عبدالناصر الهلالي –
تراجع لم يكن في الحسبان شهد
ته الحريات الصحفية بعد حرب صيف94م بعد الانفتاح الذي لم يدم طويلاٍ ومع هذا التراجع استمر مسلسل الانتهاكات للصحفيين على طول مسافة ما تبقى من سنوات التسعينات غير أن مطلع العام 2000م وما تلاه من سنوات زادت تلك الانتهاكات القاسية ضد الصحفيين.
الصحفي جمال عامر تعرض للاختطاف مرتين بعد الحوارات التي كان يجريها مع الحوثيين عقب كل مواجهات دامية بينهم وبين الدولة في صعدة. بالمثل تعرض الصحفي عبدالكريم الخيواني للاعتقال والتعذيب الشديد كما جاء في لقاءات صحفية وكتابات خاصة به بعد خروجه من السجن..الصحفي الخيواني قال حينها إنه تعرض لأبشع أنواع التعذيب في السجن وقبل الاعتقال ذهبوا إلى منزله وسطوا على ما يحتفظ به في جهاز الكمبيوتر التابع له وظهرت التهمة في حينه أنه يعمل لحساب الحوثيين كما هي التهمة التي توجه اليوم. ومن سنوات خلت للصحفي عبدالإله حيدر غير أن الأخير تهمته العمل لصالح القاعدة.. الصحفي محمد المقالح تعرض للاختطاف أيضا وقيل في ذلك الوقت أن قبائل ما اختطفت الصحفي بعد الإفراج عنه.
على طول الخط الفاصل بين الثمان السنوات الأخيرة والعام 2011م انتعش سوق القتل “والاعتداء” والخطف للصحفيين إلى درجة أن الجهات الرسمية التي كانت تدعي حماية الحريات الصحفية هي من ضاقت ذرعا بالصحف التي كانت تبحث عن الحقيقة بين ركام القاذورات السلطوية وصحيفة النداء التابعة للزميل سامي غالب كانت مثلا لذلك الضيق الذي أبدته السلطة حيالها عندما تعرض مقر الصحيفة للنهب وإتلاف المحتويات لمرتين متتاليتين.
في الثلاثة الأعوام من 2009حتى2011م كانت الانتهاكات ضد الصحفيين بالجملة وبحسب تقرير الحريات الصحفية الصادر عن نقابة الصحفيين اليمنيين بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمتي دعم الإعلام الدولي وفريدريش ايبرت فإن عدد الانتهاكات خلال تلك السنوات(614) انتهاكا. ويفصل التقرير الذي دشن في شهر سبتمبر من العام2012م عدد الانتهاكات بين الأعوام تلك (153) انتهاكا في العام 2009م. (128) انتهاكا في العام 2010م. وفي العام 2011م الذي شهد ثورة عارمة ضد السلطة وصل عدد الانتهاكات ضد الصحفيين (333) انتهاكا توزعت بين القتل ومن الصحفيين الذين تعرضوا للقتل أثناء تغطيتهم للاعتداءات التي كانت تشنها قوات الأمن على ساحة التغيير (جمال الشرعبي والمخرج عبدالحكيم النور والمصور حسن الوظاف والصحفي عبدالمجيد السماوي). وتوزعت تلك الانتهاكات أيضا بين الشروع في القتل والاستدعاء والمصادرة والمحاكمات والاعتقالات وطلب التحقيق والاختطافات والتحريض والإيقاف وإغلاق صحف.
ورصد التقرير ذاته أن (70%) من هذه الانتهاكات من قبل قوات الأمن وبقية النسب توزعت بين الجيش وأتباع من شيوخ القبائل.
ووفقا للتقرير فإن الصحافة اليمنية مرت بأسوأ وأخطر مرحلة بعد تصاعد وتيرة استهداف الصحفيين بشكل عنيف.. ويرى الكثيرون أن رصد تلك الحالات من الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيين خلال الأعوام الثلاثة يعد مؤشرا خطيرا يحدق بالصحافة اليمنية.
الأمين العام لنقابة الصحفيين مروان دماج قال في كلمته عند تدشين التقرير: “لا زلنا نعيش وضعا خطيرا ولا سيما المصورون الذين يتعرضون للانتهاكات من قبل قوات الأمن”.
وزير الإعلام علي العمران تحدث في ذات المناسبة أن التعبئة ضد الصحفيين كانت موجودة لكنها تنتمي للماضي وهي ليست من ثقافة الحاضر ولا ينبغي أن تكون من ثقافة الحاضر.
كان هذا الحديث في نهاية العام 2012م وهو العام الذي شكلت فيه حكومة الوفاق غير أن الانتهاكات ظلت من ثقافة الحاضر إذ رصدت مؤسسة الحرية المعنية بالحقوق والحريات الإعلامية والتطوير في اليمن (260) انتهاكا ضد الصحفيين خلال العام عينه. وتمت جميع الانتهاكات وفقا للتقرير السنوي الأول الصادر عن مؤسسة حرية من قبل جهات حكومية ومجاميع مسلحة خارج السلطة.
ويشير التقرير إلى أن الانتهاكات شملت بعض المؤسسات الإعلامية” ومساكن بعض الإعلاميين. ويعد التقرير أن النصف الأول من العام 2012م كان الأعنف ضد الصحفيين فيما تراجعت حدة العنف ضدهم في الربع الثالث من العام الماضي.
وأبرز الانتهاكات في تلك الفترة حسب التقرير تمثلت في الشروع بالقتل والاعتداء الجسدي والمحاكمات للصحفيين والتهديد بالنسف والتفجير لمقار الوسائل الإعلامية.
ولازالت الانتهاكات ضد الصحفيين حتى اليوم وإن خفت حدتها كما يقول المراقبون لكن هذا لا يبرر استمرارها بعد الثورة الشبابية الشعبية التي يطمح فيها الجميع إلى الانفتاح أكثر واحترام الرأي مهما كان مخالفا للتوجهات الرسمية ولعل استمرار الاعتقال للصحفي عبدالإله حيدر خير دليل على الاستمرار في التضييق على الصحفيين بالمقابل يتوج على وسائل الإعلام المختلفة تحري الدقة في تناولتها للقضايا المختلفة وعدم الشطط بعيدا في إثارة النعرات الطائفية والمناطقية.
Next Post