فساد الأمطار في اليمن بحاجة إلى تصحيح
عبدالرحمن علي الزبيب
شهد وطني الحبيب اليمن السعيد صبيحة يوم الأحد الموافق31/7/2016م أمطارغزيرة شملت جميع محافظات اليمن كانت وما زالت الأمطار هي نعمة؛ لأنها تسقي وتروي الأرض العطشى والبشر الضمأى، قد يستغرب البعض من عنوان مقالي فساد الأمطار في اليمن، باعتبار الأمطار كما هو متعارف عليه هو نعمة، واستبشر الجميع بهطولها، وتساءل: هل هي دموع فرح بانفراجة أمل، أم ألم؟
ولكن؟
صاحب هطول الأمطار الغزيرة مظاهر سلبية وفي مقدمتها سوء التعامل مع الأمطار، مما سبب تحويل الأمطار من نعمة إلى نقمة، ويرجع أسباب ذلك إلى فساد مشاريع التعامل مع الأمطار التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية، وعلى سبيل المثال لا الحصر سوء التخطيط والتنفيذ للسائلة في العاصمة صنعاء، وفي المحافظات الأخرى التي تم فيها إنشاء سائلة لتصريف مياه الأمطار.
بالإضافة إلى فساد مشاريع قنوات تصريف مياه الأمطار، والذي كان من المفترض أن يتم التخطيط الجيد والشامل لتلك المشاريع للاستفادة القصوى من مياه الأمطار؛ لتغذية خزانات المياه الجوفية وآبار المياه وأيضاً توزيع المياه بشكل علمي ومدروس لسقاية الأراضي الزراعية بالمياه، وتصريف المياه وإخراجها من المدن السكنية والقرى الآهلة بالسكان إلى خارجها؛ لكي لا تشكل برك ومستنقعات داخل المدن تكون أداة جذب للحشرات الضارة وتعفنها، بالإضافة إلى خطورة انهيار المباني السكنية؛ نتيجة احتقان المياه داخل المدن، والتسبب بطوفان مياه يجرف المباني والمنشآت والسيارات ليدمرها بسبب التعامل السيء مع نعمة الأمطار .
من المفترض أن يتم إعادة النظر في آليات التعامل مع مياه الأمطار بمنظومة متكاملة تبدأ بدراسة أماكن تجميع المياه ومرورها واحتجازها وتصريفها بعيداً عن الإجراءات الترقيعية التي تمت في الماضي.
ومن أبجديات التعامل مع الأمطار هو إيجاد منافذ تجميع ومرور وتصريف للمياه خارج المدن، فمن غير المعقول أن يتم تجميع مياه الأمطار من الضواحي والجبال المحيطة بها إلى وسط صنعاء وفي عدن فيما تسمى السايلة والتي تفيض في أغلب الأحيان ويذهب ضحية ذلك عدداً كبيراً من البشر والمباني والمنشآت، وبالمثل جميع المدن الأخرى في اليمن، بالإضافة إلى أن السائلة حالياً بوضعها الحالي هي أداة تجفيف لمياه الآبار وأحواض المياه الجوفية؛ كونه لم يتم إنشاء مناهل لحقن المياه إلى جوف الأرض لرفع مستوى المياه الجوفية، والذي كما قيل لنا إنه تم وقف مشروع المناهل، وهو قرار خاطئ يستوجب تلافيه، حيث تم رصف السائلة بالأحجار وأصبح مرور المياه منها دون أي فائدة، ومن المفترض أن يتم سرعة إنشاء حفر عميقة وآمنة ومناهل بطرق هندسية علمية لحقن مياه الأمطار إلى جوف الأرض.
يستلزم أيضاً أن يكون هناك آلية لمنع تدفق المياه إلى المدن، وأن يتم احتجاز وإيجاد قنوات متعددة لمرور وتصريف مياه الأمطار خارج المدن، ومعالجة الأمطار داخل المدن، وإيجاد آلية تصريف سريعة وآمنة لإيصال مياه الأمطار إلى أماكن مخصصة لذلك خارج المدن لتجميع مياه الأمطار فيها وحقن المياه الجوفية بها لرفع مستوى المياه في الأحواض الجوفية ،وأن يكون بناء السدود والحواجز المائية وفقاً لخطة عامة وشاملة، وليس خطوات ترقيعية لسد احتياجات آنية لبعض المناطق، يستلزم أن يكون هناك مخطط عام لمرور المياه وأماكن احتجاز في سدود متعددة، وأن لا يتم تحميل مياه الأمطار لسدود بسيطة تنهار عند هطول أمطار غزيرة، بل يكون هناك حواجز مائية وسدود متعددة وفي أماكن مختلفة لتوزيع عبء الاحتجاز، وللحفاظ عليها من الانهيار، وأيضاً توزيع الفائدة لمناطق أكثر، وعدم الاقتصار على مناطق محددة.
ما يحصل حالياً في اليمن هو عبث ليس له أي منطق يستوجب إيقافه وهو فساد كبير سيؤدي إلى تحطيم المدن اليمنية بسبب سوء التعامل مع مياه الأمطار.
وفي الأخير:
آمل أن يتم سرعة تنفيذ آلية علمية ومدروسة للاستفادة من مياه الأمطار عن طريق إعادة النظر في آلية تجميع ومرور وتصريف مياه الأمطار من داخل المدن اليمنية إلى خارجها، وليس العكس كما هو حاصل حالياً للاستفادة الإيجابية منها، والذي نحن في اليمن بحاجة ماسة إلى قطرات الماء الذي بدء ينضب بسبب العبث وعدم الاستفادة من مياه الأمطار؛ لأن استمرار ذلك الخلل هو فساد بحاجة إلى تصحيح.