الأديب عبده الحودي مدير عام مكتبة البردوني الثقافية:
الثورة نت/محمد القعود
إنها ذمار.. تلك المدينة / المحافظة الجملية التي أنجبت العديد من النوابغ والشوامخ، وفي مقدمتهم البردوني والحضراني والوريث.
إنها ذمار مدينة العلماء والأدباء والتاريخ والحضارة.. في مختلف الظروف والمراحل كانت في الواجهة منارة إشعاع حضاري.
ورغم تضاريسها وظروفها القاسية، إلا أنها استطاعت خلال السنوات الماضية أن تحقق لنفسها مكانة ثقافية رفيعة ومبهرة وذلك من خلال أنشطة وإبداعات مبدعيها الذين انهمروا بإبداعتهم الخلاقة ومن خلال أنشطة أهم مرافقها الثقافية مكتبة البردوني العامة بذمار والتي صارت إحدى المنارات الثقافية الهامة على مستوى اليمن.
مكتبة البردوني العامة بذمار صار لها حضورها الهام والفاعل في المشهد الثقافي اليمني، وصارت حاضرة بقوة من خلال دورها الثقافي الهام الذي تلعبه ومن خلال أنشطتها الثقافية المتواصلة والمتميزة على مدار العام.
وهذه المكتبةصارت لها ثمارها الحلوة والعذبة في مائدة الثقافة اليمنية والتي لم تأت إلا نتيجة لجهود الكثيرين الذين عملوا على إبراز وإنجاح هذه المكتبة وفي مقدمتهم الأديب المبدع /عبده الحودي – مدير عام المكتبة الذي كان لنا معه اللقاء القصير في السطور التالية التي يسلط فيها الضوء على هذه المكتبة وأنشطتها الثقافية :
ميلاد مكتبة
* في البداية يقول مدير عام المكتبة عن أولى خطوات ميلاد مكتبة البردوني:
– في النصف الثاني من العام 1999 م ،بدأت خطوات التأسيس ،وفي 24/ 11/ 1999 م ،تم افتتاح مكتبة البردوني العامة بذمار ،في قاعة واحدة طولها عشرة أمتار وعرضها ثمانية أمتار ،ضمن مبنى مكتب الثقافة بالمحافظة،تم تأثيثها وتجهيزها بعدد ست طاولات للقراءة والمطالعة ،و (36) كرسيا،و (36) رفاً للكتب،كانت تحتضن حوالي (1100) عنون من أوعية المعلومات المتنوعة. منذ أول يوم لإفتتاحها شهدت إقبالاً كبيراً من القراء والباحثين من الجنسين ،خلال الفترتين الصباحية والمسائية،الأمر الذي شجعني – كوني كنت الموظف الوحيد – على رفع التقارير لرئيس الهيئة العامة للكتاب آنذاك الاستاذ خالد الرويشان ،مطالباً بتزويد المكتبة بمجموعات جديدة من الكتب بما يكفل تلبية رغبات المستفيدين،حيث حصلت المكتبة على مجموعات متنوعة من الكتب من الهيئة ،ووزارة الثقافة ،ومن بعض المؤسسات والنخب الثقافية والشخصيات الاجتماعية ،وأفراد المجتمع ،ليصل أجمالي عدد العناوين في منتصف عام 2007 م ،إلى أكثر من ( 8900) عنوان ،إضافة إلى مجموعات متنوعة من الدوريات.
فكرة على أرض الواقع
* ويضيف الأديب عبده الحودي قائلاً
– الزيارات المتكررة للأستاذ عبدالوهاب يحيى الدرة الذي تزامن تعيينه محافظاً لمحافظة ذمار بالتزامن مع تأسيس المكتبة ، ومشاهدته والنخب الثقافية والشخصيات الإجتماعية المؤثرة بالمحافظة لذلك الإقبال الكبير من المستفيدبن لدرجة جلوس أغلبهم على الأرض والبحث عن المعلومة والمعرفة، ما جعل إدارة المكتبة على إعداد تصور أولي لمشروع بناء وتأثيث مكتبة البردوني العامة ،وإرقاقه بمذكرة للمحافظ الدرة الذي أبدى اهتمامه بالفكرة والعمل على تحقيقها على أرض الواقع.
