تحقيق/محمد السيد –
اليمن.. انتهت الحرب وسكتت أصوات البنادق ودخل الخصوم في “استراحة محارب” لكن مع ذلك وجدت البلاد نفسها تدخل في حرب من نوع آخر حرب تدور رحاها في المواقع الإخبارية حيث اجتاحت عشرات المواقع الالكترونية الإخبارية الساحة اليمنية بشكل لافت ولا سيما في الثلاث السنوات الأخيرة زادت ذروتها منذ اندلاع الثورة الشبابية السلمية مواقع إخبارية رأى في وجودها البعض “ظاهرة صحية” لكن البعض الآخر اعتبر الكثير منها عبئاٍ على الساحة الصحفية اليمنية والسبب كما يقولون “افتقارها لأخلاقيات المهنة فيما ذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك من خلال وصف بعض هذه المواقع بأنها “أشبه بفوهات بنادق” التي تْطلق اعيرتها بشكل عشوائي ومركز تْحركها وتغذيها القوى السياسية المتصارعة في البلاد.
معظم هذه المواقع تعد مشاريع شخصية وبالدخول في التفاصيل تجد أطرافاٍ سياسية وشخصيات اجتماعية تقف وراءها داعمة وموجهة وبحسب مراقبين فإن مثل هذه المواقع وقعت أسيرة لانتماءاتها السياسية وابتعدت عن أخلاقيات المهنة الصحفية.
يأتي ذلك في الوقت الذي وجد من يقول “بعض هذه المواقع للأسف مْفخخة”.
موجهة سياسياٍ
> رشاد الشرعبي رئىس مركز التدريب الإعلامي والتنمية أشار من جانبه إلى أن الكثير من هذه المواقع الإخبارية لا تلتزم بمعايير وأخلاقيات العمل الصحفي.. موضحاٍ بأن معظم الكوادر العاملة فيها هم مبتدئون وقدراتهم ضعيفة ومتطفلون على المهنة حيث تعتمد مثل هذه المواقع على الإشاعات والاكاذيب ولا تْطبق معايير الصدق والدقة في نقل المعلومة.
وقال الشرعبي معظم الصحافة الالكترونية تْعاني من علل كثيرة ولا تتبع مؤسسات صحافية مهنية كما أنها مشاريع بعضها شخصية موجهة سياسياٍ بين الأطراف المتصارعة من أتباع النظام السابق والحراك الجنوبي والحوثيين حيث تخدم هذه المواقع اجندات خاصة بالأطراف السياسية المتصارعة.
ولفت إلى أنه حتى اليوم لم تنتج عن هذه المواقع مؤسسات إعلامية الكترونية بالمعنى المؤسسي والمهني.
وطالب السامعي بالعمل على ترشيد هذا النشاط الصحفي باتجاه عمل ملتزم بأخلاقيات المهنة مؤكداٍ بأنه ليس مع “خنق أو منع” هذه المواقع بل العمل على تحويلها إلى مؤسسات مهنية ملتزمة. بدلاٍ من أن تظل العديد من هذه المواقع يغلب على أدائها الدعاية السياسية لطرف على حساب طرف آخر.
تخبط وفوضى لا مثيل لها!
ولا يكتمل موضوع التحقيق إلا برأي المهندس يسري الأثوري المسؤول عن القارئ الإخباري الالكتروني للمواقع الالكترونية الإخبارية اليمنية “صحافة نت” حيث يقول الأثوري في الآونة الأخيرة وخاصة منذ العام 2011م ازدهر الإعلام الالكتروني اليمني بشكل كبير على مستوى الكم حتى وصلت المواقع إلى أكثر من 200 موقع اخباري ولم يقابله الازدهار المتوقع في الجودة والكيف بسبب حصول الصحف الالكترونية اليمنية على تمويل من أطراف سياسية أفقدها مصداقيتها.
