الثورة نت /..
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية نص المكالمة التي جمعت الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ورئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير والتي تحدثا فيها عن الاستعداد لغزو العراق سنة 2003.
ووفقا لما كتبته سارة هليم، زوجة كبير مستشاري رئيس الوزراء البريطاني جوناثون باول في هذا الوقت، والتي سمعت المكالمة بحكم منصب زوجها، في مقال لها بالصحيفة عبر موقعها الإلكتروني، ونشرته صحيفة “الغارديان”، الاثنين 4 يوليو/تموز، فإن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش اتصل ليلة شن الحرب على العراق بتوني بلير، حيث سأله بوش عن استعداده للمشاركة في تلك الحرب.
وقالت “هليم” إنها كتبت جزءا من تلك المحادثة في عمل مسرحي يسمى “الولاء”، وتم عرضه في لندن في العام 2011، وأشارت إلى أن جون شيلكوت، رئيس لجنة التحقيق في الحرب على العراق، والذي نشر تقريره هذا الأسبوع، حضر المسرحية برفقة موظفيه، وأخذ العديد من الملاحظات.
وأشارت إلى أن شيلكوت رأى بأن الطابع والحوار والإيماءات وجميع عناصر السلوك البشري التي تتواجد في العمل على الارجح قد أخذت في الاعتبار عند التحقيق.
وأوضحت، أن تواجدها في منزل واحد مع رجل يعيش مع رئيس الوزراء البريطاني، جعلها تعرف جيدا ملامح شخصية توني بلير، الذي كان دائم الاتصال بزوجها في ساعات الليل والنهار.
وكتبت زوجة جوناثون باول، أنه ومع نهاية الحرب على العراق، رحل العديد من الشخصيات بعيدا عن المشهد وأبرزهم ريتشارد ديرلوف، رئيس المخابرات البريطانية M16، الذي نجحت في تجسيد شخصيته جيدا في العمل المسرحي الذي كتبه مايكل سيمكينز، لافتة إلى أن الدراما لم تكن كاملة، لاسيما في غياب شخصية جورج بوش، وعلاقته الخاصة مع توني بلير، بالإضافة إلى مكالمة “ركلة الحمار” الشهيرة، التي جاءت عشية غزو العراق.
وأكدت “سارة هليم” أن تلك المكالمة جاءت في العاشرة مساء، حينما كان أطفالها الصغار في الحمام بالطابق السفلي، مشيرة إلى أن بلير، حاول خلالها إقناع بوش بالانتظار لقرار أممي ثان خاص بالعراق، وقد فشل في ذلك.
وكانت سارة، بحكم إقامتها مع باول، تسمع بين الحين والآخر مكالمات بين بلير وباول أو مكالمات يستمع إليها باول بحكم عمله.
وفيما يلي النص الكامل للمكالمة بين توني بلير وجورج بوش، كما نقلتها “هليم” في مقالها بالصحيفة البريطانية:
– صوت عسكري أمريكي لـ”بلير”: السيد رئيس الوزراء، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يرغب في الحديث إليك.
– بلير: أهلا، كيف حالك؟
– بوش: أنا بخير، بخير. ولكن، الأهم، كيف حالك أنت؟ إنك غاية في الشجاعة، حقا. لغة جسدك، فعلا، أنا شاهدتك على التلفاز، رائع. سيتم تذكر هذه القيادة الحقيقية، صدقني.
– بلير: نعم، ولكن الأمر صعب أحيانا، صدقني، ولكنك أيضًا تحسن صنعا.
– بوش: من، أنا؟ أنا مستعد لإيقاع العقوبة.
– بلير يضحك في (توتر) بعد إبداء الإعجاب المتبادل، بالذات فيما يتعلق بلغة جسديهما، حاول بلير أن يلقى بورقة ويطرح موضوع الفرنسيين، فقد كان الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك يثير المشاكل ويعارض قرارا أمميا ثانيا، على حد قول بلير.
– بوش: نعم، ولكن ماذا فعل الفرنسيون لأحد أبدا؟ أية حروب كسبوها منذ الثورة الفرنسية؟
– بلير: نعم، صحيح، صحيح.
المزيد من الدعابات والنكت السيئة عن الفرنسيين، ثم حاول بلير مرة أخرى.
