يوماً بعد يوم تنكشف أوراق القوة التي بات يمتلكها محور المقاومة في العراق فالتحول النوعي الذي قاده الحشد الشعبي في العراق، أدى لإعادة خلط الأوراق على الساحة العراقية، وهو ما أنتج قوة للعراق جعلته يخرج من دوَّامة الابتزاز التي كان يعيشها. خصوصاً بعد أن بات الحشد، ورقة القوة العراقية على الصعيدين العسكري والسياسي، في مواجهة محاولات إخضاع العراق. إلى جانب الدور الفاعل للحشد، في تحرير العراق من الإرهاب لا سيما تنظيم داعش. واليوم، سيُشارك الحشد الشعبي في الحرب السورية ضد الإرهاب. وهو ما يعني تعاظم قوة هذا الحشد وانتقاله نحو دورٍ إقليمي تدعمه جهات العراق وسوريا الرسمية. فماذا يعني هذا التحول؟ وما هي دلالاته المهمة؟
كشف القيادي في الحشد الشعبي رئيس منظمة بدر في العراق “هادي العامري” أن عناصر الحشد الشعبي العراقي ستدخل الى سوريا بعد تحرير العراق، لقتال تنظيم داعش الإرهابي. مشيراً إلى أن الدولة السورية وجهت دعوة لقيادات الحشد لدخول سوريا بعد إكمالها تحرير العراق. وهو ما تزامن مع دعوة رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” الأطراف العراقية والسورية الثلاثاء، إلى تعزيز الإجراءات على الحدود بين العراق وسوريا بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي.
ولا شك أن خطوة مشاركة الحشد الشعبي العراقي في الحرب على الإرهاب، وانتقاله نحو جارة العراق سوريا، لدعم الجيش السوري ومحور المقاومة، له العديد من الدلالات أبرزها.
إن الحشد الشعبي يمتلك تجربة ضخمة في الحرب على الإرهاب في العراق وتحديداً قتال تنظيم داعش. هذه التجربة ستنعكس إيجاباً على التعاون الميداني بين الحشد والجيش السوري في مجال الحرب على التنظيم الإرهابي. وهو ما يُعتبر السبب الأساسي لدعوة الجيش السوري له.
كما تدل مشاركة الحشد الشعبي على التغيُّر الواضح في موازين القوى لصالح محور المقاومة والذي بات العراق جزءاً منه. وهو ما تُبرزه الحقائق الميدانية في سوريا والتي خطَّها الجيش السوري وحزب الله بالإضافة الى الحقائق الميدانية في العراق والتي كان للحشد الشعبي والقوات العراقية الدور البارز فيها. فيما لا يمكن تجاهل دور إيران ودعمها التخطيطي واللوجستي، كرأس هذا المحور الذي بات اليوم قوة حقيقية متكاملة تمتد من سوريا الى لبنان والعراق وفلسطين واليمن. فيما ستؤدي مشاركة الحشد في سوريا، الى تثبيت التغيُّر الواضح لصالح هذا المحور في الميدان السوري.
وبالإضافة الى ما تقدم، تدل مشاركة الحشد الشعبي في سوريا على التحوُّل في القوة التي يُمثلها هذا الحشد من القوة المحلية الى القوة الإقليمية. وهو ما يجعله كما بدا منذ انطلاقته، لاعباً وازناً في رسم معادلات المنطقة بعد أن كان لاعباً وازناً في الحرب على الإرهاب في الميدان العراقي. كلُّ ذلك يعود بنتائجه على حيثية وقوة محور المقاومة في المنطقة والعالم.
ولاشك إن مشاركة الحشد الشعبي على الساحة السورية سيعزز من أواصر التعاون المشترك بين شعوب المنطقة لا سيما الشعبين السوري والعراقي. وهو يمزج بين الجغرافيا السياسية والمصالح القومية للبلدين. لنقول إن النتيجة الحتمية لهذا التعاون بين هذه الأطراف، ستؤدي لخلق وتثبيت واقعٍ من التعاون المشترك فيما يخص مصالح هذه الدول، على الصعد الأمنية والعسكرية والسياسية الى جانب الصعد الإجتماعية، تقوده العناصر الوطنية (الجيش واللجان) والتي تقاتل من أجل سيادة أوطانها.
ومن المؤكد أن مشاركة إن الأثر لمشاركة الحشد الشعبي في الحرب السورية، سينعكس بشكل كبير على الصراع مع الكيان الإسرائيلي. حيث أن الدور الذي سيلعبه الحشد على الصعيد الميداني، يعني إمكانية وجود دورٍ مستقبليٍ له في أي حربٍ قد تُخاض ضد تل أبيب. خصوصاً أن مسألة الحرب مع الكيان الإسرائيلي لم تعد تنحصر بالجغرافيا اللبنانية الفلسطينية، أي بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، بل ستمتد بسبب التغيُّر في طبيعة الميدان الى الجغرافيا السورية الفلسطينية والسورية اللبنانية. وهو ما يدعم المقولة التي تؤكد أن أي حربٍ مُقبلة مع تل أبيب، ستكون على رقعة جيوعسكرية واسعة.
وأخيراً فإن إن مجرد مشاركة الحشد الشعبي في سوريا، يعني تأكيد الإنهيار الحاصل في المصالح الأمريكية في المنطقة وتبدُّل معادلات القوة. وهو ما يؤكد تراجع النفوذ الأمريكي وما يُسمى بالقدرة على السيطرة فيما يخص الملفات الدولية التي تُعنى بها واشنطن في الشرق الأوسط. وهو ما بدأ ينهار تحديداً، مع الخسارة في الملف السوري والفشل في إخضاع العراق. فيما يرتقي الحشد الشعبي من دورٍ محلي الى دورٍ إقليمي، سيكون له الكثير من التأثير على معادلات المستقبل السياسية والعسكرية للشرق الأوسط.
Next Post