في المولد النبوي الشريف

أحمد الأكوع
لا زال الناس يحتفلون بشهر مولده صلى الله عليه وآله وسلم ويقيمون الولائم ويظهرون السرور ويقرؤون مولده الكريم , قال بعض العلماء أنه مما جرب من خواصه أنه أمان في ذلك العام أي عام المولد وكتب الله في سابق حكمته القديمة أن نبيه الكريم يكون رضيعا لحليمة فأخذته وخرجت به إلى منازل بني سعد ولم تزل تتعرف الخير والسعادة وتفوز بالحسنى وزيادة وشق صدره الشريف عندها وعند مجيء جبريل له بالوحي وعند الإسراء ولما بلغ صلى الله عليه وآله وسلم ست سنين على أحد الأقوال وشهرا وعشره أيام خرجت به إلى أخواله بني النجار بالمدينة وأقامت عندها شهرا وكان نزولهم في دار النابغة ومات أبوه عبدالله بيثرب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ابن ثمانية وعشرين شهرا وربى يتيما في حجر جده عبدالمطلب فلما بلغ بصري رأى بخير الراهب فعرفه بصفته فجاء وأخذه بيده وقال هذا رسول الله رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين فقيل له وما علمك بذلك قال إنكم حين اقبلتم من العقبة لم يبق حجر ولا شيء إلاّ خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وإنا نجده في كتبنا وسال ابا طالب عنه فقال هو أبن أخي قال اشفيق عليه منهم ثم خرج صلى الله عليه وآله وسلم مره ثانية إلى الشام مع ميسره غلام خديجة في تجارة لها قبل أن يتزوجها فلما قدم الشام نزل في ظل شجرة قريبة من صومعة راهب فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال من هذا الرجل فقال له ميسرة رجل من قريش من أهل الحرم فقال ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم اقبل قافلاً إلى مكة فقيل أن ميسرة قال إذا كانت الهاجرة واشتد الحر نزل ملكان يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة باعت خديجة ماجاء أبه فاضعف أو قريبا منه وأخبرها ميسرة بقول الراهب وبإظلال الملكين له فبعثت إليه فقالت له فيما يزعمون يا ابن العم أني قد رغبت فيك لقرابتك مني وشرفك في قومك وبسطتك فيهم وأمانتك عندهم وحسن خلقك وأصدق حديثك ثم أعرضت نفسها عليه وكانت رضي الله عنها حازمة لبيبة شريفة وهي يومئذ من أوسط قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا وكل من قومها قد كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه فلما قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ذكر لأعمامه فخرج معه منهم حمزة بن عبدالمطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فقبل فحضر أبو طالب ورؤسا فخطب أبو طالب فقال الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وعنصر مضر وجعلنا سدنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتا محجوجاً وحرما أمنا وجعلنا الحكام على الناس ثم أن ابن أخي هذا محمد بن عبدالله لا يوزن به رجل إلا رجح به فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وامرح أيل ومحمد من قد عرفتم قرابته وقد خطب خديجة بنت خويلد وبدل لها من الصداق ما أجله وعاجله من مالي كذا وكذا وهو والله بعد هذا له بناء عظيم وخطر جليل فتزوجها وقد بلغ صلى الله عليه وآله وسلم خمسا وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام وهي يومئذ ابنه ثمان وعشرين سنة وروي أنه أصدقها اثنتي عشرة أوقبة ذهب فبقيت عنده قبل الوحي خمس عشرة سنة وبعده إلى ما قبل الهجرة بثلاث سنين فماتت ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر وكانت له وزير صدق وروى عن آدم عليه السلام قال: أنا سيد الناس يوم القيامة إلاَّ رجل من ذريتي فضل علي باثنتين كانت زوجته عونا له وكانت زوجتي عونا علي وأعانه الله على شيطانه فاسلم ولم يسلم شيطاني!! وهي أفضل نسائه وفضائلها مشهورة.. وهكذا كان صلى الله عليه وآله وسلم في بداية حياته مخلقا ومتواضعاً وكل مميزات الأخلاق والشهامة والكرم والرجولة عنده.
شعر
ماذا أقول بأي لحن أنشد فيمن له كل الفضائل تشهد
وبدا الهدى وتبسمت أنواره: وغدا يطل على الأنام محمد
ذاك ابن عبدالله من باهت به أبناء بعرب وهو فرقد فيهم

قد يعجبك ايضا