الطب الشعبي.. خداع واستغلال للمواطن البسيط ..!؟

الأسرة /نجلاء الشيباني

ارتفاع أسعار الأدوية وكثرة الأخطاء الطبية دفعت المواطن ذا الدخل المحدود للجوء إلى الطب البديل للتداوي لدى مدعي القدرة على العلاج بالأعشاب بصورة ملفتة. ومع هذا الأمر نحتاج إلى فترات من التفكير والحذر كثيراً أثناء الحديث كي لا نخرج عن الحقائق العلمية والإيمانية.
كما أنه لا ينبغي أن نغطي الواقع أو نتحايل عليه لكن الحقائق أن الأعشاب الطبيعية فيها علاج وشفاء غير أن هناك في الواقع من يستغل هذه الأمور الثابتة للعب تحت الطاولة.

المواطن (توفيق) في حي الحصبة يعمل موظفا يعاني من مرض في كليته فقد طال علاجه في المستشفيات دون فائدة نصحه الأصدقاء والأقارب بالتوجه للعلاج العشبي لأنه أفضل وأسرع ووصف له العشاب الذي حمله إليه أحد الأقارب مجموعة أعشاب وشعير مما زاد من ألمه وسارع بعدها إلى المستشفى لتهدئة الألم.
امرأة أخرى تعاني من ضيق وقلق نفسي وآلام في المعدة وصف لها طبيب الأعشاب عسلاً وحبة سوداء وزيت الزيتون وبعض الأعشاب مما زاد من آلامها وأسعفت إلى مستشفى الثورة وأعطيت مغذية ومنعت من الطعام لمدة ثلاثة أيام متتالية ووصف لها العلاج المناسب الذي يقضي على آثار الأعشاب – حسب الطبيب المختص.
(تحذيرات)
يحذر الأطباء من التداوي بالأعشاب ويطلبون من المرضى عدم تناول الوصفات التي توصف لهم من قبل العشابين كونهم  يجهلون بحقيقة مكونات النبات الحقيقي والأمراض التي يمكن شفاؤها .
الطبيب عبدالله الذبحاني طب عام ينصح مرضاه دائما بعدم الاستجابة للأشخاص الذين يدعون بأنهم أطباء أعشاب لأنهم لا   يعالجون بقدر ما يسببون الإزعاج والمرض للشخص المصاب وقد يصعبون على الطبيب سرعة علاج المريض كونهم   يصفون أعشاباً لا علاقة لها بالأعراض المرضية التي تطرأ على المريض.
تتفق معه الطبيبة ثريا محمد مقبل, أخصائي جلد, وتضيف بأن الأعشاب هي نوع من أنواع الطب الذي درسته ويحتاج إلى نوع من التدقيق والمعرفة التامة بفائدة كل عشبة لكن ما نراه اليوم في العيادات العشبية هو عبارة عن نصب واحتيال على المواطنين خاصة الذين يأتون من الأرياف ولا يؤمنون بالطب البشري    والعلاجات والأدوية الصيدلانية
دراسة لمنظمة الصحة العالمية ظهرت مؤخراً تقول إن اثنين من كل ثلاثة معالجين تقليدين ممن تمت مقابلتهم قد ورثوا المهنة من أبائهم ويحاولون تورثيها لأبنائهم أما الثالث فقد اكتسبها عن طريق الكتب التقليدية والاطلاع.
طرق تقليدية
وأفاد الدكتور عبدالله معمر أستاذ علم الاجتماع جامعة صنعاء بأن هناك طرقاً تقليدية تستخدم في المعالجة ويرتبها حسب الأهمية قائلاً أولا الجانب الديني كتوزيع الصدقات وإقامة الموالد في  بعض الأضرحة ومحاولة الاثبات بمفاهيم دينية لتكريس فكرة الشفاء الا أن الغالبية يستخدمون الدين في العلاج بشكل مغلوط ومجانب للحقيقة مستغلين بذلك إمكانات المتعالجين وفهمهم الديني  المحدود ويشكل هذا منفذا سهلا للدخول من خلاله والسيطرة على المريض وايهامه بجدوى العلاج ثانيا العلاج بالأعشاب الذي  يكون بالوراثة من الآباء أو الخبرة الشخصية من خلال الاطلاع على كتب الطب العربي المعروفة لدى المعالجين والتي لا تتجاوز العشرة ويتم استخدامها لجميع الأمراض مضافا إليها أسلوب الإيهام بإعادة مصدر المرض إلى القوى الغيبية. والثالث هو الجانب السحري في العلاج فالسحر ذو حدين فمن ناحية يمكن استخدام إصابة الإنسان بالمرض والشرور ومن ناحية أخرى يمكن أن   يكون علاجا وقائيا فيستخدم على أساس رفع المرض عن المصاب وحمايته من المرض الذي قد يصاب به في يوم من الأيام .
