حاوره/ محمد محمد إبراهيم
قال نائب رئيس المجلس السياسي الأعلى الدكتور قاسم لبوزة أن قرار الفار هادي بنقل البنك من العاصمة اليمنية صنعاء، غير قانوني لأنه يخالف قانون البنك المركزي رقم( 14)لسنة 2000م، الذي تنص مادته الرابعة على أن العاصمة صنعاء هي المركز الرئيسي للبنك، إلى جانب تقاطعه مع مصالح الناس ومعيشتهم، مُحملاً الأمم المتحدة المسؤولية لأن البنك مؤسسة سيادية مدعومة دوليا، وأن نقلها يعني تقديم موارد البلد النقدية للقاعدة وداعش على طبق من ذهب..
وأوضح لبوزة في حوار صحفي لـ “الثورة” أن خطوات المجلس السياسي لترتيب الوضع الداخلي ومواجهة العدوان لا تعني إغلاق باب الحوار إذا ما توفرت نوايا الطرف المعتدي تجاه السلام، مشيراً إلى أن كل القضايا قابلة للنقاش والحوار عدا المساس بالوطن وسيادته واستقلاله ووحدته ومصالح الناس.. متطرقاً إلى مختلف القضايا والملفات المتصلة بجهود المجلس وملامح وعتبات المرحلة الراهنة، والأولويات التي يقف المجلس أمامها، وكذلك التحديات التي تكتنف الوضع المعيشي للناس والمعالجات اللازمة لها.. وكذلك قضايا مستجد المسار السياسي والعسكري الميداني الكفيل بحشد الجهود في مواجهة العدوان، وغيرها من القضايا… إلى التفاصيل:
* اتفاق المؤتمر الشعبي العام، وأنصار الله على تشكيل المجلس السياسي الأعلى كان ملمحا مهما عزز جبهة المواجهة للعدوان سياسيا وعسكريا.. برأيك كيف انعكس ذلك على الفضاء العام المقاوم للعدوان.. وعلى مفاوضات الحل السياسي.. ؟
– الاتفاق على تشكيل مجلس سياسي أعلى.. يأتي امتدادا للجهود والأدوار الوطنية المشتركة لأنصار الله وحلفائهم والمؤتمر الشعبي العام وحلفائه في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ اليمن وتوجت بالاتفاق التاريخي في هذه المرحلة شديدة الحساسية من مراحل صراع اليمن مع قوى التبعية والهيمنة ومواجهة الغزو والاحتلال والمؤامرة على اليمن وشعبه والتي تستهدف كل كيان اليمن ومقوماته ومكتسباته وتراثه الإنساني والوطني والسياسي والاجتماعي ..
لهذا فإن هذا الاتفاق السياسي الوطني الاستراتيجي جاء لضرورة توحيد الجبهة الداخلية وللخروج من واقع البلد الصعب الذي فرضه العدوان، لا سيما بعد وجود مؤشرات خطيرة جدا تؤكد أن العدو متجه لإبقاء الأزمة تحت سيطرته.
وتتعزز أهمية الاتفاق التاريخي بخروج الجماهير اليمنية مؤيدة له بطوفان بشري لم يشهد له اليمن والمنطقة مثيلا من قبل وهو الأمر الذي مثل مفاجأة لم تكن في حسبان العدوان حيث كان ينتظر بعد عام ونصف من العدوان وإمعانه في القتل والتدمير تصدع الجبهة الداخلية- لكن خابت حساباته فبدا مرتبكاً، ومصدوماً كما لو انه فقد أوراقه دفعة واحدة.
* في هكذا ظرف بالغ الحساسية.. ماهي أولويات المجلس السياسي الأعلى؟
– نحرص على تجسيد الشراكة الوطنية بين كل أبناء اليمن الواحد بلا استثناء.. كي نكون جميعاً شركاء في مواجهة العدوان السعودي الغاشم على بلادنا وشركاء في اتخاذ القرار وفي التنفيذ وفي مكافحة الفساد ..
