يطلعنا الدكتور/ عبد الحميد الصهيبي – مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة العامة والسكان، في سياق حديثه حول الإيدز، على معلومات قيمة مفيدة للمجتمع عن هذا المرض، محدداً ما يلزم على المرضى المتعايشين مع الإيدز وحاملي العدوى اتباعه من إرشادات غذائية صحية في شهر رمضان المبارك، والضوابط والأخلاقيات الكريمة التي يُبنى عليها التعامل مع هذه الشريحة من المرضى، حيث يقول: الإيدز مرض شديد الضراوة وخيم.. أجمع الأطباء المختصين والباحثين ومنظمة الصحة العالمية على اعتباره مشكلة قائمة لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها، وإن اتسم بالمحدودية في مجتمعنا ، إلا أن فيه من العبء الكبير على كاهل الفرد والأسرة.
وللأسف، البعض معلوماته عن الإيدز منقوصة، قد تلتبس ببعض الأحكام الخاطئة والمفاهيم غير الصحيحة .
ويضيف تظهر أعرض مرض الإيدز ؛ حيث يهاجم الفيروس الخلايا المناعية في جسم الإنسان، مما يؤدي إلى إتلاف جهاز المناعة لديه ويجعله عرضة ً للإصابة بالعديد من الأمراض الإنتهازية الخطيرة، ومن أهم هذه الأعراض: ارتفاع درجة حرارة الجسم مع تعرق ليلي غزير يستمر لعدة أسابيع دون سبب معروف.
– وتضخم العقد اللمفاوية لا يعرف سببه وخاصة ًالموجودة في العنق والإبـط وثنية الفـخذ.
بالإضافة إلى إسهال سببه ليس واضحاً يستمر عدة أسابيع.
– وسعال جاف يستمر عدة أسابيع دون سبب معروف.
ويصاحب هذه الأعراض في بعض الأحيان اعتلال عام في الصحة وشعور بالإنهــاك.
وعلى الرغم من تواصل محاولات الباحثين والعلماء لتطـوير لقاح فعـال، أو علاج يُحقق الشفاء من مـرض الإيدز، فإنهم لم يتمكنوا من تحقيق ذلك حتى الآن ؛ ولكن تبقى الوسيلة الفعالة للوقاية منه هي التمسك بالقيم الدينيـة والأخــلاقية التي تحصــر الممارسة الجنسية فــي إطار العلاقة الزوجــية الشرعية. وكفى بالقرآن واعظاً. حيث يقول الخالق سبحانه وتعال: ” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً”(سورة الإسراء- الآية23) .
حيث أن الاتصال الجنسي غير المأمون، سواءً بين أفراد الجنس الواحد أو الجنسين ، كالزنا واللواط هو الأبرز والأكثر شيوعاً لنقل ونشر فيروس الإيدز، ومع ذلك فالعدوى يمكن أن تنتقل بصور أخرى مغايرة، عبر نقل دم متبرع به ملوث أو مشتقاته، أو نقل أعضاء متبرع بها من إنسان مصاب إلى آخر غير مصاب، أومن خلال استعمال الحقن الملوثة، أو بتداول استخدام الأدوات الثاقبة أو الجارحة للجلد وذلك مع حاملي الفيروس.
كذلك ينتقل فيروس الإيدز نتيجة عدم تعقيم الأدوات التي يستخدمها أطباء الأسنان والأدوات التي تستخدم في المجارحة والحجامة والوشم وكذا أداة خرص أو ثقب الأذن.
يـدخـل أيضاً تـحـت هـذا النمـط من العــــدوى، إدمـان الـمـخدرات، فـهي قضــية ذات صلـة وثـيقـة بانـتـشــار الإيــدز، لأن مــتعــاطـي الـمخـدرات يـلـجأ إلى اسـتخـدام إبـرٍ مـلــوثـة يــشتــرك فـــي استخدامهـا مع الآخرين لتعـاطي المـخدر عـبر الوريد.
كما إن انتقال الـعــدوى مــن الأم الـحـامل إلــى جـنـينها أو وليـدها واردٌ أثـــنـاء الحمل أو مـع الوضـع أو أثناء الرضاعة، ويتراوح خطـر انتقـال الفيروس بهذا النمـط من الـعدوى ما بين(25-40%).
