نساء عاملات يتحدين الأزمة الاقتصادية:
لن نقف مكتوفات الأيدي ونستسلم بسهولة فنحن قادرات على تخطي الصعاب
الأسرة/نجلاء الشيباني
لا خيار لهن سوى العمل كبائعات في المولات التجارية رغم حصولهن على شهادات جامعية ودبلوم وغيرها.. إلا أن الظروف المعيشية الصعبة والحصار الخانق الذي فرضته قوى العدوان على بلادنا دفعتهن لممارسة هذا العمل رغم مضايقات الزائرين واستغلال أرباب عملهن لحاجتهن المادية وتحمل النظرة الدونية التي ترمى كالسهام من قبل أشخاص لايستوعبون دور المرأة ومشاركتها في الحياة العامة بينما جسدت تلك الفتيات مواقف صلبة في الإصرار والثبات..!!
“سلمى” دبلوم تجارة لم تتمكن من الحصول على عمل رغم بحثها المستمر في كثير من الشركات الخاصة والمؤسسات الحكومية لكن صديقتها نصحتها بأن تعمل في إحدى المولات التجارية.. سلمى فتاة لا تعرف شيئاٍ عن البيع والشراء والاحتكاك بالزبائن وبالرغم من خوفها فقد قررت العمل في المول وبإصرار على النجاح والتميز عملت لفترتين من الثامنة صباحاٍ حتى التاسعة ليلاٍ بـ”30 ألف ريال”.. وتقول: أنا أعمل طوال اليوم وأتعرض للتحرش من قبل الزبائن في المول والنساء اللواتي ينزلن البضاعة أكثر من مرة دون شراء شيء إلى جانب ذلك عودتي ليلاٍ إلى منزلي في الحي الشعبي الذي أقطنه ولكن صعوبة الحياة وقسوتها لم تجعل أمامي خياراٍ آخر.
تخفيف العبء
فيما تتمنى أمل خريجة قسم المحاسبة جامعة صنعاء تخفيف العبء على والدتها التي عانت كثيراٍ وعملت في المنازل حتى مكنت ابنتها من اتمام دراستها الجامعية وأول ما تخرجت (أمل) قررت مساعدة والدتها ونفسها ولكن دون جدوى وتقول: قدمت أوراقي للخدمة المدنية وسعيت للبحث عن عمل فلم أجد أمامي سوى العمل كبائعة في مول بشارع حدة وأن أتحمل استغلال صاحب العمل ومضايقة الزبائنº حاولت جاهدة البحث عن عمل آخر ولكن للأسف لم أجد فقررت البقاء وتحمل المشاق لأنه كما يقال “عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة”.
أما سعاد فقد خسرت خطيبها بعد أن علم بخبر عملها في أحد المولات التجارية لاعتقاده بأن الفتيات اللواتي يعملن في هذا المجال ينظر لهن المجتمع نظرة قاصرةº وقال إنه ليس مستعداٍ لتحمل كلام الناس عن زوجته وعنه مستقبلاٍ.
بينما لا تجد سعاد عيباٍ في عملها كبائعة في هذه المولات وتقول: العمل عمل والشريف من شرف نفسه هذا أفضل من لا شيء فالعمل أفضل من أن نسرق أو نشحت فعملي هذا مصدر رزقي أنا وأسرتي ولا شيء يستطيع منعي من العمل ومساعدة عائلتي حتى وإن كان خطيبي.
تناقضات
ترفض المواطنة أم عبدالرحمن عمل المرأة في المولات وتقول بأن هؤلاء الفتيات يعطين للرجال نظرة سيئة عن المرأة فهن لا يأتين للعمل وإنما للعرض أمام الزبائن من ناحية الشكل الخارجي (الملابس) وطريقة الكلام.
تختلف معها تماماٍ هدى الواحدي فهي ترى بأن عمل المرأة في هذه المولات التجارية يشجعها هي وغيرها من النساء للشراء واختيار كل ما يرغبن في شرائه دون خجل أو قلق خاصة أن عملهن في بيع الأشياء الخاصة بالنساء.
ويخالفها في ذلك عبدالوهاب الوصابي موظف بالقول: عمل الفتاة كبائعة يعرضها للمضايقات والتحرشات. ويعتقد عبدالوهاب بأن مهنة البيع والشراء في المولات لا تتناسب إلا مع الرجال فقط فالرجل بإمكانه تحمل كلام الزبائن الذين يأتون للشراء في المولات فهم يأتون من كل شكل ولون والفتاة لا تقوى على تحمل الاهانات والكلام اللاأخلاقي فهناك مهن وأماكن أخرى تناسبها أكثر غير مهنة البيع والشراء في المولات فالفتاة في مجتمعنا المحافظ ستعاني كثيراٍ إن قررت العمل في هذه الأماكن.
التوعية
منظمات المجتمع المدني تدعو إلى صون كرامة المرأة العاملة..الدكتورة ابتهاج الكمال رئيس منتدى القيادات النسوية ترى أن المنظمات غير الحكومية تقف بعيداٍ عن مشاكل المرأة العاملة وتقول: يجب علينا كمنظمات أن نحسن من بيئة عمل المرأة من خلال التوعية المستمرة وليست الموسمية أو المكرسة للدعاية ورفع الشعارات بل أن ينعكس ذلك على أرض الواقع وتتولد عن ذلك الوعي قناعات لدى المجتمع بأن المرأة مصانة الكرامة في موقع عملها وأن هناك قوانين وعقوبات رادعة لمن تسول له نفسه التحرش بها أو مضايقتها.
فيما يطرح البعض أهمية وجود قرار تأنيث المحال النسائية كحل قد يشجع كثيرات على العمل وسيزيد من نسبة تسوق النساء بمفردهن.
نساء عاملات
ووفقاٍ لدراسة اجتماعية نفذها قسم علم الاجتماع بجامعة صنعاء فإن المهن الحالية للمبحوثات تركزت في الخدمات أو البيع في المتاجر والأسواق بنسبة (4 و53%) وهو مؤشر يدل على التحول الذي طرأ على عمل النساء في السنوات الأخيرة حيث اقتحمن مجالات عمل جديدة لم يكن يمارسنها من قبل وإن كانت هذه النوعية من الأعمال ترتبط بعدد من المشكلات المجتمعية التي تكرس النظرة الدونية للمرأة التي تعمل في هذا المجال وتعرضها للمضايقات.
عمل مشرف
من ناحيته فإن علم الاجتماع ينظر نظرة خاصة إلى هذه القضية .. وهذا ما تؤكده أخصائية علم الاجتماع هدى العواضي التي تقول بأن نظرة المجتمع للفتاة البائعة في المولات تحتمل أمرين الأول أنها فتاة متمردة على العادات والتقاليد المجتمعية وبالتالي الناس لا يقدرون ظروفها المعيشية فيتعامل معها بأسلوب لا إنساني, الثاني أن هناك من ينظر إليها بعين الشفقة كونها لم تقبل بهذا العمل إلا لظروف حياتية قاسية.
وتضيف العواضي: هم بهذا التصور والنظرة الدونية للمرأة العاملة في المولات التجارية مخطئون لأن هناك العديد من البائعات اثبتن تواجدهن بقوة وإرادة وما زادتهن الحاجة للعمل إلا عفة وكرامة ولا يقبلن لقمتهن إلا بالعمل والكسب الحلال.. والمرأة بدورها تبحث عن المرأة مثلها من أجل الشراء منها فهي أعلم بخصوصيات النساء وإذا وجدت في أماكن كالمولات مثلاٍ فإن هذا الأمر يولد الارتياح لدى النساء ويزيد من إقبالهن على الشراء وهذا أمر طبيعي.