هيكل وأحزاب اليمن في الرياض
د. أحمد صالح النهمي
في الأيام الأولى للعدوان على اليمن ذكر السياسي العربي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل أن أي حل أو تسوية للمشكلة اليمنية لا بد أن يتضمن خروج هادي وعزله عن الرئاسة، فلا يعقل أن يعود لليمن رئيسا بعد كل هذا الدمار والقتل والتشريد، وقبل يومين طالعتنا الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني ببيان استنكرت فيه طرح الأمم المتحدة خروج هادي من الرئاسة اليمنية ونقل صلاحياته لنائب متوافق عليه ، مطالبة بالإبقاء على هادي، أما كتاب التجمع اليمني للإصلاح فلا يكتفون بالتمسك بهادي ، بل يضيفون إليه علي محسن صالح الأحمر.
الفرق بين الراحل هيكل وبين قيادات الاشتراكي والإصلاح هو أن هيكل ينظر للمسألة بعين موضوعية تنطلق من مصلحة الشعب اليمني وحقه في الأمن والاستقرار ، متكئا على خبرة سياسية طويلة في تسوية النزاعات ، فيما الاشتراكي والإصلاح ينطلقان في طرحهما من زاوية ضيقة تسعى إلى تحقيق أهداف آنية ومكاسب حزبية لا يمكن أن تتحقق لهما إلا في ظل وجود هادي أو هادي وعلي محسن، ولو كان ذلك على حساب السلام في الشعب اليمني واستمرار العدوان عليه.
هيكل كان طرح هذه الرؤية بعد أيام قلائل من العدوان، فيما الاشتراكي والإصلاح يطرحان رؤيتهما بعد أكثر من ستمائة يوم من العدوان والقتل والتدمير ، ويريدان أن يرجع هادي رئيسا لليمن ولــ علي محسن أن يعود نائبا، فهل يتوقعان أن تستقبلهما الجماهير اليمنية في حشود مليونية مهيبة مرحبة بهما….(فعلا اللي استحوا ماتوا).
من يتابع تصريحات سياسيي اليمن الفارين في الرياض وغيرها ،من هادي إلى ياسين نعمان إلى المخلافي إلى أصغر محلل سياسي على فضائيات العدوان يلاحظ أن الكل يجمع على استحضار الخطر الإيراني في اليمن على السعودية والخليج، وكأن هذه الورقة هي الفزاعة الوحيدة التي يبتزون بها السعودية لدعمهم وتصوير أنفسهم على أنهم يدافعون في المقام الأول عن أمن المملكة وتضحياتهم بشعبهم ووطنهم هو من أجل عيونها ليس إلا.
السعودية من جهتها في الاتفاق الأخير أدركت أن حديث هادي والساسة اليمنيين عن قرب حسم المعركة هو مجرد خداع ليس إلا، فالجيش واللجان الشعبية هم اليوم أكثر قوة وأشد بأسا من وضعهم في بداية العدوان، كما أدركت أن الاستمرار في العدوان على اليمن ليس إلا مقامرة سياسية قد تودي بالعرش وتقرب من أجله ونهايته، لهذا يرى بعض المحللين السياسيين أن تجاهلها لمرتزقتها في الداخل السعودي في اتفاقية كيري الأخيرة يأتي من باب الضغط عليهم لتقديم أداء أفضل في الميدان ، وإلا فإن العاقبة ستكون تركهم في منتصف الطريق غير آبهين باستغاثات اليدومي ذات مساء “لا تتركونا في منتصف الطريق”.
يا هؤلاء :
إن الشعب اليمني الذي قرر التخلص من الهيمنة السعودية على قراراته السيادية ، وقدم في سبيل ذلك هذه التضحيات الكبيرة لن يرتمي مرة أخرى في أحضان هيمنة جديدة لإيران أو غير إيران، فالشعب اليمني حر …وسيبقى.