هذه هي اليمن “مهد الديمقراطية”
أحمد يحيى الديلمي
إلى الأخ محمد علي الحوثي :
لم يُصدق أحد الصحفيين العرب ما حدث في القصر الجمهوري ذلك الصباح.
نقلت له المشهد بالتفصيل والأسلوب الديمقراطي الحضاري الذي جسده الأخ محمد علي الحوثي، حين سلم علم اليمن كرمز لانتقال مهام ومسؤوليات الدولة بكل ثقة ورضا تامين منقاداً لإرادة وخيارات الشعب.
مع أنه صحفي مشهور ومن المهتمين بشؤون اليمن يحرص على متابعة كل صغيرة وكبيرة إلا أن عدم تصديقه أستند إلى أمرين :
الأول : السيل الجارف من رسائل الدعاية والتضليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات والصحف المأجورة التي حاولت استهداف الرجل بشكل ممنهج القصد تشويه الثورة الشعبية. كان هذا سبب اندهاش صاحبي ، قاطعني متسائلاً والدهشة ظاهرة في نبرات صوته.
يستحيل أن يتصرف بهذا الأسلوب الحضاري شخص سمعت حتى من ساسة يمنيين أنه وحش كاسر استأثر بكل شيء في البلاد بدعم اللجان الثورية الخاضعة لإرادة وتوجيه السيد عبد الملك الحوثي باعتباره قائد الثورة ، الجميع يؤكدون أن مشهد ولاية الفقيه في إيران يتكرر في اليمن، قاطعته : هذه هي الكارثة يا صاحبي العدو وظف الوفرة المالية لشراء كل شيء ومن ذلك تشكيل ماكنة إعلامية نفثت كل السموم لتزييف الحقائق وشراء الضمائر إلى حد أنه فسر الأمور على هواه ومن ذلك قرارات المنظمة الدولية بما مكنه من إرضاء صلفه وغروره و ترجمة الأحقاد ورغبات الثأر المدفونة في قعر صدور آل سعود ، من هذه الخلفية يشن عدوان إبادة ممنهجاً طال كل شيء في اليمن وتعمد تشويه المسيرة ، وفي المقدمة قيادة الثورة الشعبية من يصفهم بالانقلابيين ، لكن تصرف رئيس اللجنة الثورية بهذا الأسلوب يدعم الأفق الحضاري وأكد أن اليمن مهد الديمقراطية، مع العلم أنه أدار البلاد بحنكة واقتدار في ظروف الحرب الصعبة بالغة التعقيد بسبب توقف الإيرادات والحصار الاقتصادي الجائر المفروض من قبل العدوان السعو أمريكي ، تعالت آهات صاحبي محملة بالمرارة وقال: آه.. آه.. ليت العالم يستوعب ما حدث ويتعاطى مع الواقع بنفس الأفق الحضاري المجسد لإرادة الشعب توقف ثانية وأضاف :
طالما أن هذه الخطوة الحضارية عبرت عن إرادة الشعب اليمني وأن فكرة الانقلابيين سلطة الأمر الواقع توارت تماماً من الواجهة. وحل محلها كيان سياسي نال الثقة والتأييد من مجلس النواب اخر المؤسسات الدستورية المعبرة عن إرادة الشعب. أتمنى من العالم وخاصة دول العالم الحُر قراءة ما حدث في هذا الشعب المظلوم بمسؤولية ومشاعر إنسانية ، واسمح لي من خلالك أوجه الشكر والتقدير لهذا الشاب الذي تصرف بمسؤولية ، وأجدها فرصة لأن أذكر وزير خارجية أمريكا بالتصريح الذي أطلقه في النمسا عقب صدور الإعلان الدستوري كان أهم انتقاد وجهه إلى الحوثيين أنهم ألغوا إلغاء المؤسسة التشريعية ممثلة في مجلس النواب..انتهى كلام صاحبي..
أشكر الأستاذ الصديق لأنه تفاعل مع الأمر وبدأ توظيف موقعه لإيضاح الحقيقة وتصحيح المعلومات المغلوطة التي ترسخت في الأذهان بفعل الضخ الإعلامي المغلوط.