والعمل المستمر على مضاعفة الجهود وحشد كل الطاقات المجتمعية والنخب لتمتين الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان الغاشم الذي تخلى عن كل القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية وهو ينتهك بآلة حربه وإعلامه المظلل حقوق شعبنا اليمني الأصيل..
كما نعمل وبشكل دؤوب على تخفيف المعاناة عن شعبنا من خلال لجان شكلها المجلس السياسي الأعلى من خبراء ومتخصصين من الوزارات والجهات المعنية أعدت مصفوفات عاجلة تم بلورتها إلى حزمة من القرارات والإصلاحات الاقتصادية والمالية وفي مجال الخدمة العامة.. بهدف تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين الذين تضرروا بشكل بالغ جراء العدوان والحصار الذي تجاوز كل القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية ..
أيضا نركز على تطوير الجوانب المؤسسية قطاعات الدولة المختلفة وصولا إلى أداء إداري أفضل عبر الاهتمام بجوانب الموارد البشرية من خلال تعزيز جوانب التدريب والتأهيل لقيادات الدولة عبر المعهد الوطني للعلوم الإدارية التابع للخدمة المدنية.. وإيجاد معالجات كفيلة بإصلاحات الوظيفة العامة بحسب القوانين والاستراتيجيات المقرة.
إجمالا استطيع التأكيد على أن المجلس السياسي الأعلى منذ البداية ركز على إدارة المعركة السياسية وجبهة الحفاظ على استقرار اليمن من الداخل ومواجهة استحقاقات المرحلة وفي طليعتها مواجهة العدوان وتشكيل حكومة وطنية نزيهة وكفؤة تعمل على تحقيق الآمال والطموحات التي ينشدها كل وطني حر وشريف.
* في النقطة الأهم.. وهي الحل السياسي.. ولد الشيخ التقى الوفد الوطني مؤخرا في عُمان.. هل ترون أن السلام بات قريبا.. ؟
– حتى اللحظة لم تسلم للوفد الوطني مقترحات أو أفكار بشكل رسمي من الأمم المتحدة، لان الحوار يجري تحت مظلتها وليس أي طرف آخر، وحين تسلم المقترحات رسميا ومكتوبة سيتم مناقشتها والرد عليها .
وبالنسبة لنا يبقى خيار السلام الشامل والعادل هو الخيار الوحيد الذي ننشده ومن المهم أن يكون مرتكزا لحوار أو مفاوضات تفضي إلى وقف هذه الحرب العدوانية الظالمة ضد بلادنا ورفع الحصار الجائر الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً .
وعلى الدوام نجدد تمسكنا بالحوار مع كل القوى السياسية والحزبية سواء في الداخل أو الخارج،فلا بد أن نقبل ببعض على قاعدة الشراكة الحقيقية التي تعظم مصلحة الوطن العليا وتراعي حقوق الجميع.
لأننا نعي تماما وبوعي كبير أن الحوار يبقى القيمة المثلى والحضارية لإذابة الخلافات وتقريب وجهات النظر وصولا إلى حل الإشكاليات أو الخلافات مهما كانت حدتها ..
لكن مع التأكيد على أن يكون حوارا لا تسبقه أو يتضمن شروطا مسبقة واملاءات تنبني على أساس فرض قناعات ومواقف استعلائية من أعداء اليمن لأن هذا المنحى يتنافى وقواعد الحوار ومفهومه الخلاق الذي يهدف إلى التوافق وتعظيم القواسم المشتركة وحل الخلافات بوعي مسؤول يغلب المصلحة العامة وبدون ذلك سيتحول الحوار من وسيلة للتفاهم إلى وسيلة لتعميق الخلاف.
في كل الأحوال يبقى الحوار والسلام خيارنا الأول وسنعمل جاهدين على تكريس هذه القيمة الأخلاقية دوما..لأن كل القضايا قابلة للنقاش والحوار عدا المساس بالوطن وسيادته واستقلاله ووحدته ومصالح الناس لأن هذه العناوين تبقى خطوطاً حمراء لا مساومة حولها أو تفريط بها.
