الراتب حلم جميل أم كابوس بشع
عبدالرحمن علي علي الزبيب
كان جميع موظفي الدولة ينتظرون لموعد تسليم الراتب نهاية كل شهر بشغف وفرحة لتسديد ما عليهم من التزامات مالية من إيجارات ومواصلات ومصاريف واحتياجات متعددة كان الراتب حلم جميل يراود مخيلة جميع الموظفين كم كانت الأيام طويلة إلى حين موعد الراتب ولكن؟
فجأة ودون أي توقع محتمل يتم توقيف صرف المرتبات وتأخيرها وأصبح موعد الراتب كابوس بشع يحل موعد تسديد الالتزامات المالية للموظف ولكن لا يتم تسليم الراتب .
مالك البيت المستأجر يطالب بإيجاره, تجار المواد الغذائية يطالبون بحقوقهم وطابور طويل يطالبون بمستحقاتهم من الموظف والموظف يتخفى يتهرب لكن إلى متى ؟
نأمل أن يجيب المختصين في الدولة على هذا التساؤل متى بالضبط سيتم تسليم الراتب للموظف؟
لا يوجد مبرر منطقي لتأخير الراتب خاصة أن تأخير الراتب جاء بعد إلغاء لكافة المستحقات المالية التكميلية الأخرى للموظف العام من مكافئات وحافز وغيرها من المستحقات القانونية وبعد حصار اقتصادي بري وبحري وجوي فاقم من الاحتياجات الإنسانية وارتفاع أسعار السلع والخدمات في ظل توقف الراتب دون زيادة موازية وبدء الراتب ينكمش حتى اصبح غير قادر على توفير الاحتياجات الضرورية وقام الكثير من الموظفين باستنفاد مخزونهم المالي او قاموا ببيع ممتلكاتهم لمواجهة مصاعب الحياة حتى أصبح جميع الموظفين ((على الحديدة)) منتظرين الراتب لاستمرار بقائهم على قيد الحياة.
نقل البنك المركزي من العاصمة دون ترتيب وتجهيز مسبق سيؤدي الى تحقيق كارثة إنسانية كبيرة .
كنا نعتقد أن الهدف من نقل البنك المركزي هو تحسين وضع الوطن وصرف المرتبات وكافة المستحقات المالية للموظف .
لكن انصدمنا بواقع مؤلم وكابوس بشع وضبابية في الرؤية .
لا يوجد حتى الآن تصريح رسمي بموعد محدد ودقيق لتسليم مرتبات الموظفين .
يستلزم اخراج موضوع الراتب من أي صراعات وتحييده لأنه حق قانوني وأنساني أي مساس به هو جريمة حرب ضد الإنسانية لأنه سيؤدي إلى فقدان الموظفين وعوائلهم لمصدر رزقهم الوحيد .
يستوجب أن يتم اعداد آلية واضحة وشفافة وخالية من الفساد لتغذية البنك المركزي بجميع إيرادات الدولة من جميع محافظات الجمهورية دون استثناء ليتم صرف مرتبات جميع موظفي الدولة في جميع محافظات الجمهورية دون استثناء.
وهذا من المفترض أن يكون واجب وطني يتفق عليه جميع الإطراف الوطنية وان يكون هناك دور ايجابي لمنظومة الأمم المتحدة لتنفيذ آلية تحييد الراتب والإيرادات المالية العامة من جميع الإطراف.
وفي الأخير :
نطالب أصحاب القرار بسرعة إعلان موعد تسليم الراتب لجميع موظفي الدولة حتى يستطيع الموظف على الأقل أن يستوعد المطالبين بمستحقاتهم منه وان يتم من الآن اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستدامة تسليم الراتب للموظف العام في الموعد المحدد دون تأخير باعتبار الراتب حق قانوني وأنساني لا يمكن تأخيره لان تأخيره هو شهادة وفاة للموظف العام وعوائلهم .
ونأمل أن يكون لمنظومة الأمم المتحدة دور ايجابي في تحييد الراتب والموارد المالية العامة من أي حسابات سياسية وان تكون الإيرادات العامة للجميع ويتم منها صرف الراتب للجميع دون تمييز أو استثناء حتى لا يتحول الراتب من حلم جميل إلى كابوس بشع.
* عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الإنسان