إيجابيات العدوان على اليمن
أحمد يحيى الديلمي
الحروب هي الحروب لا يمكن أن تكون لها إيجابيات ولا تحمل أي فضائل إلا أني وظفت المضمون هنا من باب المجاز للتدليل على أن بشاعة وشراسة العدوان الذي تشنه ما يسمى بدول التحالف بزعامة السعودية أسقط الأقنعة عن الوجوه القبيحة وأبان المستور عن العلاقات المشبوهة مع أعداء الأمة وفي المقدمة دولة الكيان الصهيوني التي ظلت عقوداً من الزمن تخفي صلاتها بهذا العدو وفي هذا دليل على الإيجابية التي نعنيها .
هذا الانكشاف مثل إضافة إلى السجل الطويل من العنف والإرهاب والطوفان الجارف من الفتاوى الوهابية التي شوهت الإسلام وأساءت إلى مضامينه السامية.
لعل من فضائل العدوان الهمجي السافر على اليمن أنه كشف المستور وعرى الأنظمة العربية التي ظلت تتعامل مع الكيان الصهيوني من تحت الطاولة وفي المقدمة النظام السعودي من يدعي حماية الإسلام والدفاع عنه ويتبني تسويق فكره ومنهجه والدعوة إليه في دول العالم المختلفة ، حرب اليمن أخرجت العلاقة المشبوهة إلى العلن وأكدت أن هذا النظام المشبوه في انتسابه وفي طبيعة الانتماء إلى الدين إنما ظل يزايد ويسوق الشعارات الكاذبة ليتسنى له خدمة دولة الكيان الصهيوني من خلال تبني إدارة الصراع الحتمي بين الفصائل الفلسطينية بدعوى تمرير مشروع المصالحة ورعاية اتفاقات صورية فشلت قبل جفاف الحبر الذي وقعت به .
في ذات السياق، وجه النظام السعودي ومعه عدد من دول الخليج خنجراً مسموماً إلى ظهر المقاومة بأفقها النضالي وبعدها الفلسطيني واللبناني وحرض بعض الدول العربية والإسلامية ضد مقاومة الاحتلال الصهيوني بأن وضع ما قامت به المقاومة في لبنان وغزة في مقام المراهقات الطفولية وأنها تدخل في نطاق خدمة المشروع الإيراني وإحباط مسار السلام ممثلاً في المبادرة السعودية المقرة في قمة بيروت العربية عام 2002م .
رغم أن هذه الأعمال والممارسات كانت غير خافية على معظم القوى السياسية المناضلة إلا أن العدوان السعودي السافر على اليمن كشف عن الوجه القبيح المتوحش لهذا النظام وطبيعة العلاقة التي تربطه بدولة الكيان الصهيوني لا من خلال التصريحات والزيارات السرية بين البلدين فقط لكن عبر أدلة تقوم على الحجة القاطعة كشفت عنها مصادر إعلامية غربية وتمحورت حول مشاركة طيارين إسرائيليين في عدة ضربات جوية على مناطق مختلفة من اليمن وأبرزها عطان – نقم – الصالة الكبرى في أمانة العاصمة ، وأخرى في صعدة ومحافظات أخرى كانت النتائج التي ترتبت عليها كارثية .
ما جرى في السعودية ينطبق على كل من الإمارات وقطر ، بل أن الأخيرة كانت أول من جاهر بالفاحشة في زمن مبكر عقب انقلاب الشيخ حمد على والده وظهور الشيخة موزة على واجهة الأحداث .
في اللحظة التي انطلقت فيها قناة الجزيرة من الدوحة كأول قناة تحاكي النمط الغربي وهيئة الإذاعة البريطانية على وجه الخصوص سمحت قطر بفتح تمثيلية تجارية لدولة الكيان الصهيوني في الدوحة مقابل السماح لقطر بفتح مكتب مماثل في تل أبيب ، استجابة للرغبة الأمريكية والبريطانية الهادفة إلى تطبيع العلاقة بين الدول العربية ودولة الكيان الصهيوني ، وفي الوقت التي كانت فيه قناة الجزيرة تتبنى الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني وتتابع التغطية الفورية للبطولات التي تجترحها المقاومة الوطنية في لبنان ، إلا أنها تغاضت كلياً عن الخطوة القطرية إلى أن جاءت الفرصة المناسبة على خلفية حرب الإبادة الشاملة التي شنها الكيان الصهيوني على غزة حينها أرتفع صوت قناة الجزيرة عالياً يمجد الخطوة التي أقدمت عليها قطر بإغلاق ممثلية إسرائيل في الدوحة واعتبرتها من البطولات الخارقة لهذه الدولة ، نفس المضمون تناغمت معه وسائل الإعلام الصادرة عن فروع حركة الإخوان المسلمين في الدول العربية التي تجاهلت الآثار التدميرية للحرب الظالمة من قبل دولة الكيان الصهيوني على غزة وانشغلت بالخطوة البطولية لقطر بدعوى أن المقاومة الفلسطينية انقادت لرغبات الإنسان العربي، فتنكرت لمسيرة السلام وخرجت على الإجماع العربي وفق ما كانت تبثه قناة العربية وتحاول الجزيرة تسويق نفس المعلومة بأسلوب محترف يتباكى على الضحايا من أبناء الشعب الفلسطيني ويسرب المعلومة السابقة التي تُحمل الفلسطيني مسؤولية ما يجري وهو الأسلوب المتبع في هيئة الإذاعة البريطانية التي تدس السم في العسل وهي مرجعية الجزيرة .
• بريطانيا والخليج
من أول وهلة شنت فيها ما يسمى بدول التحالف العربي بزعامة السعودية عدوانها الهمجي السافر على اليمن تأكد لأغلب اليمنيين الدعم الأنجلو أمريكي لهذا العدوان بشكل مباشر وغير مباشر ، ولعل من إيجابيات هذا العدوان رغم ما أحدث من كوارث مريعة ومآس إنسانية بشعة إلا أن صمود اليمنيين الأسطوري والبطولات العظيمة التي يجترحها رجال الرجال من أبطال الجيش واللجان الشعبية في كافة الجبهات جعل بريطانيا تجاهر بالفاحشة على لسان وزير خارجيتها الذي أيد ما يجري في اليمن من جرائم بشعة ونفى أن تكون السعودية ترتكب حرب إبادة وجرائم حرب، أطلق هذه التصريحات عشية انطلاق قمة دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة البحرينية المنامة التي شاركت فيها لأول مرة رئيسة الوزراء البريطانية باعتبار بريطانيا الأب الروحي لهذه الدول وهي صاحبة فكرة مجلس التعاون الخليجي كأول محاولة لاختراق الصف العربي والتأثير على دور وفاعلية الجامعة العربية.
من المفارقات العجيبة أن رئيسة الوزراء لم تجاري وزير الخارجية في تصريحاته النارية لكنها أمسكت العصا من الوسط، ففيما أكدت استمرار حماية دول الخليج دغدغت مشاعر المواطن البريطاني بالإشارة إلى الموانع التي تحد من تطور هذه العلاقات أهمها ملفات حقوق الإنسان في دول الخليج مجتمعة.