اليمن في مواجهة زعماء الفوضى..

جمال حسن


 - لطالما أصبح استخدام مفردة اليمن مثقلة بمئات المعاني غير المحتملة التأويل. يقول الكاتب الروسي في رواية آنا كارنينا أن الشعب مفردة غامضة. فيما كان الحديث
جمال حسن –

لطالما أصبح استخدام مفردة اليمن مثقلة بمئات المعاني غير المحتملة التأويل. يقول الكاتب الروسي في رواية آنا كارنينا أن الشعب مفردة غامضة. فيما كان الحديث يدور حول المتطوعين الروس الذاهبين إلى الصرب لمحاربة الأتراك.
كان تولستوي يتهكم ضد الحرب. وفي الآونة الأخيرة كثيرا ما تلجأ أطراف سياسية إلى مفردة الشعب حتى أنه يتم اختصارها في تجمعات محددة. يمكن لآلاف الخروج مشكلين حشود جماهيرية ثم تقوم قنوات إعلامية بالتركيز على الصورة باعتبارها الشعب وممثلين للصورة تحتفي بهم شاشات التلفاز. كثيرون منا واجه معتوهين كذلك في جلسات قات مستعدين لاخراس من يخالف آرائهم باعتبار أن ما يقولوه هو الشعب..
لكن من هو الشعب¿ كيف يمكن تعريفه¿ قبل فترة كان مجموعة زملاء ينتقدون عدم إصدار قرارات إقالة قيادات الجيش. هكذا نبدو اليمنيين متعجلين لكننا نخذل اللحظات المناسبة للتغيير. حينها أكد أولئك أن الشعب سيساند تلك القرارات. من الناحية المعنوية هناك دعم كبير للقرارات بعد صدورها لكنه دعم غير ملموس. اليمنيون يفتقدون إحساسهم العام بمصالحهم. ذات يوم علق أمريكي بسخرية سطحية لم أحبها حول المشائخ باعتبارهم الوحيدين في اليمن الذين يفكرون بالمستقبل. يقصد تأمين مستقبل نفوذهم والعمل على ذلك. غير أن الجانب الحقيقي في سلبية المجتمع هو ما تكشفه الأحداث. فبعد قرارات الغى فيها الرئيس هادي الفرقة والحرس الجمهوري ظهرت موجة ارتياح عامة لكن الناس لم يذهبوا لتأييد تلك القرارات. تفرغت الساحة السياسية لأطراف منظمة قادرة على حشد جمهور تحاول من خلالهم امتلاك مفردة الشعب. مع ذلك يكمن نجاح هادي انه لم يرضخ في كثير من خطواته لمستغلي ذلك الامتلاك الوهمي أي تيارات سياسية قادرة على الحشد وخلق دعم وهمي.
لدى المجتمع ظروفه لكننا غالينا كثيرا في التعامل مع سياسة الرئيس الانتقالي. فهو مطالب بالكثير جدا رغم فترته المحدودة. الرئيس هادي حسب توصيف أحببته يحاول اليوم استعادة شكل الدولة. استعادة الوجه الذي استبيح طيلة السنوات الماضية. وهذا بحد ذاته يشكل مصلحة الأكثرية من الناس. دعوني لا أوظف المفردة الغامضة أي الشعب.
في هذا الظرف الصعب والصاخب لماذا لا يتكون وعي يمني مساند لاستعادة مشروع الدولة حيث يمثل مصالح اغلبية ساحقة بينما يشكل في الوقت نفسه خطرا على مصالح أقلية متنفذة من المشائخ ورجال الدين وزعماء الميليشيات إضافة للمرتبطين بلاعبين خارجيين.. فاشكال النفوذ المرهونة للاعب الخارجي حتى تلك التي تحاول أن تتخذ شكل مقاوم لما نسميه استعادة ارض يمنية ليست إلا فجوة يتفوق فيها اللاعب الخارجي نفسه وليس المشروع اليمني. هكذا تكون اليمن متاحة بصورة أو بأخرى لهذا اللاعب الموقن لمجموعة مصالحه والتي تحددها مع الوقت رهانات مضادة لمشروع استعادة الدولة الذي يمثله اليوم عبدربه منصور.
الجانب المأساوي أن اليمني يتغرب عن مصالحه. وبسبب شحة الفرص تلك المتاحة وحتى الرؤية العاتمة فإنه فقد الإيمان بمصلحته واستعاض عنها بما يجني من فوائد ضيقة. ربما تتماشى مقولة الامريكي المتهكم مع هذا الحس العام بصورة سطحية لكن ما يحدث أن النخب تمارس حرص على مصالحها الخاصة بدون استراتيجية أيضا. فهي نخب تتعامل مع مصالحها الاعتيادية وليس لديها استعداد اليوم على فهم التغيرات الكبرى الحاصلة في المجتمع. أي ان زاوية رؤيتها مستعد لانتاج حالة يمنية مرعبة ومخربة. فالمصالح التي تضخمت في عهد صالح لم تغير الكثير سواء في ادراك تلك القوى للوضع العام أو في حاجة طارئة لتغير من اسلوبها حتى تستفيد من تراكم الثروة والنفوذ لتعزيز وجودها وليس لتشكيل خراب عام. ثمة اشكالية عامة في الخيال.
واذا تتبعنا الوقائع العامة فإن الطرف السياسي الوحيد الذي يملك استراتيجية لشكل الدولة سيكون الرئيس الانتقالي. لماذا ذلك¿ هناك الكثير من الاجابات. غير أنه يشكل اليوم الهاجس الأخطر لزعماء الميليشيات واصحاب النفوذ التقليدي. فقراراته لم تعجب زعماء الاصلاح وكذلك الحال بالنسبة للحوثيين. الذي يحاول تغذية وجوده من خلال بقاء عدوه الواضح وليس رحيله. مع ذلك هناك فهم قاصر لكل تلك الاطراف السياسية بأنه إما يمن يستعيد جسد دولته أو يمن مخلخل ومريض ومفتت تتنازعه ميليشيات واشكال عصابات ورجال نفوذ على طريقة زعماء المسلحين. واليوم لم يعد لرجال نفوذ كعلي محسن أو احمد علي أي مستقبل شرعي داخل الدولة مهما تحاول غطاءات سياسية فرضهما إلا كزعماء ميليشيات إذا ارادا فرض ذاتهما على التغيير.
ذلك مجرد افتراض. غير أن اشكال الغباء التي تسيطر على افكار الب

قد يعجبك ايضا