كاسترو: كونوا أحرارا
سامي الأشول
كاسترو بعد ثورته المسلحة والانقلاب على باتيستا في 61، أخرج كوبا من نفوذ الأمريكان، وحارب العملاء ونفاهم خارج البلاد، ففقد الأمريكان السيطرة، فجن جنونهم، ولم يتقبلوا الأمر، وحاولوا الإطاحة به بكل الطرق، فدربوا المعارضين وسلحوهم ودفعوا بهم لقتاله في معركة سميت “معركة خليج الخنازير”، فكسبها كاسترو لصالحه.
بعد فشل المعارضين، قررت أمريكا غزو كوبا والتدخل بنفسها لأنها الحكم، وعند الاستطلاع ورصد الأهداف قبل الغزو، التقطت إحدى طائرات الاستطلاع صورا لقواعد صواريخ نووية موجهة الى أمريكا…
صعقت أمريكا واهتزت عروشها وتزعزعت أركانها، وتراجعت عن غزوها فورا، فلم تكن تتخيل يوما أن تنصب في فنائها الخلفي صواريخ نووية.. فدخلت في مفاوضات مباشرة مع كاسترو، بعد أن كانت غير معترفة بثورته، ووقع الاتفاق على سحب الصواريخ النووية مقابل التراجع عن الغزو وعدم التدخل مجددا ، وهو ما حدث فعلا.
بعدها في 62 فرضت أمريكا عقوبات وحصارا اقتصاديا مشددا على كوبا التي كانت معتمدة على أمريكا اقتصاديا.. كانت أضرار الحصار كارثية، ومرت كوبا بسنين عجاف وتراجعت العملة، وتم خفض مرتبات العاملين في الدولة، ولكنها لم تقدم أي تنازل، وظلت شامخة قوية، وجعلت شعارها الوطني: (( إما وطننا أو موتنا )).. واستطاعت أن تبني نفسها وأذهلت العالم في المجال الطبي، وجعلتهم يأتون اليها صاغرين طلبا للعلاج.
وبعد 60 عاما من الحصار والعقوبات، وبعد توالي 10 رؤساء أمريكيين، أتى أوباما الى كوبا، لإعادة العلاقات، ولم يستقبله رئيس كوبا في المطار، ولم يحفل به الكوبيون.
عالمنا كالغابة.. لا حياة فيه للضعفاء.. ولا مجال للحمقى.. لا يعترف إلا بالقوي.. ولا يحترم إلا الشجاع.. تسري عليه قاعدة داروين: البقاء للأصلح.
كوبا التي لديها من الكرامة ما يفوق حجمها، ضربت مثالا من الخيال في الصمود..
كوبا الصغيرة المتواضعة ذات الـ11 مليون نسمة وقفت امام أمريكا الدولة العظمى ذات الـ250 مليون نسمة، ودفعتها للتراجع والانكسار.
كوبا التي لم تعرف الإسلام تعطي درسا للمسلمين في المواجهة والعزة، وكاسترو لم يكن مسلما عندما قاوم الغزاة، ولم يقرأ التعليمات الإلهية بالتصدي للمعتدين، ولكن فطرته وبصيرته ووطنيته دفعته لذلك.
نحن الذين يفترض أن نضرب هذه النماذج ويتعلم منا العالم، لأننا وضع بين أيدينا دستور سماوي يعلمنا بكل ما يقودنا الى التمكين، ويمكننا من القوة، ويوصلنا الى النصر.
حتما كان يوجد في زمن ثورة كاسترو من يطالب بالاستسلام امام الحصار..
حتما كان يوجد بين الـ11 مليون كوبي مطالبون بالخضوع ناقمون على الثوار لضعف الاقتصاد وتخفيض رواتب العاملين في الدولة..
حتما كان لديهم مثل أصحاب #موعدنا_الأحد وأصحاب #إلا_الراتب_فالراتب_حياة ، ولكن أين هم من كاسترو اليوم، أين هم من رمزيته ونضاله وكفاحه وارتقائه بشعبة في أحلك الظروف..
أين هم من مجده الذي اعترف به أعداؤه الذين حاولوا اغتياله أكثر من 600 محاولة،، ولم يمت الا على سريره ليحقق انتصارا آخر عليهم..
أين موقعهم في التاريخ منه؟.. حتما إنهم في أسود صفحاته وهو في أبيضها.