بينما إذا استخدمت الأم الحاملة للفيروس هذه الأدوية فإنها تقلل من نسبة انتقاله إلى جنينها إلى أقل من(1%).
ومن حسـن الحـظ أن مـرض الايدز لا ينتقل إلا مـن خلال الممارسات غـير المـأمونة، ولا تنــتقل عـدواه مطلقاً عن طريق: المخـالـطة الـعـارضـة أو الاتـصـالات الشـخصـية فـي مـحيـط الأســرة أو العمل الاجتـماعي أو المدرسـة ولا من خلال المصافحة أو العناق.
ولا عن طريق الأكل أو الشرب أو من خلال صنابير المياه أو المســابح.
أو استعمال وسائل المواصلات العامة أو استخدام أجهزة الهاتف أو من خلال المـــلابس.
أو العطس أو السعال أو بواسطة الحشرات كالذباب والبعوض.
صيام المصاب
وعلى الطرف الآخر، تتحدد قدرة المتعايشين مع الإيدز على صيام شهر رمضان المبارك بناءً على الوضع الصحي لكل حالة.
وعليه ينبغي عليهم استشارة الطبيب المختص لتحديد قدرتهم على الصوم من عدمه.
وهنا أنصح المتعايشين مع فيروس الإيدز بتناول الأطعمة المفيدة التي تزيد من قوة الجهاز المناعي، بالإكثار من الخضراوات والفواكه والعصائر الطبيعية الطازجة لاحتوائها على الفيتامينات والعناصر المهمة للجسم الداعمة لجهاز المناعة.
* نغتنم الإشارة- في هذا اليوم المبارك من الشهر الكريم- إلى أن الناس لا يكفهم معرفة أن الإيدز خطير، لا علاج يشفي منه، وأن عدواه تنتقل عبر العلاقات غير الآمنة أو عبر نقل دمٍ ملوث بفيروس المرض دون محو المفاهيم المغلوطة والخاطئة عن هذا المرض، التي تحمل الكثيرين على النفور الشديد من المرضى وممارسة الوصم والتمييز ضدهم، لدرجة أنه وصل بالبعض إلى حد التجرد من إنسانيته وأخلاقه لدى تعامله مع هذه الشريحة من المرضى.
هذه النظرة المشوشة عن المصابين بالإيدز تجذرت في أذهان وعقول الكثيرين، ساهم فيها تدني الوعي الصحي في أوساط المجتمع.
إذ ليس من الإنصاف وصف المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري(الإيدز) بأي وصفٍ سيئ أو نعتٍ ممقوت، أو التعسف ضدهم والإسفاف والقهر، أو طردهم من أعمالهم، أو حرمانهم من حقوقهم المادية والاجتماعية، فهذا أمر ينكره الإسلام دين الرحمة، وما كان ليقبل به رسول الهداية (صلى الله عليه وسلم) وهو الذي قال:” الظلم ظلمات يوم القيامة”. كما يقول المولى عز وجل في الحديث القدسي على لسان نبيه الكريم(صلى الله عليه وسلم): ” يا ابن آدم إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماً بينكم، فلا تظالموا..”.
فالأحرى أن يبدأ كل منا بداية جديدة لا ظلم فيها ولا قدح ولا وصم لدى التعامل مع هذه الشريحة من المرضى، وما أروع بَدء هذا الالتزام والتحول الإيجابي في هذه الأيام من شهر رمضان الفضيل الذي تتجلى فيه قيم التكافل والـتآزر والرحمة ؛ وعند شعورنا فيه أثناء الصيام بالجوع والعطش نستشعر آلامهم ومعاناتهم، فحسبهم وما يعانونه من هذا المرض الوخيم.
فهذا أسلم للعيش بصورة إيجابية.. يهون على مرضى الإيدز وحاملي العدوى مصابهم ويقلل مخاوفهم ويزيل عنهم الاكتئاب والشعور بالمقت أو الوصم؛ ويعد حافزاً لهم للعيش بسلام.
وما أحوجنا إلى التمسك بأخلاقيات ديننا الحنيف الذي دعانا إلى التحلي بكرم الأخلاق وحسن معاملة الآخرين.
وأجد في الختام الفرصة مناسبة لدعوة أهل الخير للمساهمة والبذل والعطاء من أجل التخفيف من معاناة الكثير من المحتاجين، ففي هذا الشهر يعظم الأجر والثواب عند الله.
Next Post