كليــة الشرطــــة

عقيد / عبدالغني علي الوجيه –
لأن الكلية هي قمة نظامنا الشرطي, وحيث أنها أصبحت قبلة كثير من الشباب, وحتى نصل إلى العدالة الاجتماعية التي نرجوها لشبابنا من منتسبي هيئة الشرطة, أدعوكم لندلو بدلونا حول شروط القبول فيها عل ذلك يفيد صناع القرار وأراها أمانة يجب أن لا نتوانى في طرحها.
سأبدأ بسرد قصة واقعية حقيقية بكل تفاصيلها فقط أستأذنكم إبدال الأسماء الحقيقية لأبطال قصتنا بالأسماء ( زيد ) ( زياد ) و ( عمرو ) وألفت عنايتكم قرائنا الكرام إلى أن كل اسم منهم يمثل مجموعة كبيرة من الأشخاص في واقع الأمر.
بينما كان عمرو طفلاٍ يافعاٍ في الصف السادس الابتدائي في العام 2000م كان زيد وزياد شابان يافعان تخرجا من الثانوية العامة وتقدما بطلب الالتحاق بكلية الشرطة واجتازا كل اختبارات القبول من لياقةُ بدنية وفحص طبي وامتحانات تحريرية واجتازا بنجاح هيئة القبول تم قبول العدد المحدد منهم بكلية الشرطة وكان زياد أحدهم ونظرا لأن عدد مقاعد الدراسة في الكلية محدود فقد تم تحويل زيد وبقية زملائه إلى مدرسة تدريب أفراد الشرطة .
مرت الأيام وتخرج زيد من مدرسة تدريب أفراد الشرطة برتبة رقيب ( فئة صف ضابط ( وتم توزيعه ضمن الدفعة الأولى لشرطة الدوريات الراجلة وكذلك توزع بقية زملائه في المرور والشرطة السياحية والبحث الجنائي ومصلحة السجون وبقية إدارات ووحدات الشرطة الأخرى وبدأوا عملهم الميداني الجاد كل في مجاله وأثبتوا نجاحاٍ لم يسبق لمن قبلهم في مختلف مشارب أعمالهم ولأني حينها كنت قائداٍ للشرطة الراجلة فقد لمست عن قرب معاناتهم حيث كان الناس في شهر رمضان المبارك يجتمعون على موائد إفطارهم وضباط الصف أولئك يتناولون وجباتهم السفري في أماكن خدماتهم في الشوارع والأحياء وكذلك كان الناس بعد صلاة الفجر إلى أسرة نومهم وضباط الصف في أماكن خدماتهم حتى الحادية عشرة ظهراٍ وهكذا لم تكن لهم عطلاتها أسبوعية ولا إجازات أعياد لأن تلك المناسبات التي يستمتع فيها موظفو بقية أجهزة الدولة المدنية الأخرى خروجهم مع أسرهم وأطفالهم للحدائق والمتنزهات يكون على الشرطة حماية تلك الحدائق والمتنزهات وتأمين خطوط سيرهم إليها إلى آخر ما تعرفونه من واجبات يقوم بها رجال الشرطة لا تتحدث عنها كثيراٍ وسائل الإعلام التي تمتلئ صفحاتها بما ترصده من أخطاء أو تجاوز من بعض أولئك الشرطة زياد تخرج من الكلية بعد أربع سنوات ضابطاٍ برتبة الملازم وجاء يشارك زملاء الدراسة (زيد والآخرين) العمل الميداني مع فارق إنه ضابط وعمله قيادي عمرو كان حينها طالباٍ في الصف الأول الثانوي مضت السنون حتى جاء العام الذي تخرج فيه عمرو من الثانوية العامة وتقدم لكلية الشرطة التي درس فيها حتى تخرج منها في العام 2011م ضابطاٍ برتبة الملازم وتم توزيعهم للعمل الميداني قادة لأولئك الخريجين من مدرسة تدريب أفراد الشرطة الذين تتوقف ترقياتهم عند رتبة المساعد أول إلى أبد الآبدين.
