إعداد/ الإدارة الثقافية
للمثقف والأديب والمبدع دوره الهام في الدفاع عن وطنه ومواجهة الأخطار التي تحيق به.. وإبعاد الأخطار عنه وذلك من خلال إبداعه وفكره ودوره الهام في نشر الوعي بين طبقات المجتمع المختلفة، وتصدره للمشهد الثقافي التنويري بمستقبل الأمة وتبنيه قضاياها والعمل على الحشد من أجل نصرتها وعزتها وكرامتها، من خلال الاستطلاع التالي نتعرف إلى أهمية هذا الدور.. فإلى التفاصيل:
مواجهة حقيقية
* بداية يقول الأديب عبده الحودي، مدير مكتبة البردوني بذمار: كل هذه الأنشطة الثقافية المتنوعة التي تتزايد يوماً بعد آخر تدل على أن هناك مواجهة ومناهضة حقيقية وفاعلة للعدوان، فالأديب والمبدع والمثقف لم يغب يوماً عن قلب الحدث، دائماً ما يعبر عن مواقفه الرافضة والمستنكرة لكل جريمة ترتكب في حق أبناء الشعب، فضلاً عن السعي في تشكيل وعي المجموع وتوحيد الصف، في ظل واقع مضطرب نحو تنمية مشاعر الولاء والانتماء للوطن، من خلال العديد من المساهمات المتمثلة في جملة من الكتابات المتنوعة، وتكثيف الأنشطة والإصدارات التي تؤكد استمرار المواجهة والتفاعل مع القضايا الوطنية العامة بوعي حقيقي.
المقاومة الثقافية
* من جانبه يؤكد هايل المذابي، رئيس تحرير مجلة الفن والأدب، أن كل ما يقوم به المثقفون والمبدعون أثناء الأزمات التي تمر بها بلدانهم يأتي في سياق أشكال المقاومة الثقافية وهي بتعدد أنواعها تهدف كما ينبغي أن تكون عليه إلى السلام والترويج له، والمبدع له دور أساسي في الترويج لذلك السلام والحوار بين أبناء وطنه أولاً وقبل كل شيء لأن المبدع يرفض الحروب بكل أنواعها وليس له سلاح يحمله، لأنه يفهم أن السلام والدعوة إليه دليل على الرقي والتحضر حتى لو فهم الآخرون أنه موقف مشبوه لكن الغاية النبيلة لا تعمى على ذوي البصيرة.
نفس الموقف هذا سيتخذه المثقف الحقيقي حين يمارس وطنه فعل العدوان على أي بلد آخر مهما كانت أسبابه بمعنى أوضح يصبح المبدع في كل الأحوال العين التي تطل على العالم من فوق لا ينتمي إلاّ إلى السلام والمحبة والإنسان ويدعو إلى كل ذلك دائماً.
الأديب صاحب رسالة
* وتؤكد الأديبة نبيهة محضور رئيس نادي القصة بذمار الدور الكبير للأديب في الدفاع عن الوطن وسيادته وأمنه واستقراره، هذا الدور لا يقل أهمية عن من يحملون السلاح ذودا عن تراب الوطن الذين يقدمون أرواحهم في ميادين القتال، فالكلمة سلاح الأديب والمثقف، فمن خلالها قد يغير في سياسة دول، في مصير أمة وعبرها تستثار وتشحذ الهمم وترفع المعنويات.
وتضيف: إن الأديب والمبدع الحقيقي صاحب رسالة ينبغي أن يستغلها فيما يوحد الصف ويجمع الكلمة، وبالنظر إلى تاريخ الثورة اليمنية المجيدة يجد أن من قاد تلك الثورة هم صفوة المجتمع من الأدباء الذين سخروا كلماتهم لنصرة قضية اليمن أمثال الزبيري رحمه الله وغيره من حملوا على عاتقهم حرية الكلمة.
وتتابع: هذا ما يعول على المثقف والكاتب والأديب خاصة في هذه المرحلة التي يعيشها الوطن المكلوم منذ عامين والذي انتُهكت حرمة دماء أبنائه وحرمة أرضه على مرئ ومسمع من العالم الصامت إزاء قضيته، وعليهم اليوم حمل رسالة الدفاع عنه واسترداد كرامة أبنائه الأحرار بكل طرق ووسائل الإبداع المقروءة والمسموعة، خاصة في ظل الانفتاح الذي يشهده العالم من خلال استخدام وسائل الإعلام بكل أشكالها وصورها وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال التوعية الثقافية وإقامة الندوات والمهرجانات التضامنية مع قضية وطننا الحبيب من خلال الفن التشكيلي المعبر عن مأساة المواطن الذي أصبح يقاسي الحرب والمجاعة من خلال المسرح الواعي والهادف الذي يقدم من خلاله عملاً إبداعياً راقياً يجسد معاناة الإنسان اليمني الطفل والمرأة، الأم الثكلى، الزوجة المفجوعة في زوجها، الشهيد المدافع عن وطنه، من خلال الخطاب الصحفي الواعي الناشر للحقيقة الذي ينشر في كافة الصحف المحلية والعربية والدولية، الواقع الذي نعيشه رغم مرارته أرض خصبة للإبداع، أرض ينطلق منها المبدعون، فرصة ليثبت المثقف والمبدع عبرها ولائه لهذه الأرض، ينتصر خلالها لقضية الوطن، الذي يحتاج اليوم لكل صوت، لكل رصاصة حرف تخترق أفئدة العدو وتربك صفه وتجعله يعيد حساباته، هي أمانة الكلمة التي ينبغي أن يدركها الأديب فلا مجال اليوم للصمت وأرواح اليمنين تحصد فمن لم يتكلم اليوم لا حاجة للوطن لكلامه غداً.
