رئيس الهيئة العليا للأدوية الدكتور محمد المداني لـ”الثورة” :
منحنا تراخيص استثنائية لاستيراد أدوية الأمراض المنقذة للحياة
نسعى لإنتاج بعض الأدوية المهمة محلياً وبحسب معايير الجودة المعتمدة
رفع الحصار .. مهمة منظمات المجتمع الدولي
المواثيق الدولية تحرم حصار الغذاء والدواء.. والعدوان لا يعترف بذلك
حوار/ رجاء عاطف
حذر رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية الدكتور محمد المداني تجار ومستوردي الأدوية من التلاعب في أسعار الدواء ورفعها أو احتكارها، مشيراً الهيئة تعد لائحة بأسماء الشركات المحتكرة والمتلاعبة بأسعار الأدوية تمهيداً للرفع بهم إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاههم .
وكشف الدكتور محمد المداني في حوار صحفي مع (الثورة) عن منح تراخيص استثنائية لعدد من المستوردين والمستشفيات لاستيراد الأدوية والأصناف الناقصة وغير المتواجدة في السوق مثل أدوية السرطان وقساطير القلب والمحاليل المخبرية في أسرع وقت ممكن وفق شروط ضبط الجودة.
وتحدث الدكتور المداني عن المعوقات والصعاب التي تواجه استيراد الأدوية والإجراءات التي اتخذتها الهيئة ونتائجها وغير ذلك من الجوانب الهامة التي تضمنها الحوار:
كيف تقيمون الوضع الدوائي في اليمن جراء العدوان ؟
بالنسبة لوضع السوق الدوائي في الوقت الراهن ومع استمرار العدوان والحصار الجائر مستقر إلى درجة لا بأس بها رغم المعوقات والصعاب التي تقف وتعرقل عمليات استيراد وادخال الأدوية إلى اليمن ،كون السوق الدوائي يعتمد في توفير احتياجاته من الأدوية على الاستيراد بنسبة 85% و15% على الإنتاج المحلي بشكل عام .
وتعتمد السوق المحلية وبشكل كلي على الاستيراد للأدوية المنقذة للحياة والمحاليل ومعظم الأدوية التخصصية لا سيما وأن معظم إنتاج المصانع المحلية يقتصر على المسكنات والمضادات الحيوية والفيتامينات وبعض الأدوية العامة .. إضافة إلى أن التصنيع المحلي يعتمد بشكل كلي على استيراد المواد الخام والأجهزة ومواد التعبئة وغيرها من مستلزمات التصنيع .
· ماذا لو قارنا الاستيراد بين 2014م و2015 م ..كيف أصبح الحال؟
(47%) نسبة النقص النسبي بين حركة السوق الدوائية في 2014 و2015 (خلال العدوان)..
معوقات وصعوبات
ماهي المعوقات والصعاب التي تقف أمام استيراد الأدوية ؟
هناك الكثير من العراقيل والمعوقات أمام استيراد الأدوية وهي بالفعل تؤثر بشكل كبير على القطاع الدوائي الخاص وتنعكس سلباً على توفير الأدوية المطلوبة والهامة للمرضى وكذا في أسعارها .. فالصعوبات التي تواجه استيراد الأدوية كثيرة وعديدة ويعاني ويشكو القطاع الخاص منها وأبرزها :
أولا : فيما يخص النقل البحري ففي بداية العدوان تم منع السفن المتجهة لليمن من الدخول للموانئ اليمنية وخاصة ميناء الحديدة وتحويلها إلى جدة أو جيبوتي وبقيت هناك لعدة أشهر، مما أدى إلى خسارة التجار ورفض شركات الشحن والتأمين من نقل أي بضائع وخاصة الأدوية والمستلزمات لما لها من خصوصية عندالنقل ، أو تحويل مسار السفن إلى ميناء عدن وكما تعلمون حساسية الوضع وعدم الاستقرار هناك يمنعها من الذهاب لميناء عدن .
ثانياً : في جانب شحن الادوية عبر الخطوط الجوية فقد حصل للملاحة الجوية شلل كامل في الأربعة الأشهر الأولى ولم يدخل البلد أي أدوية باستثناء بعض الأدوية الخاصة بالمنظمات والتي تنقلها بطائراتها الخاصة ، ومن ثم تم السماح لوصول طائرة واحدة تابعة لليمنية لنقل الركاب فقط ولم يتم شحن الأدوية إلا بعد استثناءات واضطر بعض التجار لاستئجار طائرة خاصة وبكلفة تصل إلى 150 ألف دولار تقريباً وذلك لنقل حمولة الطائرة فقط .
