الصحـافة بيــن الحــق والحــــرية

الدكتور/ عباس محمد زيد –
دأب البعض على حصر كلمة الصحافة بالعمل الصحفي المتعلق بإصدار صحف ورقية في الوقت الذي يتسع المصطلح إلى أن يشمل كل عمل إعلامي¡ والإعلام الذي نعيش في عصره أمس لا تحصى وسائله فمن الفضائيات ( المسموعة والمرئية ) إلى الإذاعات الداخلية والدولية¡ وكذا المواقع الالكترونية المتعددة.
وتتداول الوثائق الدستورية والقانونية مصطلح حق أو حرية الصحافة وحرية الإعلام ¡ وتحرير وسائل الإعلام ¡ وهنا نبين باختصار آثار تلك المصطلحات على حقوق الصحفيين وحرياتهم .
سبق القول بأن الحق يمك◌ٍن السلطات العامة بتنظيمه وتقييده في الحدود التي لا تمنع استخدام هذا الحق وبقوانين ¡ في الوقت الذي تمتنع السلطة من التدخل في تنظيم أو تقييد الحريات العامة إلا إذا استثنى النص الدستوري قيدا محددا بذاته فيمكن للمشرع القانوني تنفيذ هذا القيد والنص عليه ¡ وبالتالي فحريات الصحافة والصحفيين تأخذ مداها عند النص على حرية الصحافة بخلاف ذلك عندما يكون النص ( حق الصحافة ) تكفله الدولة وتحميه .
كما تتداخل نصوص أخرى متصلة بذات الشأن فحرية التعبير تمنح الصحفيين وكافة الإعلاميين وغيرهم حرية أوسع في التعبير عن عقائدهم وإبداعاتهم وتحقيقاتهم ومقالاتهم في الوقت الذي تتمكن السلطة من تقييد هذه الحرية بالنص على أنها ( حق التعبير ) ¡
ولنضرب مثالا في حرية الإعلاميين نجد أن السلطة التشريعية لا تتمكن من تقييد هذه الحرية بأي قيد سوى ضمير الكاتب والإعلامي ومعتقداته التي تلزمه سلفا بتقييدها من غير إلزام قانوني ¡ ولذا تدعي بعض الدول الأوربية التي يسيء بعض كتابها إلى الأنبياء أنها لا تتمكن من إصدار قانون يقيد هذه الحرية ¡ في الوقت الذي يمكن للسلطة التشريعية من وضع قيود تحرم المساس بالأنبياء والمعتقدات في حال كون النص الدستوري يعتمد مصطلح الحق وليس الحرية ¡ أو في حالة النص على كونها حرية ولكن يتضمن النص الدستوري أيضا على قيد عدم المساس بالمعتقدات الدينية وسائر الأنبياء.
بالتأكيد أن الحماية الشعبية لمعتقداتها أهم من الحماية الدستورية على مستوى النصوص ¡ فليس من المتصور حتى لو تم النص على حرية التعبير وحرية الصحافة أن نجد كاتبا يمس أو يزدري بأحد الأنبياء في مجتمع يؤمن بقداسة الأنبياء ولنا أن نتصور مدى غضب الشعب على كاتب كهذا في مجتمع مثل اليمن وسائر الدول الإسلامية ولن نتوقع حينها رد الفعل الشعبي نحو كاتب كهذا¡ ولذا تظل الحماية والرقابة الشعبية هي أهم القيود التي يجب أن يتنبه لها كل صحفي وهو يكتب في مجتمع ما .
بقي أن نشير إلى أن مصطلح تحرير وسائل الإعلام معناه أن تحرر من يد السلطة فلا تعد وسائل الإعلام حكرا بيد السلطة فهنا تتدرج وسائل التحرير بدءا بالسماح للقطاع الخاص والأفراد والأحزاب والجماعات في امتلاك وسائل الإعلام وانتهاء بامتناع السلطة من امتلاكها والاكتفاء بالناطق الرسمي الذي يعبر عن مواقف السلطة تجاه كل قضية رأي عام .
أما حقوق الصحفي أو الإعلامي فهو في جانب منها يتساوى مع باقي المواطنين من حقه في العيش بكرامة ويتميز بحقه في الحصول على المعلومات ونشرها دون أن يكون هناك قانونا يهدده بسلب حريته في كل منعطف . مع ضرورة التزامه بالقانون الجنائي فيما يتعلق بارتكاب الجرائم اللفظية والتي يجب أن تكون محددة سلفا وعلى سبيل الحصر .
وللحديث بقية .

أستاذ مساعد بجامعة صنعاء

قد يعجبك ايضا