الإعلام الإرهابي
حسن الوريث
هناك ما يسمى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب يتشكل من أكثر من 30 دولة كبرى وصغرى وقد أنيط بهذا التحالف كما هو معلن في أدبيات إنشائه محاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وتجفيف منابعه ويستند هذا التحالف إلى قرارات من الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة وكل الهيئات التابعة لها ومنذ أكثر من عامين وهذا التحالف يدور في حلقة مفرغة، فالإرهاب مازال موجوداً ووسائله وأساليبه تتطور وتتنوع، بل إنه يزداد قوة يوماً بعد يوم إلى درجة أنه وصل إلى كل الدول التي يتألف منها التحالف وضرب في عمقها وهذا دليل على أن ما يسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب مجرد هياكل والغرض منه أشياء أخرى.
طبعاً، محاربة الإرهاب يتطلب عدة أمور أهمها تجفيف منابعه الاقتصادية والعسكرية والإعلامية وهذه النقطة هي الأهم على اعتبار أن الجماعات الإرهابية تصل إلى مبتغاها وأهدافها في تجنيد المزيد من الشباب عبر الوسائل الإعلامية المختلفة من خلال مجموعة ممن يسمون أنفسهم دعاة ومشائخ علم يسرحون ويمرحون عبر مختلف القنوات والمواقع والوسائل المختلفة، كما أن هذه الجماعات تبث جرائمها عبر وسائل الإعلام حتى تصل إلى كافة أنحاء العالم دون أن تجد من يوقفها أو يسأل نفسه كيف يسمح لهذه الجماعات ببث أفكارها وتجنيد الشباب عبر وسائل إعلام مرخص لها من قبل دول تدعي أنها تحارب الإرهاب وتشكل جزءاً أساسياً من ذلك التحالف الدولي وهناك فرق فنية متخصصة في المونتاج الإعلامي تساعد هذه المجموعات وتدربها في تلك المجالات وتقوم بإخراج تلك الأفلام والمشاهد التي تبثها وتصور فيها الجرائم البشعة التي ترتكبها في حق الأبرياء .
تلك القنوات التي تروج للفكر الداعشي القاعدي الإرهابي تمتلكها وتمولها دولاً وشركات وشخصيات محسوبة على الأنظمة الخليجية التي تقول إنها ضد الإرهاب وتحاربه، لكنها في الواقع هي منبع الإرهاب الفكري والمالي والإعلامي وهذه القنوات والمواقع تنطلق من أراضيها ويظهر فيها مشائخها الذين تعتبرهم مرجعياتها الدينية وهذا الأمر لا يخفى على أحد ما يؤكد أن موضوع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب ليس جاداً ولا يمكن أن ينجح إطلاقاً إلا إذا بدأ باجتثاث كل وسائل الدعم للجماعات الإرهابية سواء المادية أو الإعلامية وهذا الأمر يتطلب إلزام تلك الدول بمنع كافة أشكال الدعم لتلك الجماعات ووقف كل القنوات والوسائل الإعلامية ما لم فإن كل ما تقولونه مجرد كلام في الهواء يقصد به الاستهلاك وتخدير الشعوب فقط،أما الحرب على الإرهاب فهي آخر ما يمكن أن تعملوه .
هل يمكن أن تقول أمريكا التي تقود الحرب على الإرهاب للأنظمة الخليجية إن توقف تلك الوسائل الإعلامية التي تبث التطرف وتحرض على الكراهية وتعد انطلاقاً للأفكار الضالة التي ينطلق منها داعش والقاعدة وكل الحركات الإرهابية ؟ وهل يمكن أن تقوم الأمم المتحدة بوضع قائمة سوداء بتلك القنوات والوسائل والبلدان التي تنطلق منها وتعمل على إغلاقها ؟ أم أن أمريكا والأمم المتحدة تتفرعن فقط على القنوات التي تمتلكها البلدان والشعوب المقاومة كما يحصل دائماً من تشويش وإغلاق للقنوات والمواقع الإعلامية التي تعارض سياسة أمريكا وإسرائيل في المنطقة ؟ أم أن أمريكا ستتحجج بحرية الإعلام وتبقي على هذه القنوات رغم أنها إحدى أخطر الأدوات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية في استقطاب الإرهابيين وتنفيذ عملياتها الإجرامية وبثها ؟.
اعتقد أن ما يسمى التحالف العالمي أو الدولي لمكافحة الإرهاب مطالباً بإثبات نيته الحسنة في محاربة الإرهاب والبداية ستكون من تجفيف منابع الإرهاب المالية والإعلامية وإغلاق تلك القنوات والمواقع والوسائل التي تستخدمها تلك التنظيمات والجماعات الإرهابية والدول التي تقف وراءها وهي بالتأكيد معروفة للجميع ولا يتطلب الأمر عناء وبحثاً واجتهاداً، لكني أشك في مصداقية هذا التحالف من الأساس وإلا لكنا شهدنا تغيراً كبيراً في عملية الحرب على الإرهاب ولكانت التنظيمات الإرهابية في خبر كان، لكنه الكذب والتضليل الذي تمارسه الدول الكبرى ودول المال المدنس التي تتحكم في مصائر الشعوب وتستخدم الإرهاب ضمن منظومة الفساد الدولي لاستغلال الشعوب .