ثالثاً : قلة توافر العملة الصعبة وصعوبة تحويلها من داخل الوطن إلى الشركات الأم المراد الاستيراد منها وهذه مشكلة يعاني منها تجار الأدوية بشكل كبير ، ولابد من توفير الحلول لها وفي أسرع وقت .
رابعاً : المنافذ البرية وهي الأخرى التي لم يتبق منها مستمرة في العمل إلا منفذ الوديعة في الصحراء وعبره تم إدخال بعض الأدوية بالنقل البري وذلك في حاويات مكيفة وبتكلفة عالية ، نظراً لشدة الحرارة في الطريق البرية عبر الوديعة وخوفاً من تلف بعض الأدوية نتيجة الظروف الجوية للصحراء وهي بحاجة إلى وضعها وتخزينها ونقلها تحت برودة معينة ..
هل أثرت تلك المعوقات على مصانع الأدوية المحلية ؟
لم تعان المصانع الدوائية المحلية من المعوقات التي ذكرت سابقاً فحسب وإنما هناك معوقات إضافية واجهت وما تزال المصانع وتمثل عائقاً أثر على إنتاجاتها سلباً .. وتتمثل في انقطاع الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية نتيجة الحصار والعدوان .. ونأمل أن يتم معالجة المعوقات المحلية والداخلية التي تقف أمام مصانع الأدوية نظراً لأهميتها ولما تمثله من نسبة توفير الدواء للسوق .
هل توقفت شركات عن العمل بسبب معوقات الاستيراد؟
الحصار الخانق البري والبحري والجوي من قبل العدوان السعودي على اليمن، وقصف ميناء الحديدة التجاري من قبل العدوان الذي يعتبر الأهم والأكبر لاستقبال شحنات الأدوية ومنع حركة الطيران إلى مطارات الجمهورية اليمنية وعلى رأسها مطار صنعاء الدولي.
كل ذلك وأكثر تسبب في أمتناع معظم شركات الشحن من شحن الأدوية والبضائع المختلفة إلى اليمن بسبب الوضع الأمني وكذلك الضغوط عليها من قبل دول العدوان ما أدى إلى اعتذار بعض الشركات والمؤسسات والبيوت التجارية لقطاع الأدوية عن مواصلة عملها في استيراد الأدوية خوفاً على البضائع والأدوية والمستلزمات من التلف والضياع في الموانئ مثل مينائي جيبوتي أو جدة .
هل اتخذتم إجراءات تحافظ على استقرار السوق الدوائي ؟
هناك إجراءات عديدة قامت بها الهيئة جميعها يهدف إلى الحفاظ على استقرار الأدوية إذ عملت الهيئة جاهدة على توفير أكثر من مصدر وبدائل للأدوية بحيث تخلق التنافس بين المستوردين ما يؤدي إلى انخفاض في أسعار الأدوية وثباتها .
إضافة إلى ذلك فقد بدأت الهيئة في إعداد لائحة بأسماء الشركات وتجار الجملة الذين يقومون باحتكار الأدوية ورفع أسعارها بشكل غير مقبول والرفع بهم إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاههم وكذلك التعميم على جميع الشركات والمستوردين بعدم البيع بنظام الصفقة الواحدة لمنع الاحتكار ..
ما أهم النتائج التي تحققت وفقاً للإجراءات السابقة ؟
لقد حققت الإجراءات نتائج إيجابية تخدم السوق الدوائي والمستهلك إذ أدت إلى توافد واقبال المستوردين وتجار الأدوية على استخراج تراخيص الاستيراد وإدخال الأدوية إلى البلاد مما أدى تقريباً إلى توافد الشحنات يوميا إلى مطار صنعاء وكذلك شحنات شبه يومية من منفذ الوديعة والشحن عبر ميناء الحديدة وعدن، وقد بدأ معدل الاستيراد في الشهرين الأخيرين عبر الميناءين يزيد .. إضافة إلى ذلك استئناف العديد من المصانع عملية الإنتاج ورفد السوق بالأدوية مع ضمان عدم احتكار الأدوية الهامة ومع بقاء الرقابة الدائمة على سوق الدواء .
