وفد الرياض في الكويت.. العربة قبل الحصان
حسن الوريث
في كل جولات الحوار التي عقدت بين الأطراف اليمنية كانت الأمم المتحدة تصطدم بتعنت وفد الرياض، وإصراره على العرقلة، وإفشال أي محاولات للتوصل إلى حل ينهي الأزمة، ويخرج الشعب اليمني من الأوضاع المأساوية الناجمة عن العدوان والحصار، ودوماً يضع وفد الرياض شروطاً تعجيزية تجعل من التوصل إلى حل من المستحيلات، وبالتأكيد فإن ذلك كله يأتي تنفيذاً لرغبات السعودية.
آخر تقليعات وفد الرياض في العرقلة هي المطالبة بأن يكون الحل الأمني قبل الحل السياسي بحسب تصريحات رئيس وفدهم الذي أصر على عدم التوقيع على أي اتفاق سياسي قبل استكمال الحل الأمني، وتسليم السلاح حد زعمه، وبالطبع فإنه يعرف أن تنفيذ هذا المقترح يعد من سابع المستحيلات، إذ لا يمكن أن يكون هناك حل أمني منفصل عن الحل السياسي، ولا يمكن تنفيذ الحل الأمني إلا بوجود حكومة توافقية تتولي الإشراف على تنفيذ الحل الأمني والعسكري، والإشراف على المرحلة الانتقالية بكافة تفاصيلها، وبالتالي فإن هذا الطلب يدخل في إطار المماطلة من قبل وفد الرياض للتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة.
وفد الرياض يعرف تماماً أنه لو تم التوقيع على أي اتفاق فإن مهمته ستنتهي تماماً، ولن يكون له أي ذريعة لطلب التدخل لا من السعودية ولا من المجتمع الدولي، على اعتبار أنهم الآن يتذرعون بالشرعية المزعومة لمن يسمونها حكومة، وبالتالي فلا بد من مواصلة العرقلة والتعطيل، وهو الأمر الذي دأب عليه منذ أن أعلنت الأمم المتحدة عن دعوة الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار منذ جنيف وحتى الكويت، ويمكن أن يستمر التعطيل والمماطلة من قبل وفد الرياض الذي تريده السعودية لتحقيق أهدافها من خلاله.
من وجهة نظري أن نظام بني سعود يمكن أن يوجه مرتزقته الذين يمثلهم هذا الوفد بالتوقيع على أي اتفاق يتضمن إخراج السعودية من المسؤولية الجنائية والأخلاقية عن هذا العدوان، وبالتأكيد فإن النظام السعودي لو تحقق له هذا الهدف فإنه سيرمي بهذا الوفد وكل المرتزقة في قارعة الطريق، وربما يسلمهم إلى اليمن لمحاكمتهم على جرائمهم التي ارتكبوها في حق الشعب اليمني على مدى عام ونصف العام، وهذا هو ما تسعى إليه السعودية من خلال هذا الوفد وبما يصور الأزمة على أنها يمنية– يمنية، وأن السعودية ليست طرفاً في القضية، بل إنها فاعل خير تريد لليمنيين أن يتوصلوا إلى حل لمشاكلهم، وأن تدخلها لم يكن إلا بناءً على طلبهم، وهذا هو الإطار العام للاتفاق الذي تقاتل السعودية عبر هؤلاء المرتزقة للخروج به.
في اعتقادي أن وفدنا الوطني نجح إلى حد كبير في تغيير هذه الصورة التي كانت لدى المجتمع الدولي، واستطاع كشف زيف وفد الرياض ومن يقف وراءه، وبالتأكيد فقد أجبر الأمم المتحدة والكثير من دول العالم على الوصول إلى قناعة تامة بأن الحل لن يكون إلا بتشكيل حكومة وطنية تمثل كافة الأطراف اليمنية، وهذا ما تجلى في خارطة الطريق الأممية وتصريحات الكثير من الدول ومنها فرنسا التي أعلنت ضرورة التوصل إلى تشكيل حكومة تمثل كافة أبناء الشعب اليمني، بمعنى أنهم اقتنعوا أن هذه الحكومة المزعومة لا تمثل إلاَّ نفراً قليلاً من الناس، وأن أي اتفاق لا بد أن يشمل تغييرها.
بالتأكيد أن وفد الرياض ومن وراءه سيستمرون في خلق العراقيل تلو العراقيل حتى لا يتم التوصل إلى أي حل، وسيظلون دوماً يضعون العربة قبل الحصان، لكن في اعتقادي أن ذلك لن يستمر طويلاً، فالمواقف الدولية تتغير لصالح رؤية الوفد الوطني، كما أن الوضع على الأرض يتغير، بمعنى أن الجيش واللجان الشعبية كانوا بالمرصاد لعدوانه ومرتزقته، ولم يسمحوا لزحوفاتهم بالنجاح، وحصروهم في أماكن معينة تجعلهم في مواقف لا يحسدون عليها، وبالتالي فوضع العربة قبل الحصان لن يستمر طويلاً؛ لأننا بشعبنا الصامد، وجيشنا ولجاننا الشعبية، ووفدنا الوطني، وكل الشرفاء سنضع الحصان في مكانه الصحيح من العربة لقيادتها إلى بر الأمان.