للسلام اتجـاه واحد
عبدالله علي صبري
يحاول تحالف العدوان عبثا فرض شروط استسلام على بلادنا كي ينتزع بالسياسة ما عجز عن تحقيقه بالقوة المتوحشة، التي توافر لها أحدث وأعتى الأسلحة المدمرة، بالتوازي مع دعم دولي كبير لهذه الحرب الظالمة والبربرية. ولم يعد جديدا القول أن السعودية وهي تتحرك باتجاه استعادة وصايتها على اليمن، استثمرت علاقاتها وأموالها داخل أروقة المنظمات الدولية، التي تعاطت مع حرب السعودية باعتبارها حربا أمريكية يديرها البيت الأبيض وتمولها الرياض.
ولكن بالرغم من هذا كله وعلى مدار عشرين شهرا ، تبدو المملكة عاجزة وفاشلة في إدارة الحرب والحل باليمن، وإذ يعود ولد الشيخ مجددا لبحث تهدئة تسمح باستئناف المفاوضات، فإنه يتغافل أن تحركاته المخادعة لم تعد تنطلي على المواطن اليمني العادي، فما بالك بأعضاء الوفد الوطني الذين خبروا مخاتلات المبعوث الأممي، وكشفوا عن زيف حياديته كوسيط أممي.
لا جرم أن ولد الجيش حريص هذه المرة على تهدئة معركة الحدود التي أقضت مضاجع آل سعود، وفي سبيل هذه الغاية يبدو أكثر مرونة وهو يتحدث عن حلول متكاملة وهدنة شاملة، متأبطاً في نفس الوقت تهديدات مبطنة متعلقة بالورقة الاقتصادية، وموقف المجتمع الدولي من تهديد الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب.
وقبل ولد الشيخ تظن السعودية أن الإجراءات الأخيرة التي أقدمت عليها بخصوص نقل البنك المركزي، وإعادة حكومة المنفى على عدن ومأرب، قد خلقت مناخا مواتياً لفرض شروط الاستسلام على اليمن، لكنها تتغافل أن العالم يرقب تداعيات هذه الحرب، ويرى في صمود الشعب اليمني وانتصارات الجيش واللجان الشعبية في مختلف الجبهات عوامل تساعد اليمن على انتزاع انتصار وشيك إن بالحرب أو بالسياسة.
ويدرك العقلاء في السعودية أن بلادهم لن تكون بمنأى عن عواقب التورط والتمادي في الحرب على اليمن، وان ارتدادات العدوان لن تتوقف عند حد الخسائر السياسية والاقتصادية، ولكنها باتت تقتضم من الحدود الجغرافية لدولة مترامية الأطراف، ساعدتها الإمكانات الدولية وتحالفاتها الدولية على تأمين حدودها لعقود طويلة.
بيد– وهذا المؤسف- أن التحليلات التي تبدو بديهية لكل ذي لب، تتبخر على طاولة الغرور والحمق والزهايمر الذي أصاب آل سعود، فلا نرى لمثل هذه التحليلات الصدى المنطقي في تفاعلات وقرارات الأسرة الحاكمة. وعلى عكس مضامين منهج الفاعل العاقل في التحليل السياسي، يستمرئ آل سعود المضي في الحرب العبثية، إرضاء لنزوات ذاتية، وإمعانا في الغرور والاستكبار الذي لا يرى في اليمن إلا فناء خلفيا لمملكة قرن الشيطان.
مع ذلك وسواء انصاعت المملكة لمنطق العقل والرشاد، أو مضت في غيها وجنونها، فإن الوفد الوطني مسنودا بالمجلس السياسي الأعلى وبالإرادة الشعبية، قد حدد خطوطا عريضة للحل العادل والمعقول، وقد اشتغل على هذه الرؤية بصبر وحنكة، ما جعل المجتمع الدولي أكثر اقتناعاً بصوابيتها وواقعيتها، ومن ثم التعامل معها –وهذا الأهم- باعتبارها حجر الأساس لأي تسوية مقبلة.
وبالطبع، فإن الخوض في هذه التفاصيل لم يعد مقبولا من جانب الوفد الوطني، الذي أكد لولد الشيخ مجددا أن للسلام في اليمن اتجاه واحد، يبدأ بالتوقف التام عن العدوان ورفع الحصار الظالم على شعبنا.. وبعد ذلك لكل حادث حديث!