السلام ومبادرة كيري
* لكن .. د.قاسم.. ما هو الموقف من مبادرة كيري التي عرضت على الوفد الوطني مؤخرا في مسقط من قبل ولد الشيخ ؟
– المجلس السياسي الأعلى رحب بما جاء في البيان الصحفي الصادر عن رئاسة مجلس الأمن الدولي في التاسع من سبتمبر / أيلول 2016. وأكد في بيان صادر عنه موافقته على التفاعل البناء والايجابي مع الأمم المتحدة حول ما تضمنه البيان.
لكن في المقابل مادام هناك استمرارية للعدوان والحصار وتعنت من الأطراف الأخرى فإن خطوات المجلس السياسي الأعلى تأتي في إطار ترتيب الوضع الداخلي للبلد لمواجهة العدوان والحصار مع بقاء باب الحوار مفتوحا حال وجدت أي نوايا جادة من الأطراف الأخرى.
كما نؤكد بأنه وبعد وقف إطلاق النار الشامل والدائم والكامل بما في ذلك وقف الطلعات الجوية ورفع الحصار المفروض على بلادنا فإننا على استعداد لمناقشة تفاصيل مبادرة كيري في الوقت والمكان اللذين يتم الاتفاق عليهما.
كما نطالب الأمم المتحدة بتأمين عودة الوفد الوطني من مسقط إلى صنعاء للتشاور حول التعامل مع بيان مجلس الأمن وتفاصيل مبادرة كيري.
وأن تعمل الأمم المتحدة على إلغاء الحظر الجوي على رحلات الطيران المدني لتخفيف معاناة آلاف المواطنين اليمنيين العالقين في مطارات العالم وكذلك الجرحى والمرضى الذين تستدعي حالاتهم السفر للخارج لتلقي العلاج.
* هل يمكن القول وفقا للمعطيات الجديدة التي تصلكم من الوفد الوطني أن هناك انفراجة قريبة تضع حدا لهذا العدوان الغاشم .. ؟
– الواضح والجلي أن العدوان قد تجاوز كل الحدود واستغرق الوقت الطويل وهذا يضع النظام السعودي في مربع الحرج الأخلاقي والإنساني الذي يمعن في ارتكابه المجازر اليومية بحق الشعب اليمني والتدمير الممنهج لمقدراته.. كما أن صمت العالم الذي يتغنى بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان بات وصمة عار في جبين الإنسانية وهو يعيش حالة انفصام أخلاقي غير مسبوقة وهو يتفرج على جرائم الحرب التي تطال اليمنيين ويعطيها كتفا باردة في الوقت الذي ينبغي فيه أن يعيد بوصلة اهتمامه ويتعاطى مع المظلمة اليمنية من منطلق المبادئ التي دوما ما يطرحها تجاه القضايا المشابهة دون تلكؤ والاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها .
رغم ذلك نحن حريصون على التقاط النوايا الدولية لإيجاد السلام ، وكما قلت سابقاً لن ندخر جهدا لالتقاط أي فرصة تفضي إلى وقف شامل للعدوان ورفع المعاناة عن شعبنا اليمني الحر الأبي .
المصالحة الوطنية والعفو العام
* حديثكم لموقع العربي مؤخراً عن عفو عام سيصدر قريبا.. هل يعني هذا أنكم جاهزون لمصالحة وطنية شاملة .. ؟
– قرار العفو العام، الذي سيصدر قريبا يأتي على طريق مصالحة وطنية شاملة”يشمل الكلّ، ولا يستثني إلّا من تورّطوا في جلب العدوان،ومن ارتكب أعمالا إرهابية، ونهب وسلب الممتلكات العامة والخاصة، وانتهك الأعراض ، وقتل اليمنيّين”، لأنه “ليس من طبعنا الحقد والكراهية، وها نحن نستعدّ لإعلان قرار العفو العام، ونحن في موقع قوّة”.