وأشار إلى أن المواقع الالكترونية اليمنية لم تكن بمنأى عن التراشق الإعلامي بل وكانت سبباٍ فيه وغلبت أداءها ومصالحها الشخصية على المهنية والعمل الصحفي ولم تهتم مطلقاٍ بجودة المادة التي تنشرها ومصداقيتها.
ولفت الأثوري إلى أن الصحافة الالكترونية اليمنية تعيش في تخبط وفوضى إعلامية لا مثيل لها ويساعد على ذلك غياب الأنظمة والقوانين التي تنظم النشر الالكتروني مؤكدا بأن أي عمل لا تحكمه الأنظمة والقوانين ستحكمه الفوضى وهو ما ساعد في وصول أشخاص غير مؤهلين وأحياناٍ غير صحفيين لإدارة مواقع الكترونية.
واختتم المهندس يسري الأثوري تعليقه حول موضوع التحقيق بالقول “أدعو وزارة الإعلام أن تعمل على صياغة قانون ينظم النشر الالكتروني بالتعاون مع المعنيين بحيث ينظم العمل في هذا المجال بما يضمن السقف العالي من الحرية والمهنية وجودة المادة الاخبارية وإتاحة الفرصة للمواقع الالكترونية للعمل بشكل رسمي والسماح لها بتقديم خدمات تحصل من ورائها على عائد يساعدها على الاستقلال المادي مثل خدمات الإخبار عبر الجوال وبما سينعكس إيجاباٍ على تلك الوسائل ويجعلها لعمل بمهنية أكبر.
نعيش “فوضى إعلامية”
> مدير عام الصحافة بوزارة الإعلام الأخ ابراهيم عبدالحبيب وصف من جانبه واقع الصحافة الالكترونية الإخبارية في اليمن بأنه “يعيش فوضى” يتطلب ضرورة وجود تشريعات وقوانين تنظم هذا النوع من النشاط الصحفي وترتقي به أسوة بما هو موجود بالأردن والإمارات وغيرهما من الدول العربية الأخرى.
وأكد بأن وزارة الإعلام ليس لها أية سلطة أو رقابة على نشاط المواقع والصحافة الالكترونية نتيجة عدم وجود قانون ينظم الإعلام الالكتروني في البلاد.
وأوضح بأنه قد كْثر الحديث حول أهمية وجود قانون للإعلام الالكتروني يعمل على الحد من الفوضى الحاصلة.. وأشار إلى أن مشروع قانون الإعلام الالكتروني لا يزال أمام حكومة الوفاق دون أن يتم إقراره تحت تبرير بأن الحكومة الحالية هي حكومة انتقالية معرباٍ عن أسفه لما تتضمنه بعض المواقع من معلومات وأخبار تْغذي النعرات الطائفية والعنصرية والمذهبية.
من جانبه أكد مصدر بالمؤسسة العامة للاتصالات أن نسبة عدد المواقع الالكترونية ازدادت في الفترة الأخيرة بشكل كبير مشيراٍ إلى أن وزارة الاتصالات تْعطي تراخيص لإنشاء هذه المواقع لكنها في نفس الوقت لا تستطيع مراقبة هذه المواقع خاصة تلك التي لا تلتزم بأخلاقيات المهنة لعدم وجود قانون ينظم نشاط الصحافة الالكترونية في اليمن.
المطلوب قانون
> مدير عام الشئون القانونية بوزارة الإعلام دعا من جانبه إلى ضرورة على اصدار قانون ينظم نشاط الصحافة الالكترونية مؤكدا بأن وجود مثل هذا التشريع يكتسب أهمية كبيرة في الوقت الراهن لإرساء قواعد أخلاقيات العمل الصحفي بعيداٍ عن الصراعات السياسية والنأي بها عن إثارة النعرات العنصرية والطائفية والمذهبية واحترام أخلاقيات المهنة مؤكداٍ بأن وجود مثل هذا القانون سوف يرتقي بالعمل الصحفي الالكتروني مؤكداٍ بأن وزارة الإعلام في ظل عدم وجود القانون لا تستطيع التحكم بهذه المواقع الإخبارية.