المحيط .. النسيان .. القراصنة.. ظلمات ثلاث تحاصر العذراء


تحقيق/صادق هزبر –

> تنتصب وسط ظلمة المحيط الهندي كمتعبدة تتلو آيات الحمد والثناء.. عذراء بكراٍ في تنوعها البيئي والحيوي .. كما خلقها الله.. تعيش ظلمات ثلاث.. ظلمة المحيط الموحشة.. وظلمة نسيان الدولة.. وظلمة القراصنة.. إنها سقطرى هدية الإله لليمن.. وإحدى عجائب الزمن.. كل شبر فيها يعطيك حكاية تفاصيل البحر والجبل.. تحتضن أهلها الطيبين من أبناء سقطرى كالأم الحنون.. تمنحهم الأمان والحب وتحنو عليهم بمصداتها الجبلية من عاتيات الزمن من الرياح والأمواج.. وتفتح صدرها بكهوفها ومغاراتها لتعطيهم الطمأنينة والراحة.. وهبتهم طبيعتها البكر وتنوعها البيئي النادر على مستوى العالم وبادلوها بالحب والصبر والعمل والمحافظة على بيئتها..

ومثلما تشق شجرة تريمو وطريقها وسط الصخور فإن أبناءها يشقون طرق عيشهم الكريم بكل معاناة ومثلما تمنحهم شجرة دم الأخوين ظلالها ودواءها فإنهم يبادلونها بعدم العبث بها. أثناء زيارتنا لهذه الجزيرة الفاتنة كان لا بد أن نسلط الأضواء على بعض المعاناة في هذا التحقيق الذي بدأناه بظلمة المحيط الهندي واتساع خارطة المياه اليمنية وهي أول ظلمة تواجه أرخبيل سقطرى وبعدها ظلمة القرصنة التي تشكل هاجساٍ كبيراٍ وخطراٍ متزايداٍ على البيئة البحرية في أرخبيل سقطرى وهذا ما يؤكده الأخ العقيد علي سالمين- قائد البحرية بأرخبيل سقطرى- أن نسبة القرصنة ازدادت خلال السنوات الماضية من قبل القراصنة الصوماليين الذين حولوا مهنتهم من اختطاف وقرصنة سفن وقوارب صيد إلى قرصنة الأحياء البحرية والأسماك وخصوصاٍ خيار البحر وخلال العام الماضي تم ضبط 34 شخصاٍ من القراصنة الصوماليين في جزيرة عبدالكوري فضلاٍ عن عمليات صيد عشوائي للأحياء البحرية والتي تهدد بيئتنا البحرية وأضاف سالمين أن هناك سفناٍ كبيرة تدخل المياه اليمنية وهي سفن صينية وأوروبية وإيرانية ولا تستطيع القوات البحرية اليمنية الوصول إليها إلا في حالات نادرة وأنه قبل ثلاث سنوات تم ضبط ثلاث سفن إيرانية موضحاٍ أن قلة الإمكانيات واتساع الخارطة المائية اليمنية تشكلان أهم المعوقات وتزيد من عمليات الضغط وأن القوات البحرية تقوم بعمل دوريات أسبوعية ثلاث مرات وذلك في أربعة مواقع وتم وعدنا بإضافة زوارق جديدة ونحن بانتظار هذه الوعود من القوات البحرية وهناك تعاون مستمر مع القوات المسلحة والبحرية بشكل دائم للحد من هذه القرصنة البحرية.
وأضاف العقيد علي سالمين قائد القوات البحرية أن المجتمع المحلي والصيادين يشكلون حلقة وصل واحدة للتكاتف وتصلنا بلاغات من مكتب الثروة السمكية.

لا يوجد رادع قانوني
أما الأخ فؤاد نصيب سعيد من وحدة الأبحاث والدراسات البحرية بالهيئة العامة لحماية البيئة بسقطرى فيقول: إن لدى الوحدة “12” موقعاٍ بحرياٍ تتم مراقبته أسبوعياٍ للتعرف على التغييرات البيئية البحرية وتم التوصل إلى نتائج أن هناك تغييرات حصلت بسبب الاصطياد السمكي الجائر وهناك أربعة أنواع من الأسماك بدأت تنخفض وهي أسماك القرش والديرك والشروخ وبعض أنواع من البياض وأن السبب في ذلك هو القرصنة والجرف العشوائي للأحياء البحرية وأنه لا توجد جهات ضبط أو حماية متكاملة بل لا يوجد تشريع قانوني يضع حداٍ لمثل هذه الأعمال الجائرة.