ومن هنا نكرر دعوتنا لكل المغرر بهم من القوى السياسية والحزبية والعسكرية العودة الى جادة الصواب وتحكيم العقل .. ونؤكد لهم أن أيدينا ممدودة للسلام تجاه كل المغرر بهم ممن سيعود الى رشده ويتراجع عن غيه ولنتجه جميعا الى فتح صفحة جديدة تتأسس على التسامح والحوار والقبول بالآخر والشراكة الحقيقية التي ترفض الاستئثار بالسلطة وتعزز أواصر الوحدة ونبذ الفرقة والتشرذم والشتات والتناحر والصراعات.
و “المجلس السياسي، ومنذ إعلانه في 28 يوليو الماضي، لم يكن موجّهاً ضدّ أحد، بقدر ما كان إنشاؤه لصيانة مؤسّسات البلد ولملمة جراح الداخل، ومواجهة أخطار الخارج”، وإنشاؤه جاء استجابة لرغبة جماهيرية عارمة للشعب اليمنيّ، من كلّ أنحاء اليمن”. كما نناشد “الجيران والأشقّاء والأصدقاء في المجتمع الدوليّ تقدير معاناة وظروف الشعب اليمنيّ، جرّاء العدوان والحصار منذ18 شهرا ماضية.
وأدعو الجميع إلى “التّرفع عن الصغائر، ونزعات الحقد والكراهية بين اليمنيّين”، كما أن على وسائل الإعلام العمل على بثّ روح التسامح والأخوّة ورصّ الصفوف، وإعلاء القيم الوطنية الوحدوية.
* مقاطعا ..وما الذي يمنع مصالحات داخلية ثنائية..لوقف المواجهات في الداخل ؟
– نحن في المجلس السياسي حرصنا على تقديم أكثر من دعوة للتصالح تشمل حتى المغرر بهم من المقاتلين في صفوف العدو والدليل ما سنصدره قريبا من عفو عام والى جانب ذلك سنشكل لجاناً مختصة بقضية المصالحات..حرصا منا على منحهم فرصة للعودة إلى جادة الصواب وتحكيم العقل .. كما نشجع على التفاهمات الثنائية وصولا إلى الأمن والاستقرار الداخلي في المناطق التي تشهد مواجهات ..غير ان الجواب من عنوانه كما يقول المثل ونحن نلاحظ جميعا أنهم مسلوبو القرار ..وقرارهم ليس نابعا منهم بل من أولياء نعمتهم الذين هم الأعداء للأسف الشديد.
محاولات شق الصف
* لكن هناك أصوات ترتفع بين الحين والآخر محاولة شق الصف بين المؤتمر وأنصار الله..ألا تخشون من هكذا أصوات قد تؤثر على وحدة الجبهة الداخلية المناهضة للعدوان؟
– الاتفاق بين أنصار الله وحلفائهم والمؤتمر الشعبي العام وحلفائه يحظى بدعم ومساندة كبيرة من قيادة المكونين السياسيين والاتفاق يعبر عن إرادة وتطلعات الشعب اليمني بوجود قيادة وطنية تدير شؤون الوطن وتحقق مصالح المواطنين وتواجه العدوان وتعمل على معالجة آثاره ونتائجه..وهذا يجعله اتفاقا قويا ومتماسكا كما انه دحض كل مزاعم وافتراءات العدوان وإعلامه المأجور ووضع حدا لأي محاولات تستهدف شق الصف الوطني والجبهة الداخلية، ويعزز من صمود الجيش واللجان الشعبية وأبناء الشعب اليمني.. ولعل ما حققته اليمن من انتصارات سياسية وعسكرية وأمنية داخلية حتى اليوم أهم دليل على تماسك الجبهة الداخلية ويقظة الجيش واللجان الشعبية..وبالتالي لا قيمة لتلك الأصوات النشاز التي تحاول شق الصف الوطني المقاوم للعدوان.. ولان أبناء الشعب اليمني باتوا يدركون أن العدوان يسعى لتدمير الشعب اليمني وإذلاله وامتهانه.. ولا يريد وقف عدوانه وصلفه.