ماهي الخطوات التي قمتم بها في سبيل معالجة معوقات استيراد الأدوية ؟
لقد اتخذت الهيئة عدة إجراءات وخطوات هامة في سبيل رفع الحصار عن الأدوية وتسهيل دخولها إلى اليمن منها إطلاق نداءات استغاثة ومناشدات للمنظمات العالمية ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني.. كذا عقد مؤتمرات صحفية تبين الوضع الدوائي والصحي في اليمن والوضع الكارثي والإنساني الذي قد يؤدي إلى إبادة جماعية للشعب اليمني بأكمله بسبب نقص الدواء إضافة إلى تقديم رسائل احتجاج واستغاثة إلى عدد من غرف التجارة العالمية والعربية وكذلك شركات ومؤسسات الشحن العالمية وإطلاعهم على الوضع الكارثي في الوطن بسبب توقفهم عن الشحن إلى اليمن بدون أي مسوغ قانوني وأن سلع الدواء والغذاء قد أقرت جميع المواثيق والدساتير الدولية بعدم المساس بها في الحروب بين الدول .
· وما المعالجات التي تم اتخاذها للمساهمة في توفير الدواء خاصة فيما يتعلق بالأمراض المزمنة ؟
لقد تم اتخاذ خطوات عديدة من قبل الهيئة أهمها التواصل مع الخطوط الجوية اليمنية وتم الاتفاق معهم على السماح بشحن الأدوية من الدول التي تسير الرحلات إليها وهي الأردن والإمارات ومصر والهند .
وبالنسبة للمنافذ البرية فقد تم الاستفادة من استمرار نشاط منفذ الوديعة وتم التواصل مع شركات شحن برية وطنية وإماراتية لشحن الأدوية من السعودية والإمارات وتم تعميمها على مستوردي وتجار الأدوية .
إضافة إلى ذلك تم عقد عدت لقاءات مع المستوردين والمصنعين وذلك لحثهم على تحمل المسئولية الوطنية وتشكيل لجنة من المستوردين للمتابعة مع الهيئة لحل الإشكاليات والعراقيل من أجل توفير الدواء وتفعيل الدور الرقابي للهيئة حيث قامت بعمل تقارير شبه يومية عن الأصناف الناقصة في السوق ومن ثم عمل رسائل إلى وكلاء هذه الأدوية لسرعة توفيرها .
ماذا عن أصناف الأدوية التي ليس لديها وكلاء في السوق ؟
بالنسبة للأدوية التي ليس لها وكلاء وناقصة في السوق مثل أدوية السرطان وقساطير القلب والمحاليل المخبرية فقد تم عمل تراخيص استثنائية لعدد من المستوردين والمستشفيات باستيرادها في أسرع وقت ممكن وفق شروط ضبط الجودة .. كما أن هناك لقاءات مع المصنعين المحليين لمناقشة إمكانية إنتاجهم لبعض الأدوية المهمة المنقذة للحياة بحسب معايير الجودة المفروضة .. ونتمنى أن نتمكن من ذلك خلال القريب العاجل ..
ختاماً ..ما الرسائل التي تريدون توجيهها في نهاية اللقاء؟
لدي رسالتان الأولى : هي مناشدة واستغاثة للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي وكافة المؤسسات الحقوقية الإنسانية الدولية بسرعة الضغط على قوى تحالف العدوان بضرورة احترام المواثيق الإنسانية والقانون الإنساني الدولي الذي يؤكد على أحقية كل شخص بالحصول على الدواء في كل الظروف بما فيها ظروف الحرب .. وكذا تسهيل دخول الأدوية إلى اليمن .
بينما رسالتي الثانية إلى بعض مستوردي الأدوية الذين تحملوا مسئوليتهم الإنسانية قبل الوطنية والوظيفية في استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية في ظل هذه الظروف متجاوزين ومتحملين كل المعوقات والصعاب التي وقفت – وما تزال – أمامهم .. وأنا أعلم بأن المجتمع اليمني يقدر ويحترم جهود هؤلاء المستوردين وفي الوقت الذي أشيد ببعضهم أطالب البعض الآخر بالقيام بمسئوليتهم في استيراد الأدوية للقطاع الخاص والعمل معا لتجاوز العراقيل والصعوبات المفروضة نتيجة العدوان وأن يكون هدفنا توفير الدواء للمرضى بالجودة والسعر المناسب .. ولا هدف لنا غيره ..