وصية على اليمن.
-وهذه. الدول نفسها هي من قامت بتدمير الاقتصاد اليمني والبنى التحتية بطريقة ممنهجة وبدون أي مبرر.
-وهذه الدول هي نفسها من قامت بعمليات عسكرية وقصف وحشي وإجرامي ضد اليمنيين الأبرياء وقتلت الأطفال والنساء والرجال والشيوخ وارتكبت مجازر إجرامية في حقهم التي تعتبر كجرائم حرب ضد الإنسانية، فلقد قصفت المستشفيات والأسواق الشعبية وصالات العزاء وصالات الأفراح والمجمعات السكنية في القرى والمدن ولم تسلم من هذا القصف مستشفيات أطباء بلا حدود الدولية.
– وهذه الدول هي نفسها من تمارس دوراً احتلالياً للمدن اليمنية في عدن والمكلا ومارب وغيرها من المدن وتمارس احتلالا موصوفا لجزيرة سقطرى وميون وزقر وحنيش الصغرى والكبرى وغيرها.
-وهي نفسها من تدمر بلادنا وتقتل أطفالنا ونساءنا بطائراتها وصواريخها وقنابلها العنقودية والفراغية والنيترونية والكيماوية والفسفورية المحرمة دوليا.
– وهذه الدول هي من جمدت أعمال المنظمات الدولية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وعطلت دورها في اليمن وجعلتها تقف صامتة عن كل أعمال مجازرها وجرائمها بحق الشعب اليمني ومقدراته، ومارست ضغوطا أخرجت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عن دوره في حل الأزمات وجعلت منه مشرعناً لأعمالها الإجرامية في اليمن.
-وهذه الدول هي نفسها من فرضت الحصار الاقتصادي على الشعب اليمني وجعلته يعيش في معاناة كبيرة وهي المسؤولة عن تفشي الجوع والفقر والمجاعة في اليمن وتقف اليوم متفرجة على ما يجري لهذا الشعب من تدني معيشتهم الحياتية متخلية عن مسؤولياتها بحكم أنها دول محتلة لليمن وتحاصر شعبه بموجب القوانين الدولية والأعراف الإنسانية الدولية المنظمة لذلك.
-وهذه الدول هي من تتآمر وتقوم بدعم وإنشاء مليشيات وجيوش متنافرة في كل المدن اليمنية في عدن وتعز والمكلا وشبوة ومارب لتفرض الأقلمة والتقسيم والانفصال بعد ذلك، وانظروا ما يحدث في حضرموت الآن، هي من ساعدت على ضرب وتفكيك الجيش اليمني، وساعدت في نشر المجموعات الإرهابية للقاعدة وأخواتها من داعش وأنصار الشريعة وبحيث تنتشر الحروب الأهلية بين اليمنيين وتنعدم الحلول بينهم مما يؤدي إلى استمرار وجودها واحتلالها لليمن وتقسيمه تحت سياسة (فرق تسد ).
إذاً هذه الدول هي دول معتدية وجيوشها من تشن عدوانا عسكريا احتلاليا على اليمن وليست دول تسعى للبحث عن السلام في اليمن أو مساعدة اليمنيين على الاتفاق بل إنها هي من تضرب وتمنع أي اتفاق بين اليمنيين، والدليل أنها منعت وأحبطت نجاح أكثر من مرة عمليات تبادل الأسرى بين اليمنيين في آخر لحظات تنفيذ اتفاقات تبادل الأسرى، كما حدث في عدن عندما قامت الإمارات بإفشال عملية تبادل الأسرى، وأيضا في مارب عندما أفشلت السعودية لعملية تبادل الأسرى بين اليمنيين، فهذه الدول تمارس سياسة إفشال أي تقارب في وجهة النظر بين اليمنيين لأنها متضررة من ذلك.
بقي أن نقول أخيراً أنه يجب أن يكون الموقف اليمني تجاه الدول الرباعية العدوانية واضحاً وبيناً وأننا نرى أن تكون المفاوضات تجري في حالة أي تسوية سلمية للحرب بيننا وبين هذه الدول المعتدية علينا بصفتها الطرف الرئيسي في العدوان والحرب وتجري مفاوضات مباشرة بيننا وبينهم لإنهاء هذه الحرب، وليس مفاوضات تقتصر على الأطراف اليمنية هذا غير مقبول ،نحن وإخواننا اليمنيون لا مشكلة بيننا وبينهم ونستطيع في أي لحظة أن نسد ونتفق ونتصالح وكل واحد منا يمكن أن يتنازل للآخر وفق أعرافنا وقيمنا لا مشكلة في ذلك ،المشكلة الرئيسية في العدو الرئيسي ضدنا من الدول الرباعية العدوانية فهي التي قامت بشن الحرب علينا وكل ما ذكرناه سابقا فهي الطرف الرئيسي في هذه الحرب يجب أن تتحمل كل المسؤوليات عن كل ما فعلته بحق الشعب اليمني والدمار الذي أحدثته وكل النتائج التي ترتبت عن عدوانها على الشعب اليمني ودولته وان ترفع يدها عن اليمن فلن نقبل أن تكون وصية ومحتلة في أي يوم من الأيام لأي شبر من أرض اليمن، وأن تدع الشعب اليمني يقرر مصيره ويختار نظامه بدون أي تدخل منها، لن يقبل الشعب اليمني بغير هذا بعد كل ما قدم من تضحيات خلال مدة هذه الحرب.

قد يعجبك ايضا