– بلير: إذن… ماذا نفعل الآن؟
– بوش: أود أن ينتهي موضوع القرار الثاني يوم الجمعة، علينا إنهاء الأمر.. إنهاء الأمر مع تشيلي والمكسيكيين.. إغلاقه تماما.
صمت وصوت تنفس
بلير: نعم، حسنا، دعني أشرح كيف نرى الأمر، أريد أن آخذ الأوروبيين معي، فيوم الجمعة قد يكون من المبكر.
– فترة صمت طويلة، صوت حديث في المكتب بوش، وبعد قليل تسمع سارة صوت “بوش” يلتقط السماعة مرة أخرى ويغير الموضوع فجأة ويتحدث عن رئيس وزراء روسيا آنذاك فلاديمير بوتين، ويسخر الرجلان من هانز بليكس، مفتش الأسلحة الأممي الذي لم يجد دليلا على وجود أسلحة دمار شامل، والذي وصفه بوش بـ”عديم القيمة”، ثم تحدث عن معلومات استخباراتية مزعومة عن أسلحة دمار شامل كان ينوي صدام حسين التخلص منها.
– بوش: أتعلم؟ يمكننا الإيعاز بذلك ونتأكد من أن شيراك يسمع به، وأنت تريه عندما يصل صدام، واصفا إياه قائلا باللغة الانجليزية And when that son of a bitch hits Europe، فسيقولون أين جورج وطوني؟
صوت ضحك،
بلير: علينا أن نجعل الناس تفهم أننا لن نحارب لأننا نريد الحرب، ولكن لأنه ليس هناك بديل.
– بوش: نعم. وعندي خطاب كبير غدا فسأقول كلمات مثل هذه. ولكن علي فعل شيء حيال لغة جسدي، ولكن لغة جسدك ممتازة، كيف تفعل هذا؟ وبات من الواضح أن محاولة بلير إقناع بوش بانتظار القرار الأممي الثاني وبالتالي تأجيل الحرب قد فشلت.
ولكن قبل أن يغلق بوش الهاتف قرر أن يدعم بلير مرة أخرى، حيث قال بوش: ولكن لتعلم يا توني أن الشعب الأمريكي لن ينسى ما تفعله أبدا، يقول الناس لي هل رئيس الوزراء بلير حقا معك على طول الطريق؟ هل تثق به؟ وأنا أقول نعم، لأنني أعرف حس القيادة حين أراه، والشجاعة الحقيقية، هو لن يخذلنا.
يضحك بلير مرة أخرى دون أن يعلم كيف يرد،
– بلير: قد تكون هذه هي الكلمات التي ستنقش على ضريحي.
بوش ضاحكا: مثل أرقد في سلام، هنا يرقد رجل شجاع، هل هذا ما تقصده؟
بلير بصوت متوتر: نعم، صحيح، وهنا قام بلير بمناشدة أخيرة لبوش، هذه المرة لأجل كلمات عن عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي كان يأمل بلير في أن تكون مقابلا أمام الحرب، ولكن كان بوش متعجلا لإنهاء المكالمة عند هذه النقطة، حيث قال علي الذهاب إلى تكساس الآن، ولكن تماسك، أنت شجاع.
وقالت هليم إنه عقب الصمت الذي خيم على المكان عقب نهاية المكالمة، تخيلت بلير وهو يجلس وحيدا، ويتخيل قبره، كما أنه يفكر في احتمالية خسارة تأييد مجلس العموم البريطاني الذي حصل عليه، مقابل انتظار قرار أممي ثان، أم يفكر في المكالمة التي جاءت من رجل يشيد بلغة جسده.
وأضافت: “لكن دون شك هذه المكالمة ساهمت بشكل كبير في رسم شخصية توني بلير، وكيف إنه ضم بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة في حربها على العراق”.
وأشارت زوجة كبير مستشاري رئيس الوزراء البريطاني جوناثون باول إلى أنه ربما تلك المكالمة جعلت بلير يفكر كثيرا في الاعتقاد الذاتي بنفسه، ولكن في الدقيقة الأخيرة ربما شعر بلير بأنه يبدأ مشوار موته سياسيا، حسبما جاء على لسانها.
المصدر: صحيفة “الغارديان” البريطانية