ومن جانبي أصحح معلومة ترسخت في ذهن الصديق العزيز خطأ، فالإعلان الدستوري لم يلغ مجلس النواب لكنه أراد التمهيد لترجمة أحد بنود مخرجات الحوار الوطني ممثلة في تشكيل الغرفة البرلمانية التي تضم مجلسي النواب والشورى ، وإتاحة المجال لمشاركة بقية القوى التي ليس لديها تمثيل في المجلسين وأعطى الأولوية لأعضاء المجلسين وفي المقدمة أعضاء مجلس النواب المنتخبين من الشعب ، إلا أن تسارع الأحداث وإقدام السعودية وأمريكا ومن تحالف معهم على شن العدوان البربري حال دون تنفيذ الفكرة بحذافيرها ، كما خططت له الثورة الشعبية واستندت في ذلك إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وهذا للتوضيح.
أكرر الشكر للأستاذ الصديق العزيز ولكل كاتب عربي حر شريف ينحاز إلى الحقيقة ويدافع عنها مهما كانت المغريات..
والشكر موصول للأخ محمد علي الحوثي، ولكل مناضل يمني شريف حر يسخر وقته وجهده وإمكانياته لمقارعة العدوان لدحره وكسر غروره وكبره وصلفه ، وكم أتمنى من الأخ محمد أن يجري تقييما شاملاً لتجربة اللجان الثورية ليعرف أين نجحت وأين أخفقت ويكون واضحاً وشجاعاً في إعلان نتيجة التقييم بصدق وصراحة ووضوح حتى يضع النقاط على الحروف ويتعاطى بشدة وحزم مع من أخطأ مقابل تكريم من أحسن ، وصولاً إلى تفنيد ودحض أمواج الدعاية المغرضة التي حولت اللجان الثورية إلى شماعة علقت عليها كل الأخطاء والممارسات المغلوطة والتراكمات السلبية التي يعج بها الواقع. لا أعتقد أن رجلاً بشجاعة ونُبل وإقدام الأخ محمد الحوثي سيتردد عن القيام بهذه الخطوة، وأرجو أن يبدأ من مكتبه والمحيطين به وينتهي بأصغر لجنة ثورية في مؤسسات الدولة ومحافظات الجمهورية (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله ) صدق الله العظيم.
* إلى السفير الأسير / أحمد علي عبد الله صالح :
قلبي وقلب كل يمني حُر شريف معك ومع أي يمني أسير في قبضة دول تحالف العدوان ومعك على وجه الخصوص، لأن وضعك تحت الإقامة الجبرية وعدد من أفراد العائلة يتعارض مع أبسط التقاليد الدبلوماسية ناهيك عن أخلاق وقيم ومبادئ العروبة والإسلام وأعراف القبيلة العربية التي تحرم المساس بالرسول أو المبعوث أو الموفد وإن كانت الحرب مستمرة مع الطرف القادم منه ، ناهيك عن القوانين الدولية التي تمنح السفير مكانة خاصة وتوجب على الدولة المضيفة رعايته وتوفير الحماية له ولأسرته حتى في حال انتهت مهمته أو أقاله البلد الموفد منها وفق مرتكزات العرف الدبلوماسي الدولي.
هذا للأسف هو المأزق الذي وقع فيه سعادة السفير حين اعتقد أن الغابات الاسمنتية والأبراج ناطحات السحاب انعكست على ذهنيات ومستويات تفكيرالبشر في هذه الدولة العربية الشقيقة وزاد إيماناً بها استناداً إلى مواقف مؤسس الدولة المرحوم الشيخ زايد تجاه اليمن وتفاخره الدائم بانحداره منها ، لكنه فوجئ أن البداوة النتنة المخترقة لا يزال معشعشاً في العقول وفق النسخة المعدلة المجردة من الأعراف والتقاليد القبلية وما تفرضه من شهامة ونخوة وأخلاق سامية وهذه هي الكارثة، لأنها ستجعل ما حدث من تطور في الجوانب الأخرى مجرد أشياء عابرة معرضة للانهيار في أي لحظة.
نوصيك بمزيد من الصبر ونحن معك ومع كل يمني يقبع في سجون دول العدوان والفرج قريب إن شاء الله، وتذكر دوماً قول الشاعر :
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فُرجت وكنت أظنُها لا تُفرج
فرجُت وعند الله منها المخرج.