إلى هنا تنتهي قصتنا ومعلوم تفاصيل ختامها زيد وزملاؤه سيبقون في فئة ضباط الصف لبقية أعمارهم, زياد أصبح ضابطاٍ برتبة نقيب وينتظر رتبة الرائد وما بعدها عمرو أصبح قائداٍ (لمن استحقوا دخول الكلية واستوفوا شروطها حين كان طفلاٍ في الصف السادس الابتدائي) وسيبدأ ارتقاء سلم الترقيات .
لست بحاجة لأن أفصل نتائج هذا الخلل الإداري نتيجة استمرار كلية الشرطة قبول المدنيين من خريجي الثانوية العامة بينما نشترط فيمن يتقدمون لمدرسة تدريب أفراد الشرطة والمركز التدريبي بذمار نفس شروط القبول لكلية الشرطة!!
ولأن الكلية هي رأس هرم النظام الشرطي ومعقل قيادات الشرطة الذين يتوقف على أدائهم نجاح خطط الشرطة أو فشلها رأيت ومن واقع خبرتي الميدانية لمدة ستة وعشرون عاماٍ عملت خلالها مدرساٍ بكلية الشرطة وقائداٍ للفروسية فيها وحتى عملي لأحد عشر عاماٍ قائداٍ لشرطة الدوريات الراجلة أن أضع تصوري لما يمكن أن نطور به نظام القبول لكلية الشرطة عله يفيد فيما يرفع إلى معالي وزير الداخلية والأخوة في المجلس الأعلى للشرطة من مقترحات فرأيت أن نشترط في المتقدم الشروط الآتية :
1- أن يكون من خريجي مدرسة الشرطة أو المركز التدريبي بذمار وبتقدير لا يقل عن جيد جداٍ .
2- أن يكون قد خدم بعد تخرجه مدة لا تقل عن عامين على أن لا يقل تقديره في تقرير مستوى الكفاءة السنوي عن جيد جداٍ في كل سنة من سنوات العمل.
هكذا نضمن أن يكون المتقدم لكلية الشرطة مؤهلاٍ علمياٍ وبدنياٍ ونتفادى حالات الرسوب التي تكررت في السنوات المتأخرة ووصلت إلى أعداد مهولة ثم أن التدريبات أن التدريبات التي يتلقاها طالب الكلية في السنتين الأولى والثانية من حركة نظامية وغيرها يكون الطالب قد تلقاها في المدرسة والمركز التدريبي ويمكن الاستعاضة عنها بتجديد منهج الكلية الذي هو بحاجة ماسة إلى تطويره ليواكب كل جديد في علوم الشرطة وعلوم مكافحة الجريمة وغيرها من علوم الأمن والشرطة وكذلك فإن طالب الكلية في فترة دراسته يستطيع مناقشة المدرسين لمناهج الكلية وفق الواقع الذي عاشه خلال سنوات التطبيق بعد تخرجه من المدرسة خلافاٍ لما يحدث الآن من دراسات نظرية يتفاجأ خريج الكلية بأن بعضها كان بعيداٍ عن الواقع والحياة العملية وقبل كل ذلك نضمن عدالة بين منتسبي هيئة الشرطة من خريجي مدرسة تدريب أفراد الشرطة والمركز التدريبي وممن بذلوا جهودهم في الميدان ونضمن من خلال اشتراط تقدير جيد جداٍ أن لا يصل إلى الكلية إلا المؤهلون لمناهجها وحتى يكون التنافس بالتحصيل العلمي والتدريب الميداني هو البديل عن الوساطات التي تضع شخصاٍ غير مؤهل مكان آخر أكثر استحقاقاٍ.
همسة أمنية :

قد يعجبك ايضا