الانتمـــاء الوطنــي والمصالح الذاتية
د. محمد علي بركات
الأمر الملح في هذه المرحلة من تاريخ اليمن .. هو العمل على إحياء وترسيخ مبدأ الانتماء للوطن .. وغالباً ما يتجاوز هذا المبدأ أي وصف أو ظاهرة تنتشر .. فهو عبارة عن علاقة وطيدة بين الإنسان ووطنه وشكل من أشكال الإيمان الذي فاق حدود الأرض والبشر .. هذا النسيج الإنساني الذي يشكل كياناً واحداً امتزج فيه الإنسـان بالأرض والتاريخ والجذور .. ولعمق هذه العلاقة لا يتردد الإنسان في التضحية بحياته وهي أغلى ما يملك فداء لوطنه بكل رضا وحبور .
وأمام هذه المعاني العظيمة والمشاعر الوطنية يجب تجاوز حدود المصالح الذاتية..ذلك أهم عنصر في منظومة البناء والتطوير والتنمية .. تليه الأمانة في العمل أياً كان والانضباط والجدية .. والأمل والحلم بغدٍ أفضل مهما كانت العوائق والصعوبات..كل ذلك يعتمد على عدد من العوامل والأساسيات .. في مقدمتها وضع رؤية شاملة لمواكبة متطلبات عصر الديمقراطية والحريات..وعصر تكنولوجيا المعلومات..والعمل في هذا الإطار على تحديث المناخ السياسي وترسيخ دولة المؤسسات..ورفع كفاءة الجهاز الإداري للدولة من خلال المزيد من المعرفة والخبرة في شتى المجالات.. ومواكبة منطق العصر والمضي في مسيرة التحديث والتحول في المجالات التنموية والمعرفية .. وتكامل المعالم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية .
وتأتي قضية تطوير التعليم والاهتمام بالبحث العلمي وإدراك الأهمية البالغة للتطوير العلمي والتكنولوجي وإنشاء المزيد من مراكز البحوث العلمية .. على رأس قائمة أولويات متطلبات العصر بالتوازي مع الاهتمام بمحو الأمية .. فالمعرفة هي القوة الحقيقية .. ولكي تكتسب هذه القوة لا بد من بناء مجتمع المعلوماتية .. وتضييق الفجوات المعرفية في المجتمع وتدريبه على الأسلوب الأمثل للتعامل مع المعلومات وتيسير الوصول إليها بحرية .. فقوة المعلومات وتأثيراتها الإيجابية تكمن في مدى انتشارها وتدفقها وارتفاع نسبة الاستفادة منها بين أوساط المجتمع في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
ومن عوامل النجاح وأساسيات التطوير والتنمية إصلاح الأداء الاقتصادي وتوفير الخدمات الضرورية لأبناء الشعب والنهوض بالخدمات الصحية .. بالإضافة إلى تنمية الاستثمار وتشجيعه على مختلف المستويات المحلية والعربية والأجنبية والاستفادة من ثروات الوطن الطبيعية ..
وحفاظاً على الثوابت الوطنية يجب العمل على الارتقاء بمفاهيم الثقافة الوطنية ، وتكريس مضامينها وتأصيلها في السلوك العام والوعي المجتمعي بمختلف السبل والوسائل ، وتعميق القيم الوحدوية وتوثيق أواصر المحبة والتكافل، والحرص على أداء الواجب والشعور بالانتماء ، والعمل الجاد الفاعل في سبيل التطوير والتنمية والبناء.
وفي ظل أجواء الديمقراطية لا بد أن تؤطر الحرية بنطاق المسؤولية ، وأن يستمر البناء الشامل لقواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان وتعزيز هذه الأوضاع بصورة جلية .. وتلك هي القضية.