ويضيف:
– في بداية العام 2004 م ،أستغل المحافظ الدرة زيارة وزير التخطيط والتعاون الدولي ،رئيس الصندوق الاجتماعي للتنمية لمحافظة ذمار ،حيث كانت المكتبة من أول الأماكن في جدول الزيارات وكانت فكرة مشروع بناء وثأثيث مكتبة البردوني العامة على رأس قائمة المشاريع التي تم طرحها على الوزير ،والتي تم الموافقة عليها ،حيث وجه الوزير فرع الصندوق الاجتماعي للتنمية بذمار ،بعمل دراسة جدوى ،واستكمال كل الإجراءات اللازمة، لتتكاتف كل الجهود وتقديم كل التسيهلات ،وتحديد الأرضية ،لتنتهي باستكمال كل الترتيبات والاتفاقات،وتتويجها بإعلان المناقصة ،وتسمية المقاول للمشروع.
– مكونات المكتبة
– وعن تكوين ومكونات المكتبة فيشرح ذلك بقوله:
في بداية العام 2005 م ،بدأت عملية البناء والتأثيث ،في بداية العام 2007 م ،تم استلامنا للمشروع ،والشروع في استكمال إجراءات إعداده وتهيأته للافتتاح، الذي تكون من بدروم وثلاثة أدوار:
-البدورم يتكون من:
(قسم التزويد ،قسم الفهرسة والتصنيف ،قسم التجليد والصيانة ،ومخزن مصغر للأجهزة والمعدات)
-الدور الأول يتكون من : ( قاعة كبرى للأنشطة والفعاليات المتعددة ،قاعة للإجتماعات ، مكاتب إدارية للموظفين ،ومرفقات صحية ،مخازن مصغرة )
– الدور الثاني يتكون من خمس قاعات متفاوتة الحجم للكتب والمطالعة ،قاعة خاصة للطفل، مكاتب إدارية ،مخازن مصغرة، ومرفقات صحية)
– الدور الثالث يتكون من (خمس قاعات مشابهة لقاعات الدور الثاني ومخازن مصغرة)
إضافات ثقافية
ولكن كيف تم تزويد المكتبة بما تحتاجه من أوعية ثقافية..؟ يجيب:
_كانت إدارة المكتبة قد اتفقت مع إدارة مكتب الثقافة بالمحافظة على بقاء المكتبة القديمة بكل محتوياتها تحت لتواصل دورها تحت إدارة المكتب -مكتبة المركز الثقافي- جنبا إلى جنب مع مكتبة البردوني العامة ليصبح هناك أكثر من رافد للقراءة والبحث أمام المستفيدين ،الأمر الذي جعلنا نبذل الكثير من الجهود والتواصل من أجل توفير مجموعة جديدة من أوعية المعلومات ،وتمكنا من تزويد المكتبة بحوالي (3000) عنوان من شتى المعارف والعلوم ، وتمكنا بالتعاون مع مجموعة من الشباب المتطوعين من استكمال كل الاجراءات الممهدة للإفتتاح ، حيث تم افتتاح المشروع من قبل رئيس الوزراء الاستاذ علي محمد مجور آنذاك. بعد الإفتتاح واجهتنا إشكالية حاجة المكتبة إلى موظفين ، وأجدها فرصة سانحة لتقديم الشكر للأستاذ الأديب محمد الغربي عمران الذي تواصل مع وزير الثقافة ،الذي وجه صندوق التراث والتنمية الثقافية باعتماد مبلغ مالي يخصص للتعاقد مع بعض الشباب لحين اعتماد درجات وظيفية للمكتبة، وهو المبلغ الذي تم قطعه منذ عام 2010م. وخلال الأعوام الماضية وحتى اليوم بلغ اجمالي العناوين التي حصلت عليها المكتبة من روافد متعددة ،كان اهمها تلك الإهداءات من النخب الثقافية والشخصيات الاجتماعية وافراد المجتمع (9500) عنوان من مختلف المعارف ،إضافة إلى مجموعة من الدوريات.
أنشطة
* ويتحدث عن انشطة المكتبة المختلفة قائلا:-
– أنشطة المكتبة وخدماتها تتمثل في تقديم خدمة القراءة والمطالعة الداخلية الحرة، خدمة البحث ،وخدمة الإستعارة الخارجية من خلال الكتاب الورقي، إضافة إلى خدمة الأنشطة والفعاليات الثقافية الموازية ،التي كان وما يزال لها الدور الكبير في نشر الوعي وتوسيع دائرة جذب القارئ ،و تحريك الحياة الثقافية بالمحافظة، وخلال الموسم الثقافي الفائت 2016 م ،نفذت المكتبة (35) نشاطا ثقافيا متنوعا،كان اهمها أستضافة المكتبة للشاعرة الدكتورة إبتسام المتوكل.