قرصنة السلاحف
في حين يقول الأخ ثابت خميس رئيس قسم الأبحاث البحرية في الهيئة العامة لحماية البيئة بأرخبيل سقطرى أن هناك مشاكل أخرى تواجه بيئة سقطرى وهي اصطياد السلاحف وهذا النوع نموه بطيء ولا يتكاثر إلا بعد 35 – 50 عاماٍ وأنه لا توجد عقوبات رادعة لوقف هذا النزيف الحاصل ولا بد من إيجاد آلية ذات فاعلية للحفاظ على هذه الجزيرة وبيئتها الطبيعية والبحرية فضلاٍ عن مشاكل المخلفات البلاستيكية وكذلك إدخال القات للجزيرة وهذا يحتاج إلى وقفة.

قرصنة النباتات العطرية النادرة
كما لا تختلف القرصنة البحرية عن قرصنة النباتات والأشجار العطرية المتواجدة على أرض ووديان وجبال سقطرى حيث تتعرض بعض النباتات العطرية النادرة على مستوى العالم للقرصنة والتهريب عبر طرق عدة رسمية وغير رسمية الرسمية عن طريق منظمات ومراكز أبحاث إقليمية وفقاٍ لما أكده الأخ أحمد عيسى علي مسئول النباتات والمحميات بفرع مكتب الهيئة العامة لحماية البيئة أن ذلك يتم عن طريق إبرام اتفاقيات مع اليمن بهدف إخراج بعض النباتات النادرة أو الحشرية الحية وهذه اتفاقيات مجحفة وقد ضبطت أكثر من مرة والنباتات مثل اللبان وعدد أنواعها ثمانية أنواع أما الطرق غير الرسمية فهي مثل استخراج الأنواع بالتهريب ويتم ضبطها أكثر من مرة ويتم تهريبها عبر المنفذ الجوي وأن الأجانب هم أكثر من يعملون على تهريب هذه النباتات.

الشعاب المرجانية
كما تتعرض الشعاب المرجانية لحالات تصدير لدول مجاورة وكان يتم تجميعها عن طريق المواطنين أكواماٍ ومن ثم يتم نقلها عبر السفن بآلاف الأطنان سنوياٍ مما يشكل أزمة وخطراٍ على البيئة البحرية وبيئة سقطرى وقد تم الحد من هذه العملية تدريجياٍ والسبب أيضا حاجة المواطنين وعوزهم للمادة إلى جانب ضعف الوعي بأهمية الحفاظ على بيئة أرخبيل سقطرى.

ظلمة النسيان
ظلت أرخبيل سقطرى في ظلمة النسيان قبل الوحدة اليمنية وحين جاءت الوحدة في 22 مايو تواجدت هناك بعض المشاريع التنموية وخصوصاٍ الطرقات أما مشاريع تنمية الإنسان وتأهيله فهي بطيئة جداٍ وفي منطقة حديبو هناك مستشفى 22 مايو وهو مستشفى كبير تم بناؤه قبل ثلاثة عشر عاماٍ وإلى الآن لم يتم افتتاحه والقضية هنا نطرحها على وزارة الصحة العامة والسكان ولولا وجود مستشفى تم بناؤه ونفقة تشغيله على دولة الإمارات لكان الوضع الصحي هناك صعباٍ أيضا منسية في جوانب التنمية الزراعية والحفاظ على المياه الجوفية فهناك أنهار من المياه العذبة تصب في مياه المحيط والناس يبحثون عن شربة ماء نقية أضف إلى ذلك عدم توفر الفنادق والمطاعم النظيفة والراقية وكذلك عدم توفر البترول والديزل والغاز لأشهر وهذا يسبب أزمة كبيرة داخل الجزيرة.
وهنا يقول الأخ عيسى سعيد محمد مدير عام مديرية قلنسية وجزر عبدالكوري أنه لا توجد في المديرية بكاملها سوى أربع وحدات صحية وهناك مستشفى ريفي وأن عدد الكادر الصحي لا يتجاوز 30 كادراٍ وطبيباٍ واحداٍ وأن أبرز المشاكل هي عدم استكمال الطرقات وقلة الكادر الصحي والأطباء المتخصصين وكذلك طبيبات النساء والولادة وأنه لا يوجد فنادق ولا مطاعم موضحاٍ أننا نواجه مشاكل المتابعة وهذا يحتاج تكاليف السفر فضلاٍ عن حاجة الجزيرة للكهرباء في حين يرى آخرون أن هناك عمليات سطو على الأراضي الرطبة بالإضافة إلى أنه لا توجد في الأرخبيل أي معاهد فنية وهي بحاجة إلى معاهد متخصصه بالبيئة والفندقة والسياحة وغيرها وكذلك لا توجد فيها جامعة أو كليات علمية متخصصه.

 فؤاد الحرازي

قد يعجبك ايضا