* أليست لديكم مخاوف قبل استئناف المفاوضات من مساعي دول العدوان لمواصلة الخروقات العسكرية، تحت لافتة التهدئة التي قد تكون مصحوبة بخروقات تستهدف الجبهة الداخلية لكسب نقاط قد تفيد العدو في المفاوضات؟
– هي ليست مخاوف بل هي واقع تعودنا عليه، وهكذا خروقات تعكس حالة من الهستيريا لدى العدوان جراء الانتصارات التي يحققها الجيش واللجان الشعبية على الأرض.. والأهم من ذلك أن الجبهة الداخلية متماسكة وعصية على أي محاولات عدوانية من شأنها مواصلة الخروقات، بل ومسيّجة بوعي أمني ووطني كبيرين يدرك ما يدور من مخطط تآمري استنفذ كل خياراته الهمجية بالقصف الهستيري على المدنيين في الأحياء السكنية والساحات العامة.. ناهيك عن كون الجيش واللجان الشعبية أكثر يقضة وفي أعلى درجات الجهوزية تجاه أي فعل مباغت, والدليل الانتصارات التي تتحقق في كل جبهات القتال.. ويتجرع العدو فيها مرارة الهزيمة والخسران..
فبعد عام وثمانية أشهر نعي جيدا أن العدوان رغم كل ما بذلت من جهود وتفاهمات قُدمنا فيها منتهى التنازلات وتمخض عنها إعلان وقف إطلاق النار سابقا ومفاوضات الكويت لا يهتم للحلول السياسية بل يمعن وبدم بارد في قتل اليمنيين و لا يلتزم باتفاقيات ولا يحفظ العهود ويتنصل عن التزاماته ويستغل حرص القوى الوطنية على السلام لإلحاق أقصى الضرر بالشعب اليمني فنحن أمام عدو أعماه المال والنفط وأجبرته العمالة على المضي في تنفيذ مخططات أسياده ونقض العهود..لهذا كله نحن على قدر عال من اليقظة والحذر..
المسار السياسي
* هناك تقدم في المسار السياسي.. أين موقع ما يحدث على الأرض سواء في الجبهات الحدودية اوبقية الجبهات داخل الوطن.. من هذا التقدم في المشهد السياسي اليمني ..؟
بكل تأكيد هناك أثر كبير للنجاح الميداني يعكس نفسه على المسار السياسي.. فاشتعال جبهة الحدود وما بعد الحدود والصواريخ الباليستية كلها عوامل مهمة تعجل بالحل السياسي وفق محددات تعزز من صمود الشعب اليمني وتنتصر لسيادته، كما أن انكسارات زحوفات العدو في الجبهة الداخلية خصوصاً في نهم وما جاورها.. واستمرار وتيرة الانتصارات في بقية الجبهات التي يتكبد العدو فيها خسائر فادحة ، يقود العدو إلى الرضوخ إلى الحل السياسي كمخرج له من مأزق المعركة الخاسرة في اليمن .
* تحدثتم عن تشكيل حكومة..مالذي يؤخر هذا الإجراء رغم أهميته في هكذا ظرف؟
– ما يؤخر تشكيل الحكومة هو اختيار الشخصية المناسبة والاتفاق على معايير تشكيل الحكومة .. وهذا بحاجة الى وقت لأننا لا نريد ان نقع في نفس الأخطاء التي رافقت اختيار الحكومات السابقة ..لكننا ماضون في تشكيل الحكومة ولن نلتفت للاملاءات السعودية التي حملها ولد الشيخ للوفد الوطني ضد تشكيل الحكومة والخطوات التي يسمونها أحادية.