وماذا عن الفعاليات المتنوعة الاخرى؟
– وفي نفس العام ،أحتضنت المكتبة لعدد ( 74) فعالية متنوعة منها أنشطة ثقافية نفذتها المؤسسات الثقافية،توزعت بين صباحيات وأمسيات شعرية وقصصية ،قراءات نقدية،حفلات توقيع كتب ، جلسات وورش عمل إبداعية…الخ، إضافة إلى أنشطة وفعاليات تنموية واجتماعية وسياسية ،وتنفيذ مجموعة من الدورات التدريبية وغيرها من المناشط التي أسهمت في خلق هذا النوع من الإيجابية المعززة للممارسات الديمقراطية الوطنية.
أثر المكتبة الثقافي
* أما الأثر الثقافي التي أحدثته المكتبة العامة بذمار في المشهد الثقافي فيتوقف عنه الأديب الحودي قائلاً:
-الحديث عن الأثر الذي أحدثته مكتبة البردوني في المشهد الثقافي بالمحافظة ،لا يمكن أن نتحدث عنه دون ربطه بعوامل كثيرة سابقة لتأسيسها ،أهمها وجود بنية تحتية ممثلة في المركز الثقافي ، ودور النخب الثقافية والأدبية ووجود فرع لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين وغيره من المؤسسات التي ساهمت في تهيئة فضاء ثقافي رحب ،شجع صناع القرار على تنفيذ مشروع المكتبة ،كونها كانت من اهم فرص نجاح المشروع الذي وسع من دائرة القراءة والبحث ، ومن دائرة الاحتواء ،وثراء الموضوعات المطروحة ،وصناعة المبدعين القادرين على المنافسة،وحضور الأثر الثقافي في تفاصيل الحياة اليومية.
صعوبات
* اما أبرز الصعوبات التي تواجه المكتبة فيسردها مديره العام بقوله:
– الصعوبات التي تواجه المكتبة منذ تأسيسها تتمثل عدم توظيف المتعاقدين ،ضآلة الاعتمادات المالية المتعلقة بالصيانة والتشغيل ، فضلا عن غياب دور وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب ،وعجزهما من إلتقاط الإشارات الأعمق والأدق من أي دراسة أو فعل ثقافي ،في اتجاه وضع التصورات والمعالجات وصولا إلى التوصيات والأفاق والخروج بآلية تخطيطية وتنفيذية برامجية تجعل من الثقافة تقوم ولا تقعد. رفعنا الكثير من التقارير والمذكرات والمطالبات للوزارة والهيئة ،ولكن دون جدوى ،ولا نجد المسؤول في مكتبه، ولا نجد سوى مجموعة من الموظفين لا يملكون الحد الأدنى من الثقافة المؤسسية ،وليس لديهم اي اهتمامات ثقافية ،وغير قادرين على توجيه الامكانات المتوفرة نحو صنع حدث ثقافي يليق بالدور والهدف ، في اتجاه تكريس ظاهرة الفساد المالي والإداري،وصولا إلى هذا الإخفاق في إدارة الشأن الثقافي العام ،والعجز التام عن بلورة حتى مسودة لمشروع ثقافي وطني ،واستراتيجية للتنمية الثقافية الشاملة بمعناها الضيق والواسع.
طموحات
* وعن الطموحات التي تسعى المكتبة إلى تحقيقها فيقول مديرها العام:
-لدينا الكثير من الطموحات والأحلام ،منها: مواصلة سلسلة إصدارات مكتبة البردوني العامة التي توقفت إصدار مجموعتين شعرية بعنوان “ليس يحضرني الآن ” للشاعر أحمد العرامي. وقصصية بعنوان “دوائر الماء”للقاصة سلمى الخيواني. تفعيل مسروع المكتبة الالكترونية لمواكبة العصر وتأهيل الدور الثالث ليكون نواة لهذه الفكرة. اصدار مجلة ثقافية. إضافة قاعة كبرى متعددة الأغراض. وغيرها من الطموحات التي تسعى إليها أي مكتبة مماثلة في الوطن العربي والعالم.