علي بن محمد الفران –
مما لا يخفى أن الوحدة في الإسلام هدف ينشده ويتمناه بل ويسعى لتحقيقه كل مسلم عاقل غيور عارف بما حيك للمسلمين من مصائد¡ كما أن الوحدة الاسلامية هي من أهم خصائص الأمة الاسلامية التي أكد عليها القرآن الكريم ودعا كل مسلم للعمل على تحقيقها¡ وخطط لها بشتى الأساليب¡ وأعلن أن هذه الوحدة ليست وحدة مصالح ولا وحدة مكان أو عنصر وانما هي وحدة قلوب وهبها الله تعالى للتآلف والتحاب قال تعالى (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين والف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا◌ٍ ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم إنه عزيز حكيم) «الانفال 62¡63».
وتملك الأمة الاسلامية أسسا مشتركة تستطيع بها ان تجمع شتاتها وتوحد كلمتها.. فهي امة واحدة.. ذات دين واحد وكتاب واحد.. ورسول واحد¡ مما يعني ان الوحدة الاسلامية تنطلق من أسس عقائدية متينة واقعية تنير الوجود الإنساني بانوارها وتصوغ الاحاسيس بلطفها كما تصوغ المفاهيم عن الكون والحياة والإنسان تماما◌ٍ.. وقد أمر الله سبحانه وتعالى في غير ما آية في كتابه العزيز بالوحدة والتمسك بالعروة الوثقى ونبذ كل ما يهدم هذه الوحدة من التهم والضنون أو التكفير أو التفسيق حيث قال سبحانه:
– (إنما المؤمنون اخوة) «الحجرات 10».
-(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أوليا بعض) «التوبة 71».
– (محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم) «الفتح 29».
– (واعتصموا بحبل الله جميعا◌ٍ ولا تفرقوا واذكر نعمة الله عليكم اذكنتم اعداء فألف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) «آل عمران 103».
– (إن هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) «الانبياء 92».
– (والهكم إله واحد لا إله الا هو الرحمن الرحيم) «البقرة 163».
ونهى الله سبحانه وتعالى عن التنازع لانه يؤدي إلى التشتت والضياع والفشل حيث قال سبحانه: (واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) «الانفال 46».
كما نهى سبحانه عن الفرقة والاختلاف اللذين كانا دأب اتباع الشرائع السابقة¡ وقال سبحانه: (ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) «آل عمران 105»¡ وقال سبحانه: (أن اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) «الشورى 13»¡ وقال عز من قائل: (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) «الانعام 153».
وكما ان الكتاب العزيز يدعو إلى الوحدة ويحذر من التفرق فهكذا السنة تتلو تلو الكتاب¡ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا¡ ولا تؤمنوا حتى تحابوا¡ أولا ادلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم¡ افشوا السلام بينكم) رواه مسلم¡ وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)¡ وقوله عليه الصلاة والسلام: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا◌ٍ).
كما حذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المؤمنين من الفرقة والتنافر والاقتتال بينهم وشبه الفرقة بالكفر تنفيرا◌ٍ منها وقال: (لا ترجعوا بعدي كفارا◌ٍ يضرب بعضكم رقاب بعض)¡ وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)¡ وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة).
ويفهم من هذه النصوص الاسلامية وغيرها اهتمام الاسلام بالوحدة وان المؤمن لا يكمل ايمانه إلا إذا كان يحب لاخيه المؤمن ما يحب لنفسه¡ وأن المسلمين جميعا◌ٍ كتلة واحدة لا تتجزا وهم كالجسد الواحد لإنسان واحد فخالقهم واحد ودينهم واحد وكتابهم واحد وقبلتهم واحدة.
إن وحدة الامة هي مصيرها الحتمي¡ حيث لا يرجى تخلصها من جميع الأزمات التي تورطت فيها إلا بها وحدها.