في الوقت الذي تؤكد فيه الأخبار الواردة من اليمن على وجود كارثة انسانية كبرى، لم تشهدها منطقة الشرق من قبل، تفتك بالاطفال بسبب المجاعة التي تسببت بها الحرب التي تشن على اليمن منذ ما يقارب العامين، شاهد العالم كله، يوم الثلاثاء 13 ديسمبر، نفاق مندوبة امريكا في الأمم المتحدة سامانثا باور، عندما حاولت الظهور بمظهر المتباكي على المسلحين المحاصرين في حلب، خلال كلمة لها امام مجلس الأمن.
رغم ان مصادر المسلحين اكدت على التوصل إلى هدنة بينهم وبين الجيش السوري يسمح لهم بالخروج من حلب مع عوائلهم، تبدا صباح الاربعاء 14 ديسمبر، ورغم تأكيد مندوب روسيا في الامم المتحدة فيتالي تشوركين هذه الهدنة، ونفيه التقارير التي تتحدث عن مقتل عشرات المدنيين في حلب على يد الجيش السوري وحلفائه، لانها كاذبة وعارية عن الصحة، ولعدم وجود اي مصلحة للجيش السوري وحلفائه في قتل الاطفال والنساء، القت باور، كلمة حاولت من خلالها الظهور بمظهر الملاك المدافع عن القيم الانسانية ، مما جعل مندوب روسيا يسخر منها بقوله ان مندوبة امريكا تتحدث اليوم وكأنها الام تريزا، متناسية دور بلادها في صناعة الجماعات الارهابية في العالم.
الضجة التي اثارها الغرب على وقع هزيمة مرتزقته في حلب، اظهرت نفاق الغرب بشكل غير مسبوق، لتزأمنها مع الاخبار الكارثية والفظيعة القادمة من اليمن، والتي اكدت وفاة طفل يمني كل 10 دقائق بسبب سوء التغذية والامراض، وفقا لمصادر منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
ويضيف تقرير اليونسيف، ان من بين 2,2 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العناية العاجلة، هناك 462 الف طفل يشكون من سوء التغذية الحاد الوخيم ، في زيادة كبيرة تصل إلى 200 بالمئة مقارنة بعام 2014 ، بعد ان تسببت الحرب في حرمان اكثر من ثلثي سكان اليمن من الحصول على العناية الطبية اللازمة.
حجم الجريمة التي ترتكب ضد الشعب اليمني تتجسد بابشع صورها في محافظة صعدة، التي نالت القسط الاكبر من الغارات والقصف خلال العامين الماضيين، فقد اكد تقرير اليونسيف ان محافظة صعدة تشهد اعلى معدلات التقزم بين الأطفال على مستوى العالم، إذ يعاني 8 من أصل كل 10 أطفال في المحافظة من سوء التغذية المزمن في نسبة لم يشهد لها العالم مثيلاً من قبل.
كل هذه الارقام المرعبة عن الجريمة الكبرى التي ترتكب ضد الشعب اليمني، مذ نحو عامين وبسلاح امريكي متطور، وبضوء اخضر امريكي واضح، وبتغطية امريكية فاضحة، لم تؤثر مطلقا على مشاعر مندوبة امريكا، التي كادت تجهش بالبكاء على مصير مسلحي حلب.
وفي نفس اليوم ، الثلاثاء 13 ديسمبر، عندما كان العالم يشاهد مسرحية المندوبة الامريكية في مجلس الأمن وهي تذكر روسيا بالقيم الاخلاقية، نشر موقع “دويتشه فيله ” الألماني تقريرا لا يقل فظاعة عن تقرير اليونسيف عن اليمن، حيث ذكر التقرير أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن يضاهي عدد سكان دول خليجية.
وأوضح التقرير، أن الحروب والصراعات التي شهدها هذا البلد في السنوات الماضية تسببت في ارتفاع أعداد المعاقين، استنادا إلى ما وصفها بتقديرات متواضعة، إلى ما يزيد عن 3 ملايين و700 ألف معاق عن الحركة، بينهم 92 الف معاق خلال الحرب الحالية على اليمن.
ونقل التقرير عن رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين عثمان محمد الصلوي قوله إن :”قصف الطيران وزراعة الألغام وخصوصا في مدينة تعز جنوب اليمن تخلف يوميا عشرات المعاقين”، وإن أكثر من 350 مركزا ومنظمة ومعهد خاص معنية بتقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمعاقين توقفت في اليمن بعد نشوب الحرب وانقطاع الموارد عنه.
ويشير الصلوي على سبيل المثال إلى أن حادثتي قصف جبل عطان بالقنبلة الفراغية من قبل الطائرات السعودية في 20 أبريل 2015، وقصف الصالة الكبرى بصنعاء في 10 أكتوبر الماضي تسببتا لوحدهما فقط بتعريض “أكثر من 1000 شخص للإعاقة، منهم 40 شخصا تعرضت بعض أطرافهم للبتر.
ويعرض التقرير أوضاع عدد من المعاقين، حيث أكد أحدهم أنه لم يحصل على أي نوع من الرعاية منذ اندلاع الحرب في اليمن، فيما يضطر آخر إلى الزحف على ذراعيه لنحو كيلو متر من منزله حتى جنوبي العاصمة صنعاء أملا في الحصول على مساعدة، إذ لم يبق أمامه من سبيل سوى الخروج من منزله وممارسة التسول وطلب العون من أهل الخير.
من الصعب جدا، ان يصدق المرء ان العويل الغربي على حلب، دوافعه انسانية، وان قلب الغرب اخذ يتفطر ألما على المحاصرين في حلب، وليس على مرتزقته المهزومين، ممن انفق عليهم مليارات الدولارات، على مدى اكثر من خمس سنوات، فامريكا التي تحدد للطائرات المغيرة على الشعب اليمني، اهدافها، وتمد التحالف الذي يقاتل شعبا محاصرا، باحدث وافتك الاسلحة، وتساهم في فرض الحصار الشامل على الشعب اليمني، تكذب، ويكفي نظرة سريعة إلى اطفال اليمن الذين حولهم الجوع إلى هياكل عظمية، ليتأكد لنا وقاحة كذبها.
Prev Post