المشروع الأمريكي –الصهيوني في المنطقة العربية ما منتهاه !؟
هشام الهبيشان
لايمكن إنكار حقيقة أن استمرار صمود سورية واليمن والعراق ،قد وجه ضربة قوية للمشروع الأمريكي – الصهيوني ،كما أنه لايمكن إنكار حقيقة أن هذا المشروع قد تلقى ضربة قوية أخرى بعد خروج الشعب المصري في 30 يوينو2013م والشعب التونسي في 23نوفمبر 2014، لإسقاط حكم جماعة الإخوان التي كانت بمثابة الضامن لتنفيذ المؤامرة الأمريكية بسبب تبنيها لخطاب طائفي وبسبب فقدانها الخبرة في إدارة الدولة مما يمهد الطريق لتفتيت الوطن العربي إلى كيانات طائفية وعرقية واثنية تتصارع فيما بينها بينما يظل الكيان الصهيوني ينعم بالأمن والأمان.
ومع ذلك فلا يمكن القول، بأن المشروع الأمريكي –الصهيوني قد انتهى تماماً ، فهذا المشروع الاستعماري لا يستسلم بسهولة ويعيد إنتاج أدوات جديدة يعمل من خلالها،وما ظهور التنظيمات المتطرفة وبقوة من أمثال (داعش والنصرة وأنصار بيت المقدس ،وو …إلخ )،إلا دليل على أن هذا المشروع مازال يعمل ويبدل أدواته وأهدافه بما ينسجم مع ظروف تطورات هذا المشروع الاستعماري .
فمعظم التطورات بالمنطقة وخصوصاً تمدد الفوضى بالعراق وليبيا تؤكد أن هذا المشروع مازال يعمل ويخطط وينفذ أجندته ،وهذا دليل على أن المشروع الأمريكي يحاول أن ينتصر بالعراق وليبيا تحديداً، وهذا مايؤكد أن هذا المشروع سيواصل محاولاته لاستكمال مشروعه بالمنطقة العربية مع تعديل الجدول الزمني والبحث عن عملاء جدد بعد فشل المشروع (مرحلياً )،بمصر وسورية واليمن .
وبهذه المرحلة يعمل المشروع الأمريكي –الصهيوني ،وبشكل متسارع لتعويض الهزيمة التي تلقاها بمصر وسورية ويسعى لتقسيم العراق بهذه المرحلة إلى مكونات ثلاث،و يذهب باتجاه تكوين جيوش صغيرة، سوف يتم تسليحها تسليحا كاملاً، كما حصل في تقسيم يوغوسلافيا إلى دول صغيرة: البوسنة والهرسك والكروات، وهذا ما يعني أن المشروع قد بدأ فعلياً بتحقيق بعض أهدافه على الأرض ، فتقسيم العراق سوف يوفر امتداداً خصباً لحالة التقاسم الطائفي الجغرافي على مستوى الإقليم ككل ، وهذا قد يكون أحد أهم الأهداف المرحلية للمشروع الأمريكي –الصهيوني بعد تلقيه ضربات موجعة بمصر وسورية .
ومع كل هذا ،فما زالت إمكانية هزيمة هذا المشروع مطروحة ومطروحة بقوة ،وهذا يستلزم صحوة تاريخية من كل النخب العربية لتدارك خطورة المرحلة ،وتعميم مفاهيم هذه الخطورة على عموم أبناء الشعب العربي من المحيط إلى الخليج،لإيجاد حالة قومية إسلامية صرفة للتصدي لهذا المشروع ،وهذا الكلام ليس عاطفياً أورومانسياً، بل هو قابل للتطبيق إن وجدت الإرادة العربية الحقة لتطبيقه .
ومن هنا، فالحل الأكثر فاعلية بالتصدي لهذا المشروع ،هو إعادة إنتاج مشروع وعي عربي شامل تكون بوصلته هي فلسطين وفلسطين فقط ليتصدى لهذا المشروع الاستعماري ،ويتلازم مشروع الوعي العربي هذا بدعم شامل لجميع حركات المقاومة الفكرية والمسلحة التي تتصدى بهذه المرحلة لأجندة هذا المشروع سواء أكانت بقطاع غزة أو جنوب لبنان أو حتى بسورية أو غيرها ،وهذا بدوره يتطلب تفعيلاً جديداً لجميع الجبهات القتالية التي تحيط اليوم بالكيان الصهيوني (إسرائيل )،لضرب هذا المشروع بعقر داره ،وبدون تفعيل هذه الحلول الأساسية والرئيسية للتصدي لهذا المشروع ،سنبقى للأسف ندور بفلك دموي طويل عنوانه (الفوضى الخلاقة )الأمريكية –الصهيونية،والتي ستولد بدورها مجموعة صراعات مذهبية وطائفية ستمزق المنطقة العربية والإقليم إلى كانتونات (طائفية ،عرقية ،مذهبية ،دينية ،قبائلية ،وو،إلخ )،مما يسهل إقامة دولة إسرائيل اليهودية الكبرى على أنقاض هذه الكانتونات،وهذا هو الهدف النهائي للمشروع الأمريكي –الصهيوني ،الذي يستهدف منطقتنا اليوم .
وختاماً ،نسأل هذا السؤال هنا ،إلى متى سيستمر العرب ،يساقون إلى مذابح فوضى المشروع الأمريكي –الصهيوني الاستعماري الجديد،دون أن يحركوا ساكناً ؟؟،الجواب هنا سأتركه برسم الإجابة لدى كل مواطن عربي على امتداد جغرافيا هذا الوطن العربي من المحيط إلى الخليج…
* كاتب صحفي أردني