هيكل: لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها
مساحة خضراء
فؤاد عبدالقادر
رحل الأستاذ هيكل إلى رب العباد بعد رحلة مع الكلمة الجميلة الصادقة .. استمرت زهاء نصف قرن ويزيد.
عاصر سبعة زعماء من مصر وغيرهم من الوطن العربي .. اصدر عشرات الكتب السياسية .. وترأس مجلس إدارة الأهرام ورئاسة تحريرها، تبوأ وزارة الإعلام .. وكان يقول أنا جورنالجي .. وسأظل جورنالجياً .. رحمه الله .. صحفي وكاتب من طراز رفيع .. ملأ الدنيا وشغل الناس .. صاحب مواقف تحسب له .. لا عليه .. تحبه أو تكرهه .. هو الصحفي والكاتب العربي الوحيد على مستوى دول أوروبا وأمريكا .. تفتح له كل الأبواب الموصدة .. وتتدفق عليه المعلومات .. والأرقام الصحيحة خلال نقله إلى المستشفى .. وفي غرفة العناية المركزة .. وقد ابعد من جسمه المجسات وأجهزة التنفس .. قائلاً: خلاص أنتم عاوزيني أعيش أكثر من كده .. وهكذا أعطاهم عمره .. وذهب للقاء وجه كريم.
مواقفه من السعودية واضحة ولا تحتاج إلى مراجعة .. فله معها قضايا وحسابات منذ المرحلة الناصرية في مصر وصراع عبدالناصر مع السعودية منذ ثورة 26 سبتمبر 62م في اليمن.
كما أن الاحتكاك الذي حدث مع النظام السعودي خلال نشر حلقات من خريف الغضب في صحيفة الشرق الأوسط .. وتعرضت لإيقاف النشر بل منعت تماماً .. اكدت هواجس الرجل .. إذاً مواقف هيكل من سياسة السعودية ليست فقط من أجل اليمن فقط ولكن لأن له حسابات أخرى.
هو صريح في آرائه .. وهكذا كان رأيه في اليمن .. عن ثورة 11 فبراير كان وصفه لها دقيقاً وواضحاً .. وكان يقرأ المستقبل من كتاب مفتوح قال: إن ما يحدث في اليمن ليس ثورة بل قبيلة تحاول أن تتحول إلى دولة .. ثم أليس هو القائل عن اليمن ماضٍ يأبى أن يذهب وحاضر أبى أن يتغير ومستقبل أبى أن يأتي.
أن تتفق أو تختلف مع هيكل سيان .. لكنك تحبه ويفرض احترامه عليك.
سيظل العالم يتذكره كثيراً .. يتذكر كتبه .. عبدالناصر والعالم .. لمصر لا لعبدالناصر .. الطريق إلى رمضان .. كلام في السياسة .. زيارة جديدة للتاريخ .. مدافع آيات الله.
وداعاً محمد حسنين هيكل .. وأتذكر بيتاً من الشعر كنت تردده:
لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها .. ولكن أفكار الرجال تضيق.