إلى فضائياتنا ..قبل ان نعلن وفاة ضمير العالم!!
حمدي دوبلة
لا أحد يستطيع أن يقلل أو يشكك في الدور الجبار الذي لعبه الإعلام الحربي بإمكانياته المتواضعة في التصدي للعدوان وترسانته الإعلامية الهائلة وهو ما يفسر حالة الهستيريا والجنون الذي ينتاب قوى العدوان بين الحين والآخر وتعبر عنه من خلال المسارعة إلى حجب قنواتنا الفضائية والتشويش الدائم عليها.
نجح إعلامنا إلى حد كبير في كشف جرائم وانتهاكات العدوان وفي نقل الصورة على حقيقتها إلى العالم لكني لازلت أرى من وجهة نظري المتواضعة بأن رسالة فضائياتنا عن فظائع العدوان وانتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان في اليمن ظلت محجوبة عن الشعوب في المجتمع الغربي وتحديدا في دول أوروبا وأمريكا وبقيت هذه الرسالة العظيمة محصورة في الدوائر الضيقة للنخب السياسية في تلك البلدان وأسيرة لدى المنظمات الحقوقية في مختلف دول العالم بمافيها المؤسسات الدولية الكبرى ممن يطالها نفوذ وتأثير المال السعودي لتأتي مواقفها من تلك الجرائم صادمة ومعيبة أو خجولة في أحسن الحالات وبحيث لا يتعدى رد فعلها حدود القلق والدعوات المبهمة لما تسميه أطراف النزاع في اليمن إلى تجنب استهداف المدنيين ومرافق الحياة الأساسية والخدمية.. الأمر الذي جعل اليمنيين ومعهم عدد قليل من الشعوب المغلوبة على أمرها يعتقدون جازمين بأن الضمير العالمي قد مات وأن ما يقال عن حقوق الإنسان وقيم المدنية العصرية ليست غير شعارات زائفة يرفعها أصحابها للتكسب والاسترزاق.
أتمنى من مسؤولي قنواتنا الفضائية ووزارة الإعلام ومن المجلس السياسي الأعلى والحكومة الحالية أو المقبلة التعاطي بجدية مع الأمر ومباشرة العمل في وضع الخطط والترتيبات اللازمة للتوجه بخطاب مباشر إلى الشعوب من خلال تخصيص احدى قنواتنا الرسمية التي تتشابه رسائلها ومضامينها للبث باللغة الانجليزية وأن تُكرس برامجها لتوضيح جرائم العدوان في قتل الأطفال وقصف المستشفيات والمدارس والأسواق الشعبية وحفلات الأعراس وقتل الصيادين بدم بارد وهم على قواربهم وبدون سبب واستهداف المنازل والمدن وهدم أحياء سكنية بكاملها على رؤوس الأبرياء وغير تلك من الفظائع.. وكذلك تخصيص ساعة أو ساعتين من البث اليومي لجميع قنواتنا لبرامج بالانجليزية تُبَث على فترات مختلفة تُحدد بالتنسيق بين القنوات وتسلط الضوء على هذه الجرائم وبحيث تكون برامج ميدانية ولقاءات مباشرة مع ذوي الضحايا الأبرياء لشرح معاناتهم وما حل بهم واطلاع شعوب العالم على الحقيقة ووضعها أمام مسؤولياتها الاخلاقية بعيدا عن الحكومات ولوبي المال والمصالح الحقيرة.
نعم منذ وقت مبكر من العدوان السعودي وسؤال كبير يشغل بال اليمنيين ولا يزال يتردد صداه في العقول والنفوس يوميا ومع كل جريمة يقترفها النظام السعودي بحق الأبرياء في هذا البلد.
هل مات ضمير العالم فعلا؟ وهل استطاع المال السعودي أن يجرد الدنيا من هذه القيمة الإنسانية الرفيعة؟
لا أعتقد ذلك أبدا ولو من باب حسن الظن ولكي نُبقي على باب الأمل مفتوحا في صحوة منتَظرَة لضمير الإنسانية الذي يغط في سبات عميق إن لم يكن قد انتقل بالفعل إلى الدار الآخرة تاركا خلفه أجسادا جوفاء لا تدرك في هذه الحياة أي معنى راقٍ غير الركض المحموم وراء الأموال وبريق المصالح المادية المدنسة.
علينا أن نحسن الظن ولا بأس أن نحمل أنفسنا المسؤولية مجددا ونعمل على مخاطبة الشعوب بلسانها حتى لا يكون للعالم علينا حجة بعد ذلك وحتى نكون على يقين راسخ قبل أن نعلن للدنيا بأن الضمير الإنساني قد مات وانتقل إلى الدار الآخرة غير مأسوف عليه.