هناك فرق
علي محمد قايد
أعتقد أنه قبل ظهور الحزبية في اليمن كان اليمنيون كتلة واحدة وقلباً واحداً وجسداً واحداً، ولو تأملنا في حياة الآباء والأجداد لوجدنا أن حياتهم مختلفة عن حياتنا.. صحيح أنهم لم يجدوا ما وجدناه من توفر المشاريع والخدمات وسبل الحياة الرغيدة والسهلة ولكنهم عاشوا على الفطرة السليمة لم تفرقهم حزبية ولا مذهبية ولا مناطقية ولا طائفية، كان همهم زراعة الأرض والأكل من خيراتها فعاشوا بسلام، لم يكونوا ينتظرون استيراد القمح الامريكي والأسترالي بل كانوا يزرعون ويأكلون .كانت حياتهم رغم بساطتها حياة يملؤها الهدوء والسلام والسكينة، ولكن ماذا عنا نحن؟! تعلمنا وحصلنا على الشهادات وتحزبنا، عشنا الديمقراطية وتوظفنا ووجدنا السياسيين الكبار والمثقفين والأكاديميين والضباط والعسكريين وووووو، ولكن ظهرت في حياتنا الأكاذيب والأنانية والتسلط والظلم والفساد والمحسوبية والعنف والفوضى والتفرقة والصراعات والحروب والتفكك.
تفككنا واختلفنا وتفرقنا فتفكك الوطن الذي يجمعنا والذي عاش عليه أجدادنا القدامى.
الوطن لايعني الأرض والبيوت والعمارات والطريق وووو، الوطن يعني الشعور الجماعي بالوحدة والتآخي والتكافل والوئام والتآلف بين الجميع، والعقلاء هم من يتمسكون بتلك المشاعر ويسعون إلى العمل بروح الفريق الواحد من أجل بناء الوطن وتقدمه وازدهاره، ومن المؤسف أن اليمن بلد يقارب تعداد سكانه الثلاثين مليون نسمة، ولكنهم كغثاء السيل كثرة بدون فائدة، ولو كانوا كالجسد الواحد لكنا دولة مستقرة وآمنة ومتقدمة لا نحتاج لمساعدة الآخرين ولا نذهب لبلاد الغير باحثين عن مصدر الرزق. بلادنا مع الأسف الشديد لم يعرف قيمتها ومكانتها وخيرها لا السياسيون ولا المثقفون ولا العلماء ولا المتعلمون ولا الشباب ولا ولا ولا وكلهم ينطبق عليهم قوله تعالى (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) الجميع يحملون الجنسية اليمنية ويتفاخرون بذلك، لكنهم في وادي والوطن في وادي ولو أخلصوا النوايا وكانت ضمائرهم حية ويعرفون المعنى الحقيقي للانتماء الوطني وكل فرد يؤدي واجبه تجاه وطنه لما صار حالنا هكذا وكما يقولون (يعرفون الفروض ولايؤدون الصلاة ) وصار الوطن والإسلام سواء مجرد شعارات هذا يقول أنا مسلم ويفجر نفسه في المسجد ليقتل المصلين، وهذا يقول أنا يمني وهو يبيع وطنه ويساعد المحتل على احتلال بلاده.
إنها مآسٍ نعيشها وواقع مر نعيشه وأحزان تكاد تقتلنا ووطن يتمزق ويحترق وتشتعل فيه نيران الفتن والجميع صامتون وتائهون وكأنما أغشيت أبصارهم وقلوبهم وعقولهم وصار الوطن عبارة عن أحزاب وجماعات ومشائخ وزعماء عصابات ومن حرق يحرق ومن يحترق الوطن والمواطن البسيط وعلى الدنيا السلام.
ومن هنا يتضح لنا الفرق الكبير ولا ندري إلى متى تستمر الصراعات والمكايدات والمواجهات والحروب، ولا ندري متى يعي الجميع واجباتهم تجاه وطنهم الذي له فضل عليهم وبدونه لا يستطيعون العيش، فمن يبيع وطنه يبيع نفسه وهناك من باعوا الوطن وهم في الحقيقه إنما يبيعون أنفسهم وبأرخص الأثمان