حفظ الله الوطن ونصر جيشه.
دور الشعر في شحذ الهمم
* أما الشاعر وائل الطشي فيقول: لا شك أن الأدباء والمثقفين والمبدعين قد لعبوا دوراً بارزاً في مواجهة العدوان الهمجي الغاشم سواء من خلال القصائد الشعرية الوطنية الفصحى أو العامية أو الشعبية أو من خلال الزوامل التي لعبت أيضاً دوراً كبيراً في شحذ الهمم وتحفيز أبطال الجيش واللجان الشعبية والمواطنين على الصمود ومجابهة العدوان، ولقد شرفت بكتابة العديد من القصائد الشعرية الوطنية ومن ضمن ما كتبت قصيدة بعنوان (سلمان الشيطان) قلت فيها:
سلمانُ الشيطان
مهما تعربدَ في الورى سلمانُ
وجنودُهُ وتفاقم العدوانُ
وسعى (الزهيمرُ) والأراذلُ يحشدوا
برَّاً وبحراً واحتفى الغِلمانُ
وتحالف الفُجَّارُ تحت لوائهِ
مَهما النصارى واليهودُ أعانوا
مهما اشترى بالمال ِ بعضَ حثالةٍ
مهما انضوى في حلفه الجرذانُ
لن يحصدوا إلاّ الهوانَ وخزيهم
وهزيمةً يبكي لها الشيطانُ
فالشعبُ سطّرَ بالصمود ملاحماً
وبسالةً شهدت لها الأكوانُ
شعبٌ أولو بأس شديدٍ عزمه
فهو الآبيُّ وزادُهُ الإيمانُ.
المثقف ومقارعة العدوان
* ويؤكد الكاتب والأديب بشير المصقري بالقول: القلم الذي لا يقارع العدوان عار على الكتابة.. هكذا هي حكمتي منذ بدء العدوان.. المثقف أول الأنساق التي يجب أن يكون لها موقف من العدوان.. موقف تجريمي.. موقف إدانة.. موقف يدعم وجوده كواحد من أبناء المجتمع الذي يتعرض لأبشع عدوان عرفه التاريخ.. وحين قلت يدعم وجوده فأنا أنه ذلك الوجود الذي يختزل بقية الشرائح والفئات البشرية.. فهو من يعبر عنهم حيال قضايا الظلم والعسف والعنجهية كما هي قضية العدوان على بلادنا ومن هنا يظل إبراز دور المثقف الواضح بمثابة دفعة حقيقية للعوام الذين يعانون من ارتباك وربما عدم وعي بخطورة العدوان ويضحون ضحية لتلك الأبواق الساقطة التي تخلط في المفاهيم وتضع أطاراً تبريرياً للعدوان على شاكلة.. “الله يصيب من كان السبب”.. و”الله ينصر الحق” بينما المعتدي واضح والمعتدى عليه واضح..
ويضيف: دور المثقف هنا يجب أن يتصدى لهؤلاء المطعونون في انتمائهم وهم يسعون لتظليل العامة من أبناء اليمن.. وهم في حقيقة الأمر مؤيدون لهذا الاعتداء الغاشم وهذا الظلم السادر والفاجر.. فعلى المثقف حماية الناس وأبناء المجتمع من أضرار ودناسة مروجي التبريرات التي تحدثنا عنها وصد هذه الحملات المظللة والبقاء على الدوام في متارس فضح العدوان وأزلامه في كل الصيغ والأشكال.
دور المثقف في تحصين الوطن
* ويشير الشاعر نبيل القانص إلى أن المثقفُ الحقيقي هو الضوء الذي يبدد الظلام ويبني بفكره المستنير الوطن والمجتمع والإنسان، وإذا مارس دوره الفكري الثقافي النهضوي بإخلاص ومثابرة وصبر فهو بذلك يحصّن الوطن من كل الأخطار والموت الذي يدمي أرواحنا وقلوبنا والخراب الفج الذي يؤذي حتى عيوننا، فيجب أن تكون القيم والمبادئ ثابتة عند المثقف والمبدع ومن الطبيعي أن يكون الرأي مرناً ومكتوبا بالقلم الرصاص، لأنه قد يتغير بتكشف الحقائق أمامه، وهكذا يتخلص المثقف من الأدلجة والفكر الموجّه التي والذي يـ/تتحكم بمواقف الكثير ممن يسمون أنفسهم “مثقفون” وهم مجرد خرفان في قطيع.
ويضيف: أما الإبداع فهو أكثر الأشياء وصولاً وانتشاراً وتأثيراً بلغته الكتابية أو السمعية أو البصرية الراقية، ولا يكون حقيقياً إلاّ إذا كان يحمل قضية تمس الشعوب.. أو بالأحرى القضية الأقوى التي تهم كل الناس.. ليحكي عن معاناتهم ويعكس الواقع ويثري ويناقش ويختصر ويكثف قضايا المجتمع وهمومه بشكل صريح أو رمزي له دلالته الجمالية الواضحة، وهذا هو الدور الأهم في الحياة.