اتفاق مسقط مقدمة لإحلال السلام في المنطقة!!!
عبدالعزيز الحزي
يبدو أن الوصول لحلول سلمية حقيقية للأزمة اليمنية في الوقت الحالي ليس أمرا بعيد المنال مع التوصل إلى اتفاق مسقط الذي رعاه وزير الخارجية الأميركي جون كيري باسم تحالف العدوان( أميركا- بريطانيا- السعودية- الإمارات) مع أنصار الله وقبل به المؤتمر الشعبي العام في حين رفضته الأطراف المساندة للعدوان، بل أن الاتفاق يمكن أن يكون مقدمة لصنع سلام حقيقي في البلاد إذا توفرت الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف وأدركت تلك الأطراف انه لا حلول بدون تقديم تنازلات .
في الوقت نفسه يجب أن تمتلك واشنطن -صاحبة المبادرة- تصورا واضحا حول ماهية جذور الصراع وأدوات ضغط لتوجيه الأطراف وخاصة السعودية نحو القبول بالحل المطروح تحت الطاولة.
كما يتطلب أن يكون لدى جميع الأطراف عقلانية وموضوعية وفهم للواقع وأن تدرك أن الحلول لا تأتي كما نريد دائما ولا كما نتمناه فالمقاربات المبنية على الأماني والأوهام والفرضيات الخاطئة، لن تعمل إلا على إطالة أمد المأساة التي يتم دفع فاتورتها من دماء أبناء الشعب اليمني ومن مستقبلهم.
المتابع للمشهد السياسي ولخلفيات الأزمة يلاحظ أنه تم خلال الفترات الماضية مفاوضات مضنية وعقيمة لأشهر هنا وهناك وفي جنيف والكويت خلال سنوات الحرب وقبلها ،ولم يستطع ولد الشيخ الوسيط الدولي إن يجد إلى الأطراف سبيلا لحل الأزمة المعقدة وإيقاف الحرب والتوصل إلى طروحات مناسبة ودقيقة من أجل تحقيق إنفراجة في الأزمة لأسباب كثيرة منها التدخلات الخارجية والرغبة في إطالة أمد الحرب لدى بعض الأطراف وتجار الحروب.
والمطلوب اليوم من جميع الأطراف بمختلف توجهاتهم هو القبول باتفاق مسقط كأرضية للتفاوض والحل النهائي الشامل وبالمقاربات السياسية الغير المستندة للأماني والفرضيات الخاطئة،والتعاطي مع الواقع كما هو لا كما يتمناه البعض وإلا فإن البديل هو استمرار الحرب على الأرض اليمنية وبدماء أبنائها لسنوات طويلة قادمة، حتى يتمكن أحد الأطراف من الحسم العسكري الذي سيكون عندها انتصارا عقيما، لا يمكن الإفادة منه نتيجة للحالة المعقدة التي ستخلفها هذه الحرب.
وعلى الأطراف السياسية المتصارعة أن تدرك أهمية الفرصة السانحة حاليا لإيجاد حلول سياسية لحلحلة الأزمة في اليمن والخروج به إلى بر الأمان وهو مطلب الشعب اليمني ،كما أن على تلك الأطراف أن تدرك أن من الحكمة القبول بالحل السياسي لعدم جدوى الحسم العسكري الذي خلف آلاف القتلى وكثيرا من الدمار وخطر الحرب على استقرار المنطقة برمتها – بمعنى آخر- ليس من المتعذر اليوم خلق حكومة انتقالية كما نصت عليه اتفاقات سابقة، وكذلك ليس من المتعذر وقف إطلاق النار الذي يؤدي إلى إيقاف الحرب بين إطراف الصراع، ويجب السعي لحصر هذه الحرب في مختلف الجبهات وإيقاف العدوان والقصف على المناطق المأهولة بالسكان أو البعيدة عن خطوط التماس، وفك الحصار الشامل البري والبحري والجوي بما يسمح لمعظم المناطق اليمنية بأن تنعم بشيء من الاستقرار الذي سيؤدي بدوره إلى عودة النازحين إلى هذه المناطق وعودة عجلة الحياة والاقتصاد في هذه الأماكن. فشيء من الاستقرار في هذه المناطق سيعيد الهدوء النسبي والاستقرار وهو الطريق الوحيد لخلق الاستقرار الكامل ، مما سيخفف أيضا من أعباء السكان فيها والنزوح عنها.
وهنا يجب أن تدرك السعودية أن إحلال السلام في اليمن ووقف الحرب هو مقدمة لاستقرارها واستقرار المنطقة وأنه بعد أكثر من 600 يوم من العدوان على اليمن لم يعد من المقبول أن تترد ولو للحظة في القبول بإيقاف عدوانها على الشعب اليمني والكف عن خلق أعذار بشكل مستمر لتبرير تدخلها وأيضا لم يعد مقبولاً من أطراف الصراع الاستمرار في الحرب العبثية التي أكلت الأخضر واليابس وأزهقت الأرواح وفي المقابل يجب الأخذ ببوادر السلام الذي سيؤدي حتما إلى استقرار المنطقة.
وهنا يفرض السؤال نفسه، هل يسقط اتفاق مسقط الرهان على فشل إحلال السلام وإنهاء الحرب في اليمن؟!! وهل تظن السعودية أنها بمنأى عن هذه الحرب؟!! وهل سيكون اتفاق مسقط بداية للاستقرار وإحلال السلام في الشرق الأوسط؟!!.