وهذا الدور لمبعوث الأمم المتحدة يعكس ضعف دور الأمم المتحدة وسلبية مبعوثها وقد تابعنا ما واجهه الوفد الوطني من عراقيل في التنقل ومنعه من العودة إلى اليمن..رغم أن أي فعل ايجابي من السعودية والمبعوث الأممي تجاه الوفد كنا سنأخذه على انه إشارة ايجابية على حسن نية تمهد لحوار سياسي بناء يوقف العدوان والحصار..
* لكن… ألا تعتقدون أن خطوة تشكيل حكومة قد يعيق مساعي السلام ؟
– أي خطوة نتخذها في اطار ترتيب البيت اليمني من الداخل هي خطوة مدروسة فنحن نعمل بشكل مستمر على كل ما من شأنه تمتين الجبهة الداخلية وتوحيد جهودها..مادام العدوان ماضياً في القتل والتدمير وتذويق اليمنيين فنون المعاناة عبر حصاره الجائر والظالم ، وتشكيل حكومة لن يؤثر ابداً على مسار المفاوضات ، وكما قلت مادام والعدوان مستمراً فمن حق اليمنيين الدفاع عن أنفسهم ومواجهة العدوان بكل الوسائل ..لأن هذه مسئوليتنا تجاه شعبنا الذي خرج الى الميادين مباركا ومؤيدا تشكيل المجلس السياسي..ونحن لن نخذله.
* مقاطعاً- لو سلمنا بأن المسار السياسي الجديد قد يفضي إلى حل.. برأيك هل ستكون اليمن قادرة على مواجهة المنظمات الإرهابية التي عزز العدوان وجودها في مناطق شاسعة ومنحها المال والسلاح..؟
– ما جرى على الساحة اليمنية خصوصا في بعض المحافظات الواقعة تحت الاحتلال الخليجي من انتشار للإرهاب يدل بما لا يدع مجالا للشك أن دول العدوان لا تملك سوى رؤية التدمير الشامل لليمن ومقومات دولته.. وصار من الطبيعي الآن بعد كل هذا الدمار أن تكون الدول الدائرة في فلك العدوان السعودي قد غيّرت أولوياتها، واتجهت نحو دعم مواجهة الإرهاب ووقف العدوان ورفع الحصار الجائر على شعبنا .. لكن للأسف مايجري هو استمرار تدفق المال والسلاح للإرهابيين لتعزيز وجودهم ..وتسليمهم مواقع جديدة . .وفي الوقت الذي تتحدث فيه دول العدوان عن خطر الإرهاب ومواجهته تستمر في قصف المعسكرات ومنشآت المؤسسة العسكرية والأمنية وهذا لاشك يضعف هذه المؤسسة في مواجهة الإرهاب مستقبلا.
* كيف ستواجهون المعضلة الاقتصادية خاصة بعد قرار نقل البنك المركزي إلى عدن كورقة يلعب عليها العدوان بعد فشله عسكريا.. ؟
– بالنسبة للبنك المركزي هناك سياسة تقشفية نتبعها.. وإدارة البنك عملت بشكل مهني وبذلت جهودا جبارة في إيجاد حلول للحفاظ على الحد الأدنى للاستقرار الاقتصادي وبالتالي خطوة هادي نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء قرار عشوائي وارتجالي وينم عن سطحية وعدم مسئولية في التعاطي مع مصالح الناس ومعيشتهم ويؤكد فشل العدوان سياسيا وعسكريا ..كما أنها خطوة فيها صعوبات ومحاذير دولية لأن ذلك يعني تقديم موارد البلد النقدية للقاعدة وداعش على طبق من ذهب.. وتعطيل لوحدات الرقابة المصرفية المحلية والدولية المتخصصة بمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال التي يديرها متخصصون في البنك ولا يمكن نقلها إلى أي مكان آخر بسهولة.. ومن شأن اختراقها أو إيقاف تشغيلها ، إلحاق ضرر كبير بالتعاون الإقليمي و الدولي في هذا المجال الذي يتعلق بحماية الأمن والسلم الدوليين..