ويستطرد معمر قائلا: هذه الطرق الثلاث متداخلة مع بعضها لتكون شكل العلاج القائم والذي يكون نسقا علاجيا واحدا وتعد مسألة التخصص في العلاج صعبة إلى حد ما .
ويضيف الدكتور بأن كثيراً من الناس يفضلون العلاج العشبي لاعتقادهم به وأنه يشفي أية أمراض مهما كان نوعها، وهذه الأمراض تجعل مثل هؤلاء المرضى لا يفضلون العلاج إلا لدى المعالج التقليدي وإن التفسير الخاطئ لنوعية المرض يساعد على انتشار الأمراض المعدية كما  يؤثر في استمرار المرض ويعمل على حجب الأسباب الحقيقية المؤدية للمرض.
مؤكدا بأن المواد العلاجية والوصفات توثر في سلوك أفراد الجماعات التي تسود فيها هذه المعتقدات عند تلمس الشفاء وكذلك اختيار المعالج الذي غالبا ما يقدم من المواد العلاجية والوصفات ما يتواءم مع تلك الرؤية الثقافية لمفهوم المرض والعلاج وفي حالة عدم الشفاء من هذه الأمراض بالعلاج التقليدي يتجه المريض بعد ذلك إلى الطب الحديث.
مؤثرات
الأشخاص الذين اتجهوا إلى العلاج التقليدي يؤكدون على الدور الذي يلعبه الأصدقاء والأقارب والمحيطون بهم في مجالس القات في توجيههم إلى العلاج التقليدي بل وتحديد نوعية المعالج كما أن الأسرة تلعب دورا في هذا الجانب كما يقول الدكتور عبدالله معمر، فهي تعمل على توجيه الفرد نحو أسلوب علاجي   خارج المنزل يتفق مع المستوى الاقتصادي والثقافي والسكني للأسرة سواء في الريف أو الحضر كما تعمد الأسرة إلى استخدام طريقة منزلية في  العلاج تتفق مع المستوى والإمكانيات المادية للأسرة فكلما كانت الأسرة أكثر فقرا كلما تأخر أفرادها في الاتجاه إلى العلاج الطبي الحديث ويكون الاتجاه غالبا إلى العلاج الأرخص.
التداوي المشروع
يؤكد  الدكتور صالح صواب, أستاذ الدراسات الإسلامية , بأن الله أمر بالتداوي ورسوله وهذا التداوي لا ينقص إيمان المرء وإنما قد يأثم الإنسان به, الأول قد يكون بأدوية محسوسة كالطب الحديث وهو معلوم بحيث يعلم الطبيب سبب المرض ثم يعطي المريض الدواء لدفع ذلك السبب وكذلك تستخدم للعلاج وهذا الأمر مشروع ولا خلاف فيه ما لم يكن العلاج محسوساً. أما النوع الثاني من الأشياء المحسوسة ما يسمى اليوم بالطب البديل وهو ممدوح وفيه يكون المعالج خبيرا بهذه الأعشاب وأنواعها وفوائدها وأثرها وربما كانت سببا للشفاء من الأمراض وهذا النوع من العلاج جائز ومنه ما هو مذموم حيث يظهر بعض المدعين بالطب العربي  ومنهم الذين يعطون الناس الأعشاب المتنوعة التي ربما كانت لها آثار سلبية فربما أزهقوا بذلك أرواحاً وأدخلوا إلى الناس أمراضا مزمنة.
ويتابع الدكتور صواب قائلاَ: البعض يستخدم الأعشاب مضيفا إليها نوعا من العسل والحبة السوداء ولا يعلم بالحالة المرضية وهذا الأمر مهلك وغير جائز.

قد يعجبك ايضا