السعودية والمفاوضات من وراء الحجاب

حسن الوريث
كلنا يعرف أن المفاوضات الجارية حالياً في الكويت ليست بين أطراف يمنية, فهناك طرف وطني قادم من صنعاء بينما الطرف الآخر جاء من الرياض وهو يمثل النظام السعودي ويتبنى كل ما يريد والأكيد أن الوفد الوطني يملك قراره ويفاوض من منطلق القوة والاستعداد للتوقيع على أي اتفاق من شأنه إخراج اليمن من الأزمة الحالية, فيما وفد الرياض لا يملك أي قرار بيده ولا يستطيع البت أو التوقيع أو حتى الحديث عن أي شيء لا تريده السعودية.
وتجاه هكذا وضع فإن التوصيف الصحيح لهذه المفاوضات أنها بين الوفد الوطني وبين النظام السعودي, لكن السعودية تشارك من وراء القناع أو من وراء الجدار فالوفد القادم من عاصمتها يأتمر بأمرها ويمثلها ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقطع في أي أمر دون موافقتها ولا يمكن لأي من أعضاء الوفد أن يدلي بتصريح صحفي أو إعلامي دون أن يتم إملاؤه عليه وتوجيهه به كما أن أي من أفراد الوفد لا يجرؤ على حضور الجلسات دون موافقة مسبقة من السفير السعودي وحين تم تغيير بعض أعضاء الوفد كان ذلك بتوجيهات وأوامر عليا من السعودية, لأن بعض أعضاء الوفد الذين تم تغييرهم تحدث في إحدى الجلسات الودية خارج الجلسات الرسمية بين الوفدين وقال لأحد أعضاء الوفد الوطني ” نحن نريد الخروج من هذه الأزمة والتوقيع على إنهائها لكننا لا نستطيع لأن القرار ليس بأيدينا ” وهذا الكلام هو الذي أودى ببعض أعضاء الوفد وتم تغييرهم .
السعودية هي من يدير المفاوضات عبر الوفد المسمى بوفد الرياض وبإشراف مباشر من السفير السعودي في الكويت الذي شكل غرفة عمليات في السفارة تتولى مهمة نقل التعليمات والتوجيهات بين الرياض والكويت ومراقبة مستوى تنفيذ الوفد الممثل للسعودية للمهام الموكلة إليه كما أن مهمة الغرفة توزيع الإعلاميين المرافقين على وسائل الإعلام وتوجيههم بما يتحدثون وما يقولونه عبر الوسائل الإعلامية المختلفة وتسليمهم مخصصاتهم المالية إلى غير ذلك من المهام المرتبطة بإدارة دفة المفاوضات والتي تؤكد أن النظام السعودي هو من يتحكم في كل مقاليد الأمور لوفد الرياض وبالتالي فإن ما يجري الآن في الكويت هو حوار يمني – سعودي لكن السعودية تديره من وراء الحجاب وبالتأكيد أنه لن يستمر طويلاً .
اعتقد أن على السعودية الدخول في المفاوضات مباشرة بدلاً من بقائها وراء الحجاب على اعتبار أن الأزمة أصبحت يمنية – سعودية منذ السادس والعشرين من مارس 2015م حين شنت السعودية عدوانها على اليمن وأفشلت توقيع اتفاق بين الأطراف اليمنية التي كانت تتحاور في موفنبيك برعاية المبعوث الأممي السابق جمال بنعمر والذي أكد في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن بأن السعودية بتدخلها هي من أفشل ذلك الاتفاق الوشيك وتحولت الأزمة من داخلية بين الأطراف اليمنية إلى دولية بين اليمن والسعودية وبالتالي يجب أن يكون الحوار الحقيقي للخروج من الأزمة هو بين اليمن والسعودية حتى يكتب له النجاح.
أما الحوار الحالي إذا ظل توصيفه يمنياً – يمنياً فإنه لن يصل إلى نتيجة على اعتبار أن القضية الاساسية هي بين اليمن والسعودية وليس بين اليمنيين, إذ لو تم التوقيع على اتفاق بين الأطراف اليمنية فإن موضوع السعودية وتبعات عدوانها على اليمن ستظل وسيكون هناك جولات من الحروب مع السعودية حتى يتم حل المشكلة اليمنية – السعودية من جذورها.

قد يعجبك ايضا