كما أن قرار نقل البنك بالأساس غير قانوني لأنه يخالف قانون البنك المركزي رقم( 14)لسنة 2000 حيث تنص المادة(4) من القانون على أن المركز الرئيسي للبنك العاصمة صنعاء وأيضا القرار يخالف المادتين 10 و11 من القانون ذاته بخصوص شروط تعيين مجلس الإدارة لهذا نحمل الأمم المتحدة المسئولية لأن البنك مؤسسة سيادية مدعومة دوليا وليست محل مساومة.
وحول الملف الاقتصادي كما أسلفت سابقا بالتأكيد هو يشكل أحد المرتكزات المحورية في أولويات المجلس السياسي إلى جانب الملف الأمني والعسكري والسياسي.. وفي هذا الاتجاه التقت الحكومة بالقطاع الخاص والغرفة التجارية واتحاد البنوك واتحاد المقاولين والقطاع المصرفي وتم تحديد المسئوليات المشتركة تجاه التحديات التي تواجه الملف الاقتصادي..وتم وضع مصفوفة معالجات تمخض عنها حزمة من الإصلاحات اقرها المجلس السياسي وهي في طريقها إلى التنفيذ.
لكن الوضع الاقتصادي الصعب ليس جديدا بل هو نتاج ممارسات داوم عليها النظام السعودي منذ وقت مبكر بحيث لا يتحقق استقرار في اليمن ، وقد لاحظنا كيف تعامل النظام السعودي حتى بعد المبادة الخليجية فبدلا من أن يدعم الاقتصاد اليمني ليعكس حالة الوفاق التي تحققت بين الفرقاء اليمنيين وتصبح المبادرة نموذجا ، عمد إلى شن عدوانه الغاشم على بلادنا وتفنن في زيادة معاناة اليمنيين عبر إيقاف إيرادات الغاز والنفط عبر حصار المنافذ البرية والبحرية والجوية , لتصل البلد إلى حالة من الشلل الاقتصادي ، وحرمان المرضى من الدواء وتوقف المستشفيات عن أداء الخدمة.
استطالة الأزمة وتفتيت اليمن
* ألا ترون أن تأخر السلام.. قد ينتج عنه تفتيت اليمن ..خصوصا في ظل تسليم المحافظات المحتلة ومنها المحافظات الجنوبية الشرقية للجماعات الإرهابية؟
– ما يجري في عدن والمحافظات الجنوبية الشرقية من ظهور علني للمنظمات الإرهابية عقب فشل الاحتلال الخليجي ومرتزقته في المحافظات المحتلة في تأمين عدن على الأقل يؤكد أن العدوان هو من يقف وراء هذه الجماعات الإرهابية ، وهو الذي مكن القاعدة و داعش في الجنوب ، فكل المناطق التي احتلوها دخلتها القاعدة وداعش، وهذا التوجه يعكس مشروعهم التمزيقي والتفتيتي تجاه اليمن .
لأنه لو كان لديهم مشروع بناء كما يدعون لكانوا جعلوا من عدن نموذجا للأمن والاستقرار وجعلوا منها مشروعاً جاذباً لليمنيين..لكن على العكس من ذلك لم يستطيعوا تامين مساحة قصر الرئاسة هناك..ناهيك عن العمليات الإرهابية اليومية التي طالت الجنود والمدنيين بالجملة ..وهذا دليل كاف على ان مخطط العدوان هو إغراق كل جنوب اليمن في طوفان الإرهاب واستخدامه على نطاق أوسع تجاه كل اليمنيين .
لكن ما اود قوله هو أن الشعب اليمني صار يمتلك وعيا كبيرا بما يخطط له العدوان خصوصا الأوساط الشعبية خاصة في المحافظات الجنوبية ، ويقيني أن أبناء المحافظات الجنوبية قد خبروا دروب تلك المؤامرة رغم انخداعهم بها في البداية ؛ وأصبحوا اليوم أكثر وعيا بخطورتها وهذا ماسيحصن وحدة اليمنيين ماداموا يعون حجم المؤامرة ، صحيح قد يحصل أن تكون هناك مرحلة صعبة جداً حتى يتم إخراج الغزاة والمحتلين ، لكن اليمنيين اكبر من المؤامرة ولن ينجروا إلى هذا التوجه القذر الذي يهدد نسيجهم ولحمتهم.
* بعد 18 شهرا من العدوان.. برأيك ما هي المآلات التي سيواجهها النظام السعودي وهو يخسر أوراقه التي راهن عليها تباعا.. ؟
– النظام السعودي اتكأ على نصائح أذنابه وأسياده من ابناء جلدتنا الذين صوروا له أن العاصفة ستكون خاطفة وستقضي على القوى السياسية والوطنية المقاومة للعدوان وتدمر الجيش اليمني و اللجان الشعبية, واعتقدوا أن الشعب اليمني سيستقبلهم بالورود والزغاريد , لكنهم فوجئوا بصمود وبسالة الشعب اليمني الأبي الذي تكسرت عند صخرة صموده جحافلهم المهزومة , لتتحول عاصفتهم إلى فخ سياسي وعسكري نقل المعركة إلى العمق السعودي ونجح المقاتل اليمني بصلابة عزمه وعدالة قضيته ان يغير المعادلة على الأرض وصارت أذهان العالم مشدودة إلى انتصاراته رغم الفارق الهائل في التسليح وحداثة الآلة العسكرية التي يمتلكها المقاتل السعودي إلا أن كل هذا تبخر عند أقدام المقاتل اليمني وقد شاهد العالم كيف أن دباباتهم ومجنزراتهم ومدرعاتهم الحديثة تفر أمام بندقية المقاتل اليمني من أبناء الجيش واللجان الشعبية.. وكل هذا دونما شك يؤكد عدم صوابية توجههم العدائي تجاه الشعب اليمني وهو ما سيجعلهم يخسرون الكثير والكثير.. ولكم أن تلاحظوا اليوم انه بعد قصف اليمن بحوالي مائتي الف غارة وتدمير ما يقدر بـ90%من البنية التحتية باليمن تحت مزاعم مساعدة اليمنيين ، أصبحت السعودية أمام مجلس الأمن تشكو الأضرار التي تسببها صواريخ يمنية عادية ورد الجيش واللجان الشعبية على تلك الجرائم المنكرة بحق اليمنيين..وهنا يتضح المأزق السعودي بجلاء لكل العالم.
أخيراً
* أخيراً ما الكلمة التي تودون قولها في نهاية هذا الحوار..؟
– نحن أمام مرحلة فارقة، رسمها الاتفاق التاريخي لأنه حمل قدرا كبيراً من التفاؤل والشعور بالانتصار والاعتزاز والفخر في الشارع اليمني الذي يرى في الاتفاق الأمل المنشود.. والانتصار والاعتزاز بالقيمة وبالمعنى وبالانتماء الحضاري لأننا اليوم أمام مسار لمستقبل يرسم الغد بكل قدرة واقتدار.. كما يعبر الاتفاق عن الحكمة اليمانية ليكون حالة تحول وانتقال لليمن وحالة نكوص لدول العدوان.. مخرجاً اليمن من حالة الانهيار إلى حالة من البناء الخلاق كما انه أربك دول العدوان وافقدهم أوراقهم التي كانوا يتباهون بها ويغامرون من خلالها لبلوغ أهدافهم المرسومة في الإستراتيجية الإقليمية والدولية.. ومع ذلك فإننا رغم صمود شعبنا و ما يسطره أبطال الجيش واللجان الشعبية من انتصارات للدفاع عن أرضنا ووطننا والانتقال بالمعركة من أسلوب الدفاع إلى أسلوب الهجوم.. وثقتنا الكبيرة بالنصر المؤزر على قوى الشر والعدوان تبقى أيدينا ممدودة للسلام.. السلام الحقيقي وليس للاستسلام ولن ندير ظهورنا لأي فعل إيجابي ينشد السلام ويفضي إلى وقف العدوان ورفع الحصار الجائر ويحفظ كرامة اليمنيين.