قال الكاتب المصري سليمان الحكيم في مقالة بعنوان “أثيوبيا كعبة الخليج” أن السعودية استغلت فزاعة التمدد الشيعي للاستفراد بمصر وإبعادها عن إيران بهدف السيطرة على مصر وقامت بحياكة المؤامرات ضد مصر في إثيوبيا وتهديد مصر بشريان حياتها ومعها بعض الدول الخليجية والحل الوحيد لوقف هذه المؤامرات هو إقامة حلف مع إيران وسوريا والعراق في مواجهة الغطرسة الخليجية .. وهذا نص المقال:
وفد خليجي ذاهب إلى إثيوبيا وآخر عائد منها. بعد أن تحول سد النهضة إلى ما يشبه الكعبة التي تطوف حولها تلك الوفود، التماسا للبركة الإثيوبية التي تذكرت قيادات تلك الدول الخليجية فجأة أن فيها سبع فوائد، أولاها وأكبرها مكايدة مصر بإخراج لسانهم لها بطول النيل، وصولا إلى قصر الاتحادية.
ولا أعرف لماذا تسكت القيادة المصرية على هذه المؤامرة الواضحة حتى الآن رغم إدراكها أنها تستهدف التعجيل بإنشاء سد النهضة لتعطيش مصر وإفقار شعبها. وذلك بوضع إمكانيات مالية تفتقدها إثيوبيا تحت تصرفها لتحقيق هذا الهدف، بعد أن شاركت كل تلك الدول في تخريب العراق وسوريا واليمن وليبيا حتى لم يعد على أجندتها الصهيو أمريكية سوى مصر التي أعيتهم الحيل لإلحاقها بنفس المصير المدمر لقوة جيشها، فلجأوا إلى حيلة أخرى بالالتفاف إلى النيل لقطع شريان الحياة من المنبع لإفقار مصر وتركيعها، كما أفقروا تلك البلدان من حولها. وقد حان الوقت – رغم تأخره كثيرا – لرد مصري يوقف تلك الدول المتآمرة عند حدها. وليس أمام مصر – إذا توفرت الإرادة السياسية لرد ناجع – إلا أن تذهب في اتجاه إيران لتشكيل محور يبدأ من طهران وينتهي في القاهرة، مرورا ببغداد ودمشق, لتطويق تلك الدول ووضعها بين فكي كماشة تجبرها على إعادة النظر فيما تقوم به من تآمر على مصر وشعبها.
ودون تحرك مصري في هذا الاتجاه ستظل تلك الدول سائرة في غلوائها، ماضية في تآمرها إلى آخر الشوط. لماذا لا تقوم مصر بهذه الخطوة وكل دول الخليج لها علاقات دبلوماسية واقتصادية مع إيران، بل إن قطر ترتبط معها باتفاقية دفاع مشترك، في الوقت الذي ظلت فيه العلاقات بين مصر وإيران مقطوعة مجاملة لتلك الدول بدعوى دعمها لوقف التمدد الشيعي في المنطقة. وهي الحجة التي لطالما رددها السعوديون كذريعة لإفساد العلاقة مع إيران، وللأسف فقد صدقها المصريون – أو تظاهروا بالتصديق – تملقا أو مجاراة للجانب السعودي، رغم أن مصر هي أكثر دولة عربية كان لها تجربة تاريخية مع التمدد الشيعي حين حكمتها الدولة الفاطمية عشرات السنين ولم يبق منها بعد كل تلك السنوات الطوال سوى حلاوة المولد والاحتفال كل عام بمناسبة عاشوراء، فقد ظل الشعب المصري على عقيدته السنية دون تغيير.
فالخطر الشيعي إذن مجرد فزاعة اختلقتها السعودية لأسباب سياسية لا علاقة له بالدين أو المذهب، للحيلولة دون تقارب مصري إيراني، لكونها تدرك أكثر من غيرها خطورة هذا التحالف على مستقبل ومصير الحكم في كل تلك البلدان الخارجية. أرجو أن تدرك القيادة المصرية أهمية الوقت – الذي أهدرت الكثير منه في التردد – فقد أوشك السد على الانتهاء، وسندخل حينها في مفاوضات مع الجانب الإثيوبي بديلا لحل عسكري مستبعد، لدرء الخطر عنا. ولا بد أن تجلس إثيوبيا على طاولة المفاوضات وحيدة بلا ظهير عربي يدعم موقفها ويجنبها الخوف من تبعات التشدد الذي قد تظهره في وجه مصر. تحركوا الآن.. الآن وليس غدا. وإلا لا تلوموا إلا أنفسكم نتيجة التخاذل والتردد!.