مقترح التصرف العلني في بعض أراضي الدولة هدفه حماية ممتلكات الدولة ورفد الخزينة العامة وذوي الدخل المحدود
لقاء/ وائل شرحة
كشف القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني معين المتوكل عن ثلاثة آلاف قضية اعتداء على أملاك الدولة ما تزال منظورة أمام المحاكم والنيابات, إضافة إلى مئات القضايا من بسط واعتداء بعموم محافظات الجمهورية, تعمل الهيئة على حصرها تمهيداً لرفعها للسلطات القضائية والضبطية.
وأكد المتوكل في لقاء مع (الثورة) أن مقترح التصرف ببيع وتأجير بعض أراضي الدولة بالمزاد العلني والذي رفعته الهيئة لرئاسة الوزراء, يمكن المواطنين أصحاب الدخل المحدود من الحصول على قطعة أرض, ويحد من حالات العبث والبسط على ممتلكات الدولة من قبل المتنفذين.. المزيد في تفاصيل اللقاء:
بداية ..نسأل عن المقترح المرفوع من الهيئة لرئاسة الوزراء بخصوص التصرف في بعض أراضي الدولة بالمزاد العلني، والضجة الاعلامية التي صاحبته واتهامكم بالتفريط بأملاك الدولة.. ما هو توضيحكم بهذا الخصوص؟
– بداية اشكر صحيفة (الثورة) التي أتت لتتأكد من صحة المعلومات من مصادرها الحقيقية، وأتمنى أن تحذو حذوها كافة وسائل الإعلام, بعيداً عن التأويلات المغلوطة والاتهامات البعيدة عن الواقع والحقيقة.
وبالنسبة للمقترح الذي تقدمت به الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني للقائم بأعمال رئاسة الوزراء الأخ طلال عقلان، بخصوص التصرف في بعض أراضي وعقارات الدولة بالمزاد العلني، هو مقترح يتفق مع كافة قوانين ولوائح الهيئة, ونسعى من خلاله إلى تحقيق الاستفادة القصوى من أراضي الدولة وتنمية عائداتها لرفد الخزينة العامة بالموارد المالية للمساهمة في تخفيف الأزمة الاقتصادية وتوفير رواتب الموظفين.
كما أن التصرف بأملاك الدولة عن طريق المزاد العلني معمولا به في عدد من الدول العربية كالجزائر، ومصر، والسودان وغيرها.
كيف يحافظ هذا المقترح على ممتلكات الدولة..؟
ـ ظلت ممتلكات الدولة لأعوام عديدة عرضة للنهب والسلب والسيطرة من قبل متنفذين وقيادات معروفة سواء تم ذلك بشكل قانوني أو عبر جمعيات سكنية وهمية أو بتوجيهات من القيادات العليا للبلد خلال الأعوام الماضية.
وعلى سبيل المثال كان يتم منح مساحات شاسعة من أراضي الدولة لرجال أعمال بهدف الاستثمار فيها, إلا أنه لم يتم أي استثمار فيها حتى الآن, وهذا أحد أنواع الاعتداءات التي تعرضت لها أراضي الدولة, ولو راجعنا مثل هذه الحالات لوجدنا أن ما حصل مؤخراً من منح عقد بيع لميناء رأس عيسى أكبر دليل على حجم العبث في أراضي الدولة, رغم أن الدولة لو أرادت أن توجد ميناء بعمق رأس عيسى فهي بحاجة لأكثر من 20 مليون دولار.
وحرصاً من الهيئة العامة للأراضي على عدم استمرار العبث في أراضي الدولة قدمنا هذا المقترح, الذي سيساهم في الحفاظ على الممتلكات العامة من خلال تخطيط مشاريع استثمارية ومدن سكنية وعرضها للبيع بالمزاد العلني, بحيث يتسنى للجميع الشراء ولمرة واحدة, أي لا يحق لها الشراء في مخطط آخر أو مرة أخرى كي يحصل الجميع على قطعة أرض.
نريد حالات توضح حجم العبث في أراضي الدولة..؟
ـ كثيرة هي حالات العبث وأغلبية المجتمع يعرفها ومطلع عليها.. لكن سأتحدث عن حالة عبث حصلت في أحدى المحافظات, وتتمثل في بيع ألفين قصبة ” لبنة” بـ 50 مليون ريال, في حال إن ثمن الأرض يصل إلى 10 مليارات ريال بواقع 5 ملايين ريال للبنة الواحدة بحساب الزمان والمكان.
نفذ المشتري في الأرض مشروعا استثماريا يقدر بـ 100 مليون ريال وبعد ذلك قام برهن وثائق الأرض بـ 10 مليارات ريال لدى البنك, وهنا نجد بأن الدولة خسرت مرتين أولاً ببيع أراضيها بثمن بخس, وثانياً بسحب أموالها من البنك.. وهناك مئات القضايا والحالات التي يدمى لها القلب.
وأؤكد هنا أنه كان بإمكان الدولة أن تبيع خمسين لبنة بـ 250 مليوناً, وتقوم باستثمار المبلغ في بقية الأرض لصالح الدولة.. هذا جزء يسير مما يحدث في أراضي الدولة التي يجب أن يتصدى المجتمع بكل مكوناته لهذا العبث.
هناك من يقول بأن هذا المقترح أتخذ بشكل فردي من قبلكم.. ما ردكم..؟
– لم يتم اتخاذ مقترح التصرف بأراضي وعقارات الدولة بشكل فردي مني شخصيا، وإنما جاء هذا المقترح بعد دراسة دقيقة قامت بها القطاعات العامة والإدارات النمطية في الهيئة، وشملت هذه الدراسة الجانب القانوني والحالات التي بإمكان الدولة التصرف فيها والفئة المستفيدة من هذا المشروع، وماذا سيعود به من فائدة على خزينة الدولة، لا سيما في ظل الازمة الاقتصادية الحالية والوضع الحرج الذي يمر به البنك المركزي.
وقامت الإدارة والقطاعات المعنية, بعد الانتهاء من الدراسة برفع مقترح التصرف تحت توقيع المختصين ومدراء الإدارات العامة والوكلاء، وسنعطيكم نسخة من المقترح الموقع عليه جميع المختصين. إلا أن هناك من استغل وجود اسمنا في المذكرة المرفوعة لرئاسة الوزراء، وحولوا المشروع المقترح إلى قضية شخصية تتعلق بي ، وأنا هنا أدين واستنكر هذا الأمر، مع احتفاظي بالحق القانوني في مقاضاة كل وسائل الإعلام والكتاب الذين اتهموني وتحدثوا عني.
ما هي النصوص القانونية التي استندتم اليها..؟
ـ مقترح التصرف في بعض أراضي الدولة يتفق جملة وتفصيلا مع أحكام ونصوص قانون أراضي وعقارات الدولة رقم (21) لسنة 1995م ولائحته التنفيذية رقم (170) لسنة 1996م وقرار إنشاء الهيئة رقم (35) لسنة 2006م وقرارات مجلس الوزراء المتعددة وذات الصلة بالموضوع ومنها ما يتعلق بمعالجة أوضاع الساكنين وحالات البناء التي تمت سابقاً على أراضي الدولة بطرق غير مشروعة، وذوي الدخل المحدود.
إضافة إلى أن التصرف عن طريق المزاد العلني ليس ابتكاراً وليد اللحظة! وإنما تفعيلاً لأحكام ونصوص قانون الأراضي في المواد(27،32،59) ولائحته التنفيذية في المواد (68، 91-99) والمواد(112،131) وذلك لإتاحة المجال للتنافس بين المستفيدين لتحقيق أقصى عائد للدولة لرفد الخزينة العامة بضوابط حددها القانون تكفل إتاحة المجال لكافة المواطنين للاستفادة منها وعدم التكرار أو الاحتكار من قبل أصحاب المال والنفوذ.
هل الوضع الراهن مناسب لتنفيذ مقترح التصرف.. ؟
ـ الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلد وعدم مقدرة البنك على دفع مرتبات موظفي الدولة.. واستشعاراً من قيادة الهيئة العامة للأراضي بالمسؤولية الوطنية, تقدمت بمقترح التصرف في بعض أراضي الدولة, وهو مجرد مقترح قابل للموافقة أو الرفض.
وأؤكد هنا أن المقترح يتفق مع نصوص ومواد القانون التي ظلت للأسف معطلة على مدى العقود الماضية, إذ اقتصر الأمر على التمليك مجاناً والتصرف المباشر بأثمان بخسة لا تشكل 10% من قيمتها الحقيقة، فضلاً عن ترك أراضي الدولة عرضة للأطماع والسطو وبذلك حُرمت خزينة الدولة من مئات المليارات من الريالات.
ذكرتم أن مقترح التصرف يخص حالات معينة.. هل اطلعتم الجمهور عليها ؟
– مقترح البيع أو التأجير عن طريق المزاد العلني وفقاً للقانون يقتصر على حالات محدودة تتمثل في:
بعض القطع المتاحة الواقعة في نطاق بعض المدن الرئيسية لرفد الخزينة العامة.
معالجة وضع المواطنين الذين سبق أن قاموا بالبناء على أراضي الدولة ولم يسبق للهيئة حل مشكلتهم ومنح الساكنين الوثائق اللازمة رغم صدور قرارات مجلس الوزراء بشأنها.
المساهمة في حل مشكلة الإسكان لذوي الدخل المحدود عبر تخطيط مواقع لعدد من طلبات موظفي الجهات الحكومية والجمعيات السكنية المقدمة للهيئة وإنزالها بالتمليك أو الإيجار بأسعار تتناسب مع إمكانيات هذه الشريحة.
تخطيط عدد من المواقع لإقامة مشروعات استثمارية وإنزالها للتنافس بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية.
المقترح يحدد 30% من الإيرادات للهيئة, وهناك من يقول بأن المبلغ كبير ويصل إلى المليارات في حال نفذ..؟
إن إيرادات الهيئة من حصيلة المبيعات والإيجارات وغيرها تورد لخزينة الدولة عبر وزارة المالية ولا يدخل حساب الهيئة شيئاً منها، كما أن مقترح تخصيص نسبة 30% من الإيرادات لصالح دعم نشاط الهيئة سيتم عبر وزارة المالية وفقاً للقوانين النافذة لتمكين الهيئة من إدارة واستغلال واستثمار أراضي الدولة لخلق موارد متجددة ورفد الخزينة العامة وبما يمكن الهيئة من النهوض بمهامها الوطنية في تأمين الملكيات العقارية وتخطيط وتوجيه التنمية وكذا مواجهة أكثر من ثلاثة آلاف قضية نزاع منظورة أمام القضاء وعشرات الآلاف من حالات البسط والاعتداء.
هل لديكم إجمالي لعدد أراضي الدولة المنهوبة والمعتدى عليها..؟
ـ هناك أكثر من ثلاثة آلاف قضية نزاع على أراضي وعقارات الدولة منظورة أمام المحاكم والنيابات المختصة بعموم محافظات الجمهورية, بينما هناك عشرات الآلاف من قضايا الاعتداء والبسط على أملاك الدولة, والهيئة تعمل حالياً على حصرها, تمهيداً واستعداداً لتقديمها للجهات القضائية والأمنية المختصة.
وأؤكد للمجتمع أن الهيئة العامة للأراضي لن تتهاون في التصدي لكل من يحاول العبث بأراضي وعقارات الدولة, ولن تكل من المضي في تجفيف منابع الفساد وغل أيادي العابثين بأملاك الشعب, أينما كانوا, وإحالتهم للجهات المختصة للتحقيق معهم ومحاسبتهم واسترداد أراضي الدولة، ونناشد الحكومة وكافة أجهزة الدولة الرقابية والقضائية لمساندة الهيئة في سبيل الحفاظ على أراضي الدولة وصون المال العام.
نهاية هذا اللقاء.. ما هي رسالتك للشارع الذي أصبح مشغولاً بمقترح التصرف بأراضي الدولة..؟
ـ نحن قيادة الهيئة العامة للأراضي نعلم جيداً أن هناك وسائل إعلامية وناشطين قاموا بنشر تحليلات مغلوطة ومنافية للواقع, لكن المجتمع يعرف إن حجم العبث والتفريط الذي طال أراضي الدولة خلال السنوات الماضية لا يمكن أن يتقبله عقل، ولعل تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد الصادرة مؤخراً تتحدث عن ذلك.
وكل هذه المزاعم تأتي نتيجة للإجراءات التصحيحية التي شرعت قيادة الهيئة باتخاذها على أكثر من مستوى, ما أستفز قوى الفساد والعابثين ومن تضررت مصالحهم للتخطيط لهذه الحملة وبث الشائعات وتشويه الحقائق في محاولة بائسة للتغطية على جرائمهم التي طالت أراضي الدولة والمال العام المملوك للشعب, ويكفي أن يعلم القارئ أن الهيئة ومعظم فروعها لا زالت مستأجرة مباني مقراتها أو الأراضي المقامة عليها رغم إمتلاك الدولة لأراض ومساحات شاسعة.
كما ندعو وسائل الإعلام والأقلام الحرة إلى تحري المصداقية في النشر أو النقل لما فيه إيصال الحقيقة والهيئة مستعدة للتعاون مع الجميع وتزويدهم بكافة المعلومات